كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : مع استغراق المجلس النيابي في مهمة إنجاز انتخابات اللجان حتى نهاية الأسبوع وتحديد رئيس المجلس يوم الجمعة المقبل موعداً لاستكمال المهمة وانتخاب الرؤساء والمقررين، باتت الفسحة الزمنية متاحة أمام قصر بعبدا لمزيد من المماطلة في الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، أقله حتى الأسبوع المقبل بذريعة انتظار انتهاء تكوين الهيئة المجلسية، لتكون الفرصة مؤاتية أكثر أمام العهد وتياره لاستنزاف الوقت بغية تحصيل أكبر قدر ممكن من المغانم الحكومية على حساب مصلحة البلد التي تحتّم استعجال تكوين السلطة التنفيذية والشروع في الإصلاحات المطلوبة لإنقاذ اللبنانيين بعدما باتوا يعيشون في إحدى “البؤر الساخنة للجوع” حسبما جاء في التقرير المشترك الصادر عن برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة “فاو”، والذي صنّف لبنان ضمن قائمة الدول المهددة بخطر “انعدام الأمن الغذائي” خلال الفترة المقبلة.
وكما على البرّ كذلك في البحر، تستمر لعبة التسويف والمماطلة في حسم الموقف الرسمي من خطوط الترسيم الحدودية مع إسرائيل تحت وطأة المحاولات اليائسة لمقايضة حقوق اللبنانيين وثرواتهم الوطنية بمسألة رفع العقوبات الأميركية عن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ما أتاح للإسرائيليين اقتناص الفرصة والمبادرة إلى استباحة المياه الإقليمية والتفرّد بعملية استخراج الغاز من الحقول المشتركة مع لبنان، الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الهروب للأمام بخطوة “فولكلورية لا تقدم ولا تؤخر” في حفظ الحقوق، حين طلب من قيادة الجيش “تزويده بالمعطيات الدقيقة والرسمية حول وصول الباخرة “إنرجين