«كباش» العهد في نهاية ايامه مع «خصومه» في الداخل يتصاعد رويدا رويدا بانتظار يوم «الانفجار الكبير» في 31 تشرين الاول المقبل. الا اذا حصلت «المعجزة». «لعبة عض الاصابع» على اشدها مع رفع متبادل «للسقوف» في غياب اي تفاهمات ممكنة على الحكومة الجديدة وعلى الرئيس العتيد حيث يتقدم الفراغ على كل ما عداه تواكبه انهيارات متتالية لمقومات الدولة، وللعملة الوطنية، وسط غياب شبه تام للاهتمام الدولي والاقليمي بالشان اللبناني الا ما يرتبط بملف الحدود الجنوبية للضغط على المقاومة، وملف «الترسيم» الذي سيشهد في الساعات القليلة المقبلة تطورات لن تكون حاسمة ولكن يمكن ان يبنى عليها لاستشراف المرحلة المقبلة، وفق ثابتتين، الاولى ان اسرائيل لا ترغب بالتصعيد، وتبحث عن مخارج لحفظ «ماء الوجه» ولكنها «تراوغ»على ابواب الانتخابات التشريعية، والثانية ان حزب الله ليس في وارد اعطاء احد اي ضمانات طالما ان الاتفاق مع الدولة اللبنانية لم ينجز بعد.
الهروب الى الامام
في ملف «الترسيم» بات واضحا ان اسرائيل تحاول «الهروب الى الامام». قراران مفاجئان في الساعات القليلة الماضية يؤشران الى ذلك، الاول الاعلان عن زيارة خاطفة «للوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت اليوم، والاعلان ايضا عن تاجيل استخراج الغاز من حقل «كاريش»، هوكشتاين الذي لم تكن بيروت على جدول اعماله هذا الاسبوع قرر العودة عن قراره بعدما طالب الاسرائيليون بضمانات لبنانية رسمية بعدم قيام حزب الله باي تحرك جديد باتجاه المنصات البحرية في المدة الزمنية الفاصلة عن الاتفاق طالما ان الاستخراج من «كاريش» قد تأجل. وهو عاد الى اسرائيل مساء امس، وفقا لوسائل اعلام اسرائيلية، للاستماع الى طروحاتها حيال بعض النقاط العالقة، وقد التقى مستشار الأمن القومي و مدير عام وزارة الخارجية.
لا «ضمانات» من حزب الله
ووفقا لمصادر معنية بالملف، من غير المتوقع ان يحمل هوكشتاين اجوبة نهائية على المطالب اللبنانية، ولذلك لن يحصل في المقابل على اي ضمانات من احد وخصوصا حزب الله حيال كيفية التعامل مع هذا الملف في الفترة الفاصلة عن التسوية المفترضة. فالمقاومة لن تسحب عن «الطاولة» اهم «سلاح» ضاغط في المفاوضات ولن تمنح الاسرائيليين اي ضمانة خصوصا ان رغبتهم في «المماطلة» واضح للعيان، وثمة توجه واضح لتاجيل اي اتفاق الى ما بعد الانتخابات المزمعة في الاول من تشرين. الثاني المقبل ولهذا سيتلقى الاميركيون جوابا واضحا مفاده ان لبنان لا يمكن ان يكون رهينة للاجندة الداخلية الاسرائيلية، ولديه استحقاقات داهمة ايضا حيث من الممكن ان تدخل البلاد في حالة «فراغ» رئاسي وفي ظل حكومة تصريف اعمال ما سيعطل حكما امكانية التوقيع على اي اتفاق. وفي الخلاصة لن يحصل الاميركيون على ضمانة بكيفية تعامل حزب الله مع الاحداث وسيتصرف انطلاقا من المصلحة الوطنية العليا للحفاظ على الثروة الوطنية.»ونقطة على السطر». واذا كانت التقديرات الإسرائيلية تفيد بان «لا مصلحة لحزب الله بتصعيد عسكري» الا ان ضباطا في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يؤكدون إنه يصعب معرفة كيف سيتصرف حزب الله في حال بدأ استخراج الغاز من حقل «كاريش» من دون التوصل إلى اتفاق ترسيم حدود.
تعليق «الاستخراج»!
