كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: على قاعدة “مرتا مرتا…” تلفّ السلطة وتدور حول الاستحقاقات وتتهرّب من المطلوب منها داخلياً وخارجياً بإغداق الوعود على مسامع الناس والمسؤولين العرب والدوليين بتلبية شروط الإصلاح والإنقاذ، ولم يكن الممثل المقيم لصندوق النقد المعيّن حديثاً فريديريكو ليما ليبدأ مهامه في بيروت قبل أن يختبر حفلة التكاذب والنفاق الرسمية على إيقاع اجترار المسؤولين أمامه لازمة “الالتزام بالإصلاحات المطلوبة” من الصندوق لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان.
وإذا كان “ألف باء” الإصلاح يبدأ من المؤسسة التنفيذية باعتبارها حجر الزاوية واللبنة الأولى في البنية الإصلاحية المنشودة، فإنّ “معاول” أهل الحكم تواصل أعمال “الحفر” تحت الاستحقاق الحكومي لزعزعة أساسات عملية التغيير في التركيبة الوزارية العتيدة بدءاً من محاولة إعادة قولبة استشارات التكليف في القالب المعهود نفسه توصلاً إلى النتيجة التحاصصية نفسها في خارطة التأليف… غير أنّ المؤشرات التي لاحت في الأفق على الضفة المقابلة خلال الساعات الأخيرة عكست في طياتها ملامح “معركة” بدأت تتشكل على الحلبة الحكومية، لا سيما في ضوء ما بدا من ارتفاع ملحوظ في أسهم السفير نواف سلام لدى النواب التغييريين، كما كشفت مصادر مطلعة على أجواء اجتماعاتهم المفتوحة للتداول في الموقف حيال استحقاق الخميس، بالتوازي مع ما كشفته المعلومات المتوافرة عن إبداء أحزاب المعارضة استعدادها للسير في خيار ترشيح سلام والتأكيد على كونها “جاهزة لتبنّيه في حال توافقت عليه القوى التغييرية“.
وعلى هذا الأساس، لا تزال أحزاب “القوات” و”الاشتراكي” و”الكتائب” على موقفها المترقب لما ستخلص إليه اجتماعات نواب التغيير فضلاً عن اتضاح الاتجاه الذي سيسلكه النواب السنّة في مسار عملية التكليف “قبل تحديد الموقف النهائي من الاستحقاق الحكومي”، مع تأكيد الانفتاح على أي خيار “يمكن التوافق عليه والسير قدماً به كجبهة معارضة موحدة في الاستشارات النيابية الملزمة ليتم تكليف شخصية تعبّر عن العزيمة المشتركة بين أحزاب المعارضة والقوى التغييرية على إحداث خرق إيجابي في جدار التكليف بما يتماشى مع التطلعات والمواصفات الإصلاحية المطلوبة في شخص الرئيس المكلف، مع الأخذ بالحسبان محدودية قدرة أي شخصية يتم تكليفها على تشكيل حكومة إصلاحية حقيقية في ظل إستئثار العهد وتياره بالتوقيع الأخير لتغليب شروطهما التحاصصية في ميزان التركيبة الوزارية“.
وكان حزب “تقدّم” قد أعلن أمس تسمية سلام “لرئاسة الحكومة وتأليفها” بوصفه شخصية تمتلك “النزاهة والشفافية والقدرة المطلوبة للعمل والمواجهة وليس لديها مصالح مع شبكة المحاصصة والفساد”، ليعود النائب مارك ضو إلى نقل هذا الطرح إلى طاولة اجتماعات نواب التغيير طلباً لتبنيه، فاعتبر بعضهم وفق ما نقلت أوساط مواكبة أنه “استباق للخيارات بقصد وضع سائر أعضاء الكتلة التغييرية أمام أمر واقع يحتّم التوافق على اسم نواف سلام تحت طائل عدم الاتفاق على اسم مرشح بديل”، لكن سرعان ما خضع هذا الطرح للتشاور والبحث المتأني “فأعرب معظم النواب التغييريين عن استعدادهم لتسمية سلام في استشارات التكليف، على أن يصار إلى حسم الموقف النهائي خلال الساعات المقبلة ليتم بعدها الإعلان صراحة عن الخيار المتفق عليه ودعوة جميع الأحزاب والنواب المستقلين إلى دعمه“.
أما على الساحة السنّية، فبرز أمس تشديد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على ضرورة التعامل مع الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف من منطلق أنها “أمانة لاختيار من لديه حكمة ومعرفة ورؤية واضحة لمعالجة الوضع الصعب الذي يمر به لبنان”، داعياً في هذا السياق إلى “توحيد الصف والكلمة لتمرير تسمية رئيس مكلف تشكيل حكومة يكون على عاتقها متابعة تحقيق الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية“.
وفي الاتجاه نفسه، اتجهت الأنظار إلى حركة السفير السعودي وليد البخاري التي شملت عقد سلسلة لقاءات مع عدد من النواب السنة وسط بروز معطيات غير مؤكدة تفيد باحتمال أن تشهد السفارة السعودية في اليرزة اجتماعاً جامعاً للنواب السنّة في إطار السعي إلى “توحيد الصف السني” حيال الاستحقاق الحكومي بما تقتضيه مصلحة لبنان وأبنائه في المرحلة الدقيقة الراهنة والداهمة على البلد.
وحيال هذه المستجدات، آثر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “حبس الأنفاس” والتزام سياسة “النأي بالنفس” عن بورصة الترشيحات بانتظار ما ستسفر عنه حركة الاتصالات والمشاورات الجارية بين الأحزاب والكتل، فأعلن مكتبه الإعلامي مساءً التبرؤ من كل ما يتم التداول به من “أخبار وتسريبات” تتعلق بموقف ميقاتي من موضوع الاستشارات النيابية الملزمة، مع التشديد على أنه لا يملك أي موقف “قبل كلمة السادة أعضاء مجلس النواب“.