المقاومة لا تحتاج الى غطاء، ليست مجرد كلمات قالها الوزير السابق سليمان فرنجية في ذكرى مجزرة إهدن، بل هي معادلة صارت اليوم عنوان ملف الغاز والنفط، بعدما حولت المصالح والرؤى الأميركية والإسرائيلية القضية من مناقشة خطوط الترسيم، التي تقف فيها المقاومة خلف الدولة، الى قضية وقف الاستخراج من جانب كيان الاحتلال كشرط لأي تفاوض حول الترسيم. وهو أمر يقع في قلب قضية وجود المقاومة ولا يحتاج إلى غطاء او تفويض، فهو كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يشبه قضية تحرير الشريط الحدودي المحتل قبل العام 2000.
بين المقاومة وجيش الاحتلال تدور حرب صامتة حتى الآن، فقد قالت المقاومة كلمتها ورسمت معادلتها، على السفينة أن ترحل فوراً، ومنع الاحتلال من الاستخراج من حقل «بحر عكا» المسمّى بـ «كاريش»، وأمس حاول جيش الاحتلال بلغة التهديد أن يرسم معادلة مقابلة، فتحدث رئيس أركانه أفيف كوخافي عن التهديد بدمار واسع في لبنان إذا نشبت حرب، واضعاً التهديد في سياق تمهيدي لوصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي يبدأ اليوم اجتماعاته في بيروت ويلتقي غداً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد أن يبدأ اللقاءات بعشاء على مأدبة يقيمها على شرفه نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب.
التهديد الذي أطلقه كوخافي لتسخين الأجواء والإيحاء بأن هوكشتاين لا يأتي تحت تهديدات المقاومة باستهداف سفينة استخراج الغاز من حقل «بحر عكا»، بل أيضاً تحت وطأة التهديد الإسرائيلي بالدمار، بقي ناقصاً الجواب الذي يمنحه المصداقية. فالسؤال الذي طرحه تهديد المقاومة لا يزال ينتظر، هل ستبقى السفينة أم سترحل، هل ستبدأ الاستخراج أم ستمتنع؟ فإن امتنعت ورحلت لا خطر حرب، ولا مبرّر لكل التهديد الذي يصير لفظياً، والتهرّب من الجواب على السؤال الذي يقرر مصير الحرب، والمرتبط مباشرة بتهديد المقاومة للسفينة وتمسكها بشرط وقف الاستخراج ربما يكون من قبيل إعلان يرفع المعنويات، لكنه يبقي الباب مفتوحاً لهوكشتاين للوصول الى تسوية تقوم على وقف استخراج الغاز من «بحر عكا» بانتظار التوصل الى حل تفاوضي حول خطوط الترسيم.
في الموقف اللبناني الذي ينتظر هوكشتاين قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، إن هناك توافقاً تمّ بين الرئيسين عون وميقاتي على مقاربة موحدة للحوار مع هوكشتاين. وكشف باسيل أن العقوبات الأميركية التي استهدفته كانت في جزء أساسيّ منها بسبب موقفه من ملف التنقيب عن الغاز وتمسكه بالمصالح اللبنانية السيادية في هذا الملف، معلقاً على خطر نشوب حرب بالقول، إن «إسرائيل» ليست في وضع يسمح لها بشن حرب.
الموقف اللبناني كما لخصته مصادر متابعة للملف سينحصر في قضيتي، رحيل السفينة ووقف الاستخراج من حقل «بحر عكا»، والعودة للتفاوض حول الترسيم، بهذا التسلسل، انسحاب السفينة أولاً ثم التفاوض، وإلا ستنتقل المنطقة إلى مجهول خطير، قد تخرج فيه الأمور عن السيطرة.
على الصعيد السياسي أحيـا تيار المردة ذكرى اغتيال الوزير السابق طوني فرنجية، ومجزرة إهدن التي أودت بحياته وحياة زوجته وابنتهما، وتحدّث الوزير السابق سليمان فرنجية في المناسبة مخاطباً القوات اللبنانيـة، التي نفذت المجزرة بتأكيد بقاء المردة على خياراتها برفـض التقسيم، والتمسك بوحدة لبنان وعروبته، واعتبار ذلك مضمون التلاقي مع المقاومة، التي لا تحتاج الى غطاء من أحد، مضيفاً لـ«القوات» ان المردة غفرت ولم تنسَ، وأن محاولة الاغتيال السياسي فشلت كما الاغتيال الجسدي فشل في إسقاط القضيـة، قائلاً، بيننا وبينكم الزمن طويل.