وفي قرار سياسي – عسكري «غلف» باسباب تقنية تراجعت اسرائيل امام تهديدات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، واعلن مسؤولون أمنيون وسياسيون إسرائيليون عن تبلغهم من شركة «إنرجيان»، التي تشغل منصة استخراج الغاز في حقل «كاريش»، أنه لا يمكن البدء باستخراج الغاز خلال شهر أيلول الحالي، كما كان مقررا، وإنما في منتصف أو نهاية تشرين الأول المقبل. وقالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، ان لدى اسرائيل مصلحة كبيرة بأن يتم استخراج الغاز بأسرع ما يمكن. وزعمت ان الامر يصطدم بشكل طبيعي بخلل ميداني وهذا سبب التأخير ولا توجد أي علاقة لذلك بالمفاوضات.
نقاط «صغيرة» عالقة؟
وفيما اكدت وزيرة الطاقة الإسرائيلية ان المداولات ما زالت جارية حول «الترسيم» ولا توجد تفاهمات نهائية بعد، نقلت صحيفة معاريف «الاسرائيلية» عن مصادر مقربة من المفاوضات قولها إن الخلافات بين إسرائيل ولبنان بشأن الحدود البحرية «صغيرة جدا» ولا يوجد سبب لعدم التوصل إلى اتفاق قريبا.ووصف مسؤولون إسرائيليون زيارة هوكشتاين للمنطقة بأنها «بالغة الأهمية وحاسمة» وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن «الوسيط» الاميركي سيبحث في حلول للقضايا التي ما زالت محل خلاف. وقال «نريد ضمان ألا يتغير القسم في الحدود البحرية القريب من الشاطئ، وأن تحصل إسرائيل على حقوقها الاقتصادية في حقل الغاز المحتمل في المنطقة المختلف حولها». ووفقا لـموقع «واللا»، فإن الخلاف بين الجانبين هو حول منطقة تصل مساحتها إلى عدة مئات من الكيلومترات المربعة في شرقي البحر المتوسط وتتواجد فيها مخزونات محتملة من الغاز الطبيعي التي تحقق أرباحا يمكن أن تبلغ مليارات الدولارات..
«سيناريوهات» واسئلة تشكيكية؟
في هذا الوقت كشفت صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية ان هوكشتاين تحدث في أثينا مع مسؤولين إسرائيليين كبار كي يغلق تفاصيل أخيرة حول دور شركة التنقيب «انرجين» في حقل «كاريش». وقام ايضا بخطوة مشابهة مع شركة «توتال» الفرنسية، لتفعيل الحقل اللبناني. وتوقعت الصحيفة تاجيل «الصفقة» الى ما بعد الانتخابات في إسرائيل ، ونهاية ولاية الرئيس ميشال عون. يترافق ذلك مع اعلان رسمي اسرائيلي عن وقف التنقيب في» حقل كاريش»، بينما يصدر المسؤول اليوناني عن شركة “إنرجين” بياناً عن انتظار حتى إنهاء ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين والتزام واضح وصريح من كل الأطراف للحفاظ على الأمن والهدوء في منطقة حقول النفط. اما اللبنانيون؟ سيسكتون أغلب الظن. حسب تعبير الصحيفة التي تساءلت من نصدق؟ نصر الله الذي يهدد بـ «مفاجأة سيئة لإسرائيل»، أم بيني غانتس الذي يحذر اللبنانيين لكنه يقصد حزب الله، أم هوكشتاين الذي يبقي الأوراق قريبة من الصدر ويعلن بأنه «متفائل جداً»؟.
«رعب» الصواريخ
واذا كان حزب الله لا يشكل تهديداً وجودياً على إسرائيل، بحسب صحيفة «اسرائيل اليوم» فانه لا يجدر الاستخفاف بالاثر الهدام لعشرات آلاف الصواريخ، مؤكدة ضرورة التنسيق والتفاهم مع الولايات المتحدة بالنسبة لمدى الرد الإسرائيلي وشدته. وفي هذا السياق، قال القائد الجديد للمنطقة الشماليّة في جيش الاحتلال ، الجنرال أوري غوردين، ان كميات الصواريخ التي سيقوم حزب الله بإطلاقها في الحرب القادمة مع إسرائيل ستكون عشرة أضعاف ممّا كانت عليه في الماضي، واضاف «حسب المعلومات الرسميّة التي نملكها فإنّ حزب الله، وفي اليوم الأوّل للحرب، سيقوم بإطلاق أكثر من أربعة آلاف صاروخ باتجاه العُمق الإسرائيليّ، أيْ يوميًا، وسيستمِّر بإطلاق هذه الكمية الضخمة من الصواريخ لفترةٍ لا نعرفها».
