كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول : إذا صدقت المعلومات والتوقعات، فإنّ “حزب الله” بصدد كبح جماح رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ولجم نوازعه التعطيلية وتقليم شروطه التعجيزية تمهيداً لاستيلاد الحكومة الجديدة في الفترة القريبة المقبلة، فهو بحسب المعطيات المتوافرة يرعى راهناً اتصالات تجري خلف الكواليس مع الأفرقاء المعنيين بغية إيجاد أرضية مشتركة يمكن التأسيس عليها لجَسْر الهوة الحكومية بين باسيل والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، انطلاقاً من معادلة “فلتكن الحكومة بأقل الشروط ولنخطو خطوات جريئة للتأليف” التي أطلقها أمس نائب الأمين العام لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم في معرض تشديده على أنّ “الربح من وجود حكومة (أصيلة) أفضل من الربح من وجود حكومة تصريف أعمال“.
وبالانتظار، عمد باسيل أمس إلى رفع مستوى الاشتباك مع الرئيس المكلف من سياسي إلى رئاسي، مستعيناً على قضاء حوائجه الوزارية بالضرب على وتر صلاحية رئيس الجمهورية في عملية تشكيل الحكومة “وحقه في إبداء الرأي في كل الوزارات مهما كانت طوائفها ومذاهبها”، بينما كان ميقاتي على المقلب الرئاسي الآخر يتشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في الطرح العوني الداعي إلى توسيع التشكيلة الوزارية وتطعيمها بوزراء دولة سياسيين، لينتقل بعد زيارة عين التينة أمس إلى قصر بعبدا اليوم حاملاً “تصوّراً معدّلاً أو تشكيلة جديدة تلتزم سقف الـ 24 وزيراً من دون أن تلحظ إضافة أي وزير دولة إليها”، كما نقلت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن”، كاشفةً أنّ بري “حريص على الإسراع في تشكيل حكومة جديدة لكنه لا يبدي حماسةً لإدخال وزراء دولة على التشكيلة الحكومية في هذه المرحلة لأن ذلك من شأنه أن يصعّب عملية التأليف أكثر ويشرع الباب أمام المزيد من التعقيدات“.
وفي هذا السياق، أوضحت المصادر أنّ مسألة توسيع الحكومة لتصبح تشكيلة ثلاثينية بعد إضافة 6 وزراء دولة من السياسيين إليها كما يطالب رئيس الجمهورية “دونها عقبات خصوصاً في ظل إعلان أطراف أساسية من القوى السياسية عزوفها عن المشاركة في الحكومة الجديدة، كـ”القوات اللبنانية” و”اللقاء الديمقراطي”، وبالتالي فإنّ هذه المسألة ستخلق إشكالية في التمثيل الوزاري السياسي على المستويين الدرزي والمسيحي، لا سيما وأنه لم يعد بمقدور “التيار الوطني الحر” الاستئثار بالحصة المسيحية الوزارية بعدما بيّنت نتائج الانتخابات أنّ “القوات” أكثر تمثيلاً من “التيار” في الشارع المسيحي“.
وإلى المشاورات الحكومية، لفتت المصادر إلى أنّ لقاء عين التينة تناول بشكل أساس المستجدات التي طرأت على ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، بحيث شرح ميقاتي لبرّي “الموجبات التي دفعته إلى إصدار بيان ينأى فيه بحكومته عن عملية إطلاق المسيرات باتجاه المنطقة المتنازع عليها”، واضعاً إياه في “أجواء الضغوط الدولية التي مورست على الحكومة لاعطاء تفسيرات لما حصل ولإصدار بيان يدين هذه العملية”. وكشفت المصادر أنّ النقاش تركز خلال اللقاء حول الجواب الأميركي الذي حملته السفيرة دوروثي شيا إلى الرؤساء الثلاثة رداً على الطرح اللبناني الذي تبلغه الوسيط آموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، مشيرةً إلى أنّ الاتجاه الأرجح هو نحو “مطالبة لبنان بتلقي عرض أميركي خطي في ما يتصل بالأفكار الجديدة المطروحة لاستئناف مفاوضات الترسيم غير المباشرة مع إسرائيل“.
وفي الغضون، برزت أمس المداولات الفرنسية – الإسرائيلية حيال عملية إطلاق “حزب الله” ثلاث مسيّرات باتجاه حقل كاريش، إذ دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “تجنّب أي عمل” من شأنه أن يهدد العملية التفاوضية بين لبنان وإسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية، مشدداً خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في باريس على أنّ “للبلدين مصلحة في التوصل إلى اتفاق يسمح باستغلال الطاقة لصالح الشعبين، وفرنسا تساهم بالفعل في ذلك وهي مستعدة للمساهمة بالمزيد“.
ولاحقاً، أوضح لابيد أمام مجموعة من الصحافيين إثر لقائه ماكرون أنه أجرى معه “محادثات مطوّلة حول لبنان وزوّدناهم (الفرنسيين) بمعلومات حول أنشطة حزب الله”، موضحاً أنّ جزءاً من هذه المعلومات “على صلة بالهجمات” على حقل “كاريش”، مع إشارته إلى أنّ “الحكومة اللبنانية لديها اتفاق مع شركة “توتال” الفرنسية ما يمنح باريس دوراً في هذه المسألة“.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد شدد قبيل مغادرته مطار تل أبيب متوجهاً إلى فرنسا على أنه يعتزم أن يناقش مع ماكرون “ما جرى مؤخرًا في محاذاة الشواطئ اللبنانية من شن اعتداءات على منصات غاز إسرائيلية”، وأردف متوعداً: “إسرائيل لن تسمح بمثل هذه الغارات على سيادتها، وكل من يقوم بذلك عليه معرفة أنه يعرّض سلامته لخطر كان من الأفضل له تفاديه”، وطالب في هذا السياق الحكومة اللبنانية بـ”العمل على كبح جماح حزب الله أمام هذه الاعتداءات… وإلا فسنضطر نحن للقيام بذلك“.