يصل مساء اليوم الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين في زيارة تستمر ليومين، يلتقي خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وسط توجه لإعادة إحياء جولات المفاوضات غير المباشرة بين لبنان و»إسرائيل» حول ترسيم الحدود البحرية. واعلنت الخارجية الأميركية ان الزيارة من أجل مناقشة أزمة الطاقة في البلاد، كذلك بحث إمكانية توصل بيروت و»إسرائيل» إلى قرار بشأن ترسيم حدودهما البحرية.
وذكرت الخارجية الأميركية في بيان لها، أن الولايات المتحدة ترحب بالروح التشاورية والصريحة للطرفين من أجل التوصل إلى قرار نهائي بشأن الحدود، من شأنه أن يؤدي إلى قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان و»إسرائيل» والمنطقة.
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس عون والرئيس بري والرئيس ميقاتي اتفقوا على مقاربة موحدة للملف قبل التفاوض مع هوكشتاين.
واشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى ان لبنان الرسمي متمسك بحقل قانا كاملاً، وسينقل الرؤساء الى الوسيط الأميركي الموقف اللبناني الموحد ان لبنان لن يقبل بتقاسم حقل قانا وعلى ضوء موقف هوكشتاين يكون البحث في ملف الترسيم وعودة المفاوضات فلبنان لن يقبل أن تشاركه «اسرائيل» في حقوقه وثرواته في هذا الحقل. وتشير المصادر الى أن غياب رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن اجتماع بعبدا مردّه عدم ارتياح الرئيس بري الى ما يجري على خط الترسيم، معتبرة أن بري متمسك باتفاق الاطار وهي الآلية التي يمكن الركون اليها لإنجاز الترسيم.
ولفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى أن وحدها الدولة مسؤولة عن حسم الترسيم ووحدها مؤتمنة على قضايا السيادة والاستقلال وعلى ثروات النفط والغاز. ووحدها الدولة مسؤولة عن إدارة المفاوضاتِ مع الجهات الأجنبية، وتحديد دور الوسطاء، واتخاذ القرارات، وعقد المعاهدات، وتقرير الحرب والسلم. وشدّد على أنه يجب الإسراع في إجراء الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة وطني وذي صفة تمثيلية، ولتأليف حكومة كاملة الصلاحيات تشارك في المفاوضات الحدودية، لا يجوز دستوريًا وميثاقيًا تغييب مجلس الوزراء.
وأشار السفير الإيراني لدى بيروت محمد جلال فيروزنيا، إلى أنه «لا بدّ من الإشارة إلى حق لبنان المشروع والعادل في استثمار ثرواته النفطية والغازية في مياهه، والجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة للتعاون مع لبنان في هذا المجال، الذي يشكل بارقة أمل لخروجه من المصاعب الاقتصادية التي يعانيها حالياً».
وفي ملف الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، أكدت مصادر مطلعة لـ« البناء» ان الامور لا تزال على حالها في ظل غياب التوافق الأمر الذي ينعكس في عدم تحديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لموعد الاستشارات بعد. ورأت المصادر أن كل ما يطرح من اسماء هو في إطار الوقت الضائع، معتبرة ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو الأوفر حظاً نظراً الى الواقع الراهن الذي يفترض شخصية كميقاتي لديها علاقات مع المجتمع الدولي فضلاً عن علاقته الجيدة مع الفرنسيين، هذا فضلاً عن أن المرجعيات السنية تدعم عودة ميقاتي كذلك الأمر بالنسبة الى الثنائي الشيعي والحزب الاشتراكي. واعتبرت المصادر أن شروط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل للسير بتكليف ميقاتي لا يمكن لأي رئيس سيكلف لتأليف الحكومة المرتقبة أن يقبل بها، وبالتالي فإن مطالبة باسيل بحقائب الخارجية (له شخصياً) والطاقة والعدل فضلا عن ملفات لها علاقة بالتعيينات الإدارية وإقالة حاكم مصرف لبنان هي وضع العصي في دواليب التأليف ولا يمكن ان يقبل بها أحد. ورجحت المصادر بقاء هذه الحكومة وأن تذهب الى تفعيل عملها خلال فترة تصريف الأعمال بما يقتضيه الدستور في القضايا الوطنية، وان تعقد اجتماعات إذا استدعت الحاجة لذلك.