استهداف المنشآت الحيوية
وأضاف الجنرال غوردين، في مقابلةٍ مع موقع «واللاه» نُشِرت امس الخميس مقاطع منها، على أنْ تنشر كاملة اليوم، أنّه في الأيّام التي ستلي الرشقة الأولى سيبدأ حزب الله بإطلاق ما بين 1500 حتى ألفيْ صاروخ في اليوم، وهذه الكميّات بحدّ ذاتها نعتبرها كمياتٍ ضخمةٍ ولم نتعوّد عليها ولم نتعرّض لها من ذي قبل. وفيما يتعلّق بالصواريخ الدقيقة التي يملكها حزب الله، قال الجنرال غوردين «هذه الصواريخ الدقيقة ستُطلَق باتجاه المنشآت الإستراتيجيّة الإسرائيليّة في عمق الكيان، والحديث يجري عن منشآتٍ مدنيّةٍ وعن منشآت عسكريّة، بالإضافة إلى أنّ الصواريخ الدقيقة التي يملكها حزب الله ستستهدِف الوزارات الإسرائيليّة، أوْ منشآت الطاقة، مثل شركة الكهرباء. واقر الجنرال الإسرائيلي، الذي سيبدأ في قيادة المنطقة الشماليّة يوم الأحد المقبل،ان قسمًا من الصواريخ سيُصيب الأهداف في المناطق المدنيّة المأهولة وسيؤدّي لإصابات كبيرة، وخصوصًا إذا لم نتمكّن من اعتراض هذه الكمية الهائلة من الصواريخ. وخلص غوردين الى التأكيد بان الجيش الاسرائيلي أنهى قبل عدّة أيّام مناورة كبيرة تُحاكي حربًا على عدّة جبهات وستكون الجبهة الشماليّة مع حزب الله، هي الجبهة المركزيّة.
هل يتنحى البيطار؟
داخليا وفي تغيب السياسة، ويتواصل الانهيار الاقتصادي، يتفاعل النزاع القضائي الذي يهدد بنسف التحقيق في ملف انفجار المرفأ، وقد تابع اهالي ضحايا تفجير المرفأ تحركاتهم بوقفة احتجاجية على قرار مجلس القضاء الأعلى بتعيين محقق عدلي رديف، فيما تتجه الانظار الى موقف المحقق العدلي الأصيل القاضي طارق البيطار الرافض بشدة للقرار ويعتبره كانه «غير موجود»، وبحسب معلومات «الديار» يتجه البيطار الى التنحي عن مهامه اذا ما اوصدت في وجهه كل سبل الطعون القانونية. وفيما علل مجلس القضاء الأعلى اتخاذ القرار بخدمة حالة إنسانية مرتبطة بالموقوفين، انتقد نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب قرار مجلس القضاء الاعلى واعتبره مسيسا، متهما اياه باجراء صفقة سياسية لن تحل الازمة القضائية، علما انه يخالف بذلك، موقف التيار الوطني الحر الذي يدعم هذا القرار. وفي السياق نفسه رأى الحزب التقدمي الاشتراكي ان إقتراح تعيين محقق عدلي رديف، هو أمرٌ لا يستقيم مع القانون اللهم إلا إذا كان في الأمر «صفقة سياسية مشبوهة» تهدف إلى إغلاق ملف التحقيق، أو بقصد تمرير قرارات إخلاء سبيل موقوفين محسوبين على جهات سياسية معينة قبل انتهاء العهد.
تضارب صلاحيات!
وفيما تكبر «كرة نار» لم يتصاعد الدخان الابيض لتعيين القاضي الرديف علما انه من المتوقع تعيينه مطلع الاسبوع المقبل، وقد تداول رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود مع وزير العدل بالاسماء المقترحة امس، علما ان الخلاف القانوني مستمر حول قانونية القرار وصلاحيات القاضي الرديف، وفيما اكد عبود ان القرار اتُّخذ وعمل القاضي الجديد سيكون البت بطلبات تخلية السبيل او طلبات نقل موقوف مثلا وليس التحقيق بالملف او البت بالدفوع الشكلية، تؤكد مصادر قانونية ان لا قانون يستند لهذا التعيين او يحدد ماهية القضايا الملحة التي ينظر بها القاضي، ومن الاسئلة الشائكة، من يفصل بين البيطار والقاضي الرديف اذا ما اختلفا؟
«فضيحة» اليونيفيل!
