كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: على أكثر من جبهة سيقاتل ويستقتل العهد في أيامه الأخيرة لعلّ وعسى يظفر بأي “غنيمة” يجيّرها لتياره في الأشهر الأربعة المقبلة… فعلى الجبهة الحكومية سيجعل الرئيس المكلف يعاني الأمرّين في عملية التأليف ولن يدّخر جهداً لتحصيل أقصى ما يمكن تحصيله لرئيس “التيار الوطني الحر” من مكاسب ومطالب استيزارية لتحصين موقعه في السلطة بعد انقضاء الولاية العونية. وعلى الجبهة القضائية والمالية ستدخل المعركة مع حاكم المصرف المركزي منعطفات تصعيدية للدفع باتجاه “قبعه” عن كرسي الحاكمية وإلباسها الحلّة البرتقالية قبل نهاية العهد. وعلى جبهة الترسيم البحري مع إسرائيل ستصل محاولة استمالة الأميركيين إلى “أبعد حدود” على خارطة تحديد الخطوط الحدودية، طمعاً بالمقايضة المأمولة مع مسألة رفع العقوبات عن جبران باسيل، خصوصاً بعدما حُمّل الوسيط الأميركي طروحات “تسووية” شفهية من قصر بعبدا إلى تل أبيب.
وفي نهاية الأسبوع، أشاع المسؤولون الإسرائيليون “أجواء إيجابية” تؤكد الاتجاه إلى “تبريد” أرضية الترسيم والاستعداد لمناقشة الطروحات اللبنانية والتأسيس عليها، بغية التوصل “إلى حل القضية في المستقبل القريب” كما أملت وزارة الطاقة الإسرائيلية إثر اجتماع مفاوضين إسرائيليين مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين عبر تقنية “الفيديو كونفرنس”، موضحةً أنّ الاجتماع تخلله نقاش في “التوجهات البناءة للمضي قدماً في المفاوضات” في ضوء المستجدات التي نقلها هوكشتاين إثر زيارته الأخيرة للبنان. وفي هذا السياق، توقعت مصادر مواكبة للملف أن تسفر الاتصالات المكوكية التي يقوم بها الوسيط الأميركي بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي عن “إعادة إحياء طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة خلال الفترة المقبلة”، مع إشارتها إلى أنّ استئناف المفاوضات سينطلق هذه المرة “من إحداثيات الخط 23 باعتباره السقف الأعلى لمطالب لبنان الحدودية“.
ونقلت المصادر معطيات تفيد بأنّ “الإدارة الأميركية عازمة على التوصل إلى اتفاق حدودي بين لبنان وإسرائيل، بالتوازي مع وجود إرادة دولية وإقليمية مهتمّة بنزع فتائل أي انفجار محتمل في المنطقة، إدراكاً بأنّ خطر اشتعال جبهة لبنان الجنوبية لن تبقى تداعياته محصورة بهذه الجبهة بل ستكون له انعكاسات وامتدادات تهدد أكثر من ساحة إقليمية”، ومن هذا المنطلق فإن الاتجاه الأرجح بحسب المصادر هو أن تؤدي الجهود الأميركية الراهنة إلى تعبيد الطريق نحو “العودة السريعة إلى مفاوضات الناقورة لمحاولة إيجاد السبل الآيلة إلى تبديد الخلافات التقنية التي لا زالت تحول دون حل النزاع الحدودي اللبناني والإسرائيلي، تمهيداً للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى التوقيع على خرائط الترسيم النهائية بين الجانبين برعاية الأمم المتحدة“.
وفي الأثناء، ينشغل الداخل اللبناني بمحاولات التوصل إلى اتفاق حكومي بين مكونات السلطة بغية التسريع في خطوات التأليف قبل انقضاء العهد… وبينما عبّر “حزب الله” أمس عن رغبته بالتعجيل في استيلاد “حكومة الممكن” كما وصفها النائب محمد رعد، برزت في المقابل مواقف للبطريرك الماروني بشارة الراعي أمس حث فيها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على الإسراع في تشكيل حكومة “على مستوى الأحداث، تشجع القوى الوطنية على المشاركة فيها وتعزز الشرعية والنزعة السيادية والاستقلالية في البلاد وتجاه الخارج“.
غير أنّ الراعي، وخلال القداس الذي ترأسه في بازيليك سيدة لبنان في حريصا، نبّه إلى محاولات تعطيل ولادة الحكومة والتي ترمي إلى “إلهائنا” عن الاستحقاق الرئاسي، مشدداً على وجوب “الإسراع في تشكيل الحكومة لكي يتركّز الاهتمام فوراً على التحضير لانتخاب رئيس إنقاذي للجمهورية“.
وإذ دعا إلى “خفض نسبة الحقد والانتقام والكيدية والمطاردات القضائية البوليسية خلال الأشهر الأربعة الباقية من عمر العهد”، أكد الراعي في الوقت عينه على ضرورة المبادرة إلى “انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب وقت ضماناً لوحدة الكيان اللبناني، ولاستمرار الشرعية، واستباقاً لأي محاولة لإحداث شغور رئاسي“.