وكشف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنه: «لن نسمّي ميقاتي لرئاسة الحكومة المقبلة ورأى باسيل ان «على الرئيس عون مسؤولية ان يتشاور مع الناس والنواب ليرشحوا أحداً او يترشحوا لرئاسة الحكومة حتى يجري استشارات نيابية وهناك شخصيات جيدة بين النواب وخارج البرلمان».
وقال: «لا أكون مرشحاً لرئاسة الجمهورية إلا عندما أقول ذلك واختصرت الموضوع بأنها ليست «أكلة طيبة» لأننا اختبرنا بأن الموقع استعمل لإفشال المشروع، ولكن لن نقبل بأن يفقد الموقع ميثاقيته وقوته التمثيلية والمشروع هو الأهم».
ولفت باسيل في إطلالة تلفزيونية امس»، الى أن الشعب اللبناني الذي أعطاني الكتلة الأكبر في البرلمان، والجانب الذي يلينا هو القوات والانتخابات أفرزت بعض القوى ذات التمثيل الهزيل على المستوى المسيحي».
وحول ملف الحدود البحرية، اعتبر أن «الخط 23 رسمه الجيش اللبناني وأجمع لبنان بأكمله عليه ورفع ذلك للأمم المتحدة. وهذا لا يعني أن لبنان لا يمكنه تغيير الخط، ومُنعنا من السير بمراسيم التنقيب عن النفط منذ سنوات وهناك إرادة خارجية تسعى ليبقى لبنان ضعيفاً. ودائماً هناك مجموعة لبنانيين غير مستعدين لإقرار المراسيم».
وشدد على أن «قصة ترسيم الحدود قصة حياة أو موت وسوف نواجه جميعاً وفي حال فشلت المفاوضات، الخط 29 سيكون فوق الطاولة، وعلينا توحيد المعادلة لا غاز من كاريش مقابل لا غاز من قانا».
واكد أنه يكون اليوم حدنا الأدنى الخط 23 وما فوق وما هو اهم ان نبدأ باستخراج النفط والغاز. وهكذا يجب ان يكون الاتفاق، والأهم من رسم الخط هو البدء باستخراج ثرواتنا النفطية والغازية ووقف المنع المفروض علينا، وارسال مرسوم الخط 29 في التوقيت الخطأ هو موقف غير مسؤول وعدم إرساله في التوقيت الصحيح هو تخاذل… والقصة ليست شعارات».
في ذكرى مجزرة إهدن، أوضح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أن «حزب الله لا يحتاج الى غطاء ونحن مع العروبة ووحدة لبنان والعيش المشترك. وكل ما يوحد هذا البلد ونلتقي مع المقاومة على هذا المشروع».
وتطرق في كلمته الى الانتخابات، صحيح أنه قد تحصل هفوة او غلطة في الانتخابات ولكن الأيام والمستقبل امامنا، نحن لم نخسر وكنّا «عكس السير» في الانتخابات والأسهل كان السير مع الموجة، ولكننا سرنا عكس الموجة. وتوجه الى من يحاول «الغاءه»، بحسب تعبيره، بالقول: «نحن وإياكم والزمن طويل وسنواجه بالإيجابية وليس بالسلبية فمشاريعهم وهميّة وطروحاتهم وهمية ونحن نتطلع الى التطور مع القيم والأخلاق والتاريخ».
ويصل الممثل الدائم الجديد لصندوق النقد الدولي في لبنان فريديركو ليما إلى بيروت في الـ21 من حزيران الحالي، وبحسب موقع الصندوق فإن ليما هو اقتصادي عمل على عدد من السياسات في الأسواق الناشئة في الاقتصادات ذات الدخل المنخفض.
وأكد وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال الدكتور علي حمية في بيان أن «إعادة إعمار مرفأ بيروت عمل إصلاحي لا رجعة عنه وسيتخطى صداه حدود لبنان بأسره».
وأكد أن دولًا وشركات كبرى عدة أبدت استعدادها بالمشاركة، مشيرًا إلى أن استحقاق إعادة إعماره على الأبواب ودوره الفريد والمتميّز قرار مبرم، مرحبًا بكل من يريد الاستثمار من الشرق والغرب، إنما تحت سقف السيادة والمصلحة الوطنية الخالصة.