كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: تحت ضغط لعبة “شدّ الحبال” على حلبة الترسيم البحري مع إسرائيل، والخشية من انزلاق الحرب النفسية إلى حرب عسكرية ضارية ستشكل حال وقوعها “مأساةً للدولة اللبنانية ومواطنيها” كما توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي أمس في معرض تطرقه إلى احتمال أن “يجرّ “حزب الله” إسرائيل إلى صراع مسلّح”، تولى نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب مهمة “استنطاق” الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قبيل إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس، لكنه وخلال الاتصال المطوّل مع هوكشتاين، أخفق بو صعب في مهمته ولم يتمكّن من أن يحصل “لا على حق ولا على باطل” ولا أن يأتي بالجواب الشافي لـ”حزب الله” عدا عن تكرار تأكيد الوسيط الأميركي متابعة عملية التواصل مع المسؤولين الإسرائيليين، على أن “يعاود التواصل معه خلال أسبوع لاستيضاح بعض النقاط تمهيداً لوضع تصورّه خطياً” حيال الجواب الإسرائيلي على الطرح اللبناني الرسمي.
وأمام استمرار الضبابية في أفق الترسيم، أطل نصرالله عبر شاشة الاحتفالية التي أقامها “حزب الله” في ذكرى مرور 40 عاماً على تأسيسه، والتي استُهلّت بعرض مسرحي توثيقي يحاكي عمليات “الحزب” العسكرية والحروب التي خاضها في الجنوب وسوريا، مروراً بحرب تموز من العام 2006 انطلاقاً من لحظة اختطاف الجنود الإسرائيليين واستهداف البارجة الإسرائيلية “ساعر 5″، ليرسم خارطة أهداف “حزب الله” في المرحلة المقبلة “التي تحدد مصيرنا جميعاً”، وفي مقدمها ما يخص “الاستحقاق الداهم خلال الأيام القليلة المقبلة” والمتصل بملف الترسيم البحري مع إٍسرائيل، لكنه آثر التريث في تحديد “إحداثيات” المرحلة بين التصعيد والتبريد على الجبهة الجنوبية… على أساس أنّ من انتظر “عشرات السنين” يستطيع أن ينتظر “كم يوم بعد”.
أما في العناوين العريضة لتوجّهات “حزب الله” على مستوى الساحة الداخلية، فحسم نصرالله ديمومة معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” في الدفاع عن لبنان، بغض النظر عن ذكرها في البيان الوزاري من عدمه باعتبارها أصبحت “معادلة ثابتة”، مجدداً التشديد على أنّ “الحزب” عازم على “تطوير بنيته ومقدراته العسكرية ومواكبة أحدث التقنيات والتكنولوجيا الخاصة بالتسلح”، وأكد في الوقت عينه الاتجاه نحو “إعادة النظر” في مقاربة التعاطي مع ملف الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وكفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر، معرباً في هذا السياق عن التصميم على تحريرها في المرحلة المقبلة وعدم الاكتفاء بالعمليات التذكيرية التي شنها “حزب الله” في المرحلة السابقة، ليجدد القول رداً على انتقاد عبارته “ألله مكلفني” الدفاع عن لبنان في إحدى إطلالاته الأخيرة: “نعم ألله مكلفنا”.
في الغضون، تتواصل مآسي اللبنانيين وتتوالى مصائبهم المعيشية والاقتصادية والمالية تحت وطأة تفلّت سعر صرف الدولار من عقاله في السوق السوداء، بينما السلطة تستمر في التخبط في مربع السياسات الترقيعية ولا تزال عاجزة عن انتهاج أي خطوة إصلاحية تكبح جماح كرة الانهيار المتدحرجة في مختلف الاتجاهات على الساحة الوطنية، لتواصل في المقابل الاعتماد على أجندة قضم حقوق المواطنين وقصم ظهورهم بأعباء ضرائبية جديدة، واضعةً نصب أهدافها الراهنة مسألة رفع الدولار الجمركي لتعزيز قدرتها على الصمود والبقاء في سدة الحكم.
لكن وتحت وطأة موجة الاعتراضات العارمة على تسعيرة الـ20 ألف ليرة المقترحة من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أكدت مصادر واسعة الاطلاع “فرملة موضوع زيادة الدولار الجمركي راهناً بانتظار إيجاد تسعيرة تسووية جديدة بين الرؤساء الثلاثة بما يتيح إعطاء الثنائي الشيعي الضوء الأخضر لوزير المالية ليضمّ “التوقيع الثالث” إلى توقيعي رئيسي الجمهورية والحكومة على المرسوم”، مرجحةً في هذا الإطار العودة إلى سعر 12 ألف ليرة للتعرفة الجمركية الجديدة التي كانت “نداء الوطن” قد تفردت بالكشف عنها مطلع آب الجاري.
غير أنّ المصادر نفسها، شددت على أنه “بالاستناد إلى المعايير الحسابية العلمية البحتة، قياساً على الالتزامات المالية المرتقبة على الدولة في المرحلة المقبلة، لا سيما في ما يتصل بالزيادات الموعودة لتحسين رواتب موظفي القطاع العام، فإنّ أي تسعيرة جمركية تحت سقف الـ20 ألف ليرة لن يكون بمقدورها تأمين الموازنة بين إيرادات الدولة والمستحقات المترتبة عليها”، مشددةً في ضوء ذلك على أنه “لا مفرّ أمام السلطة سوى اللجوء إلى عملية طباعة الليرة لإنقاذ نفسها والإيفاء بالتزاماتها منعاً للانهيار الشامل في المؤسسات الرسمية، علماً أنّ هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى تعاظم التضخم إلى مستويات قياسية سرعان ما ستؤدي إلى امتصاص أي زيادة في رواتب الموظفين العامين”.