كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: الكلّ يستعجل التأليف والكلّ يدرك استحالته… فالعهد الذي “شبّ وشاب” على ذهنية تكبيل الولادات الحكومية بشروط تياره، يستحيل عليه في آخر أيامه التسليم بقضاء التأليف وقدره بل هو سيستشرس أكثر من أي وقت مضى لحصد ما أمكنه من مغانم وحصص في “التركة الوزارية” لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وستبقى معادلة “لعيون صهر الجنرال ما تتشكل حكومة” هي المعادلة الناظمة لـ”معايير” بعبدا في التأليف من عدمه حتى الرمق الأخير، وسيبقى اللبنانيون ينتظرون على رصيف “تصريف الأعمال” حتى انتهاء الولاية العونية وانتخاب رئيس جمهورية جديد يقود البلاد فعلاً إلى ضفة “الإصلاح والتغيير“.
وبذهنية “رابح رابح” إذا شُكلت الحكومة أو لم تُشكّل، يتعاطى رئيس حكومة تصريف الأعمال المكلّف نجيب ميقاتي مع ملف التأليف باعتباره الأبقى في السراي حتى مغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا… وانطلاقاً من هذه الذهنية أقدم على “مباغتة” عون بمسودة تشكيلة وزارية يعلم أنها مرفوضة سلفاً بمجرد أنها انتزعت وزارة الطاقة من قبضة باسيل، لينعقد اجتماع بعبدا الجديد اليوم تحت سقف “شراكتهما الدستورية” في التشكيل والتعطيل حتى نهاية العهد.
وغداة “حرب التسريب” وتقاذف الاتهامات بينهما حول الجهة التي عمدت إلى تعميم مسودة التعديل الوزاري على وسائل الإعلام، استعاد المشهد الرئاسي توازنه أمس بعد “فكّ الاشتباك” الإعلامي بين بعبدا والسراي، فجرى تواصل هاتفي بين عون وميقاتي تداولا خلاله في الملف الحكومي في ضوء التشكيلة الوزارية التي قدّمها الثاني للأول، وتقرر بنتيجة الاتصال أن يزور الرئيس المكلف رئيس الجمهورية صباح اليوم لاستكمال البحث في التشكيلة وتبادل الآراء حولها.
وفي هذا الإطار، أكدت المعلومات المستقاة من دوائر الرئاسة الأولى أنّ عون سيركز في ملاحظاته على استيضاح “المعايير” التي اتبعها ميقاتي في مسودته الوزارية، لا سيما في ما يتصل بعملية “استبعاد بعض الوزراء دون سواهم واستبدال بعض الحقائب بأخرى في التركيبة الوزارية بين القوى السياسية، وتخصيص جهات حزبية بوزراء سياسيين دون غيرها”، مع تأكيد الانفتاح في الوقت عينه على “مبدأ المداورة والتعديل الوزاري لكن ضمن إطار معايير موحّدة تنطبق على الأسماء والحقائب التي ستخضع لهذا المبدأ، وإلا فلتكن تشكيلة حكومية جديدة لا تنطلق في تركيبتها من تشكيلة حكومة تصريف الأعمال الراهنة“.
وفي الغضون، تتجه الأنظار غداً إلى استضافة بيروت الاجتماع التشاوري العربي تحضيراً لقمة الجزائر، بحيث بدأ أمس توافد وزراء خارجية 21 دولة عربية إلى لبنان للمشاركة في الاجتماع باعتباره يرأس الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب، وسط تشديد أوساط ديبلوماسية على كون الوجود العربي في بيروت لا يعدو كونه “بروتكولياً لا يؤشر إلى أي تغيير في الموقف العربي المعلن والواضح إزاء الملف اللبناني، والذي لا يزال يربط بين الإصلاح ووقف الهدر والفساد، وبين المساهمة في عملية إنقاذ لبنان واستنهاضه من أزمته، بالتوازي مع الاستمرار في البحث عن السبل الآيلة إلى تقديم الدعم المباشر للشعب اللبناني من دون المرور عبر قنوات السلطة“.
وفي طليعة الواصلين، كان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي حرص على أن يخصّ قائد الجيش العماد جوزيف عون بزيارة بالغة الدلالة في مستهل جولته على المسؤولين، تأكيداً على استمرار “الدعم والمؤازرة” للمؤسسة العسكرية، بينما أثنى العماد عون على “اللفتة الكريمة” من أمير قطر بإعلانه تقديم مساهمة مالية بقيمة 60 مليون دولار لدعم عناصر الجيش اللبناني، مع التنويه في الوقت نفسه بمبادرة قطر “منذ نحو عام إلى إرسال مساعدات غذائية شهرية إلى المؤسسة العسكرية في ظل معاناتها من تداعيات الأزمة الإقتصادية التي يمر بها لبنان“.
ومساءً استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال وزير الخارجية القطري في دارته، معرباً عن تقدير الدعم القطري الجديد للجيش، والمساعدات الدورية لسائر القوى العسكرية والأمنية للمساعدة على “حفظ الاستقرار في لبنان“.