في هذا الوقت يعمل «بصمت» بين المقرات الرسمية للملمة فضيحة ادخال تعديلات على قرار التجديد لقوات اليونيفيل، وفيما اقرت مصادر وزارة الخارجية بوجود خلل في متابعة الموضوع، لم يعرف حتى مساء امس من المسؤول عن تاخير الرد اللبناني برفض التعديلات، الخارجية او رئاسة الحكومة؟ وفيما توقعت مصادر مطلعة «لفلفة» الموضوع لعدم اثارة «مشكل» سياسي في البلد، تحرك وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وابلغ قيادة اليونيفيل بضرورة استمرار التنسيق الميداني مع الجيش اللبناني كي لا تحدث اي صدامات غير مرغوبة على الارض، وقد سمع كلاما مطمئنا في هذا السياق. بينما ابلغ الفرنسيين من يعنيهم الامر انهم ليسوا في صدد القيام باي تحركات استفزازية في الجنوب. علما ان الناطق الرسمي باسم اليونفيل اندريا تيننتي قد اكد ان مجلس الأمن الدولي يقرر تجديد ولاية اليونيفيل، ونحن فقط ننفذ.
«رسالة» روسية؟
وتوقفت مصادر دبلوماسية عند موقف روسيا والصين من التعديلات الجديدة واشارت الى انه للمرة الاولى لم يعترضا على توسيع صلاحيات القوات الدولية بحيث أعطيت حرية القيام بعمليات تفتيش ودوريات ضمن منطقة عملها من دون حاجة إلى إذن مسبق من الجيش اللبناني أو مؤازرته. ولفتت الى ان هذا المطلب الذي كانت تطرحه واشنطن عند استحقاق التمديد لليونيفيل كل عام، كان يسقط «بالفيتو» الروسي -الصيني – الروسي لكن على ما يبدو ارادت موسكو هذه المرة توجيه «رسالة» ديبلوماسية قاسية للبنان ردا على موقفه من الحرب في اوكرانيا وتماهت بكين مع موقفه. ووفقا لتلك الاوساط، لا بد للديبلوماسية اللبنانية ان تتوقف مليا عند هذه الخطوة التي تعد الاكثر حدة من قبل موسكو الذي يعود سفيرها الى بيروت اليوم وتنتظره اسئلة كثيرة من قبل لبنان الرسمي وغير الرسمي؟
«انفجار» بعد تشرين؟
في هذا الوقت يستمر التعثر السياسي في البلاد على وقع تصعيد تدريحي في المواقف يخشى ان تنفجر في «الشارع» بعد نهاية الولاية الرئاسية في تشرين الاول المقبل، وفي هذا السياق ابلغ رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي رئيس الجمهورية ميشال عون رفضه اقتراح تشكيل حكومة من 30 وزيراً، من بينهم 6 وزراء دولة من السياسيين، وهذا ما اقفل «الابواب» امام احتمال حصول تفاهم على الحكومة الجديدة بحسب مصادر مطلعة اكدت وجود تحذيرات امنية من استخدام الشارع من قبل «التيار الوطني الحر» لمواجهة الفراغ الرئاسي، ووفقا للمعلومات وضع «التيار» خطة تحرك سياسية وقانونية وشعبية، رفضا للاعتراف بشرعية الحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، تحت عنوان رفض وضع اليد على صلاحيات الرئيس المسيحي، ورفضا لما يعتبره التيار الوطني الحر اخلالا بالتوازنات الطائفية في البلد. في المقابل يصر ميقاتي ومن خلفه الرئيس بري على اعتبار ان صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل حكماً بالوكالة إلى مجلس الوزراء مجتمعاً عند تعذر انتخاب رئيس جديد، بصرف النظر ما إذا كانت الحكومة تتولى تصريف الأعمال، ولدى هذا الفريق اجتهادات دستورية تؤكد ان لا مانع قانونيا من انتقال هذه الصلاحيات، ولا يمكن الرضوخ «لذريعة» أنها ليست مكتملة المواصفات. هذا «الكباش» براي تلك المصادر يضع البلاد امام «برميل بارود» لا يمكن التكهن بنتائج انفجاره، ويبقى التعويل على تحرك خارجي ينتج «تسوية» يمكن ان يؤدي الى فرض تفاهمات داخلية تبدو «مستعصية» حتى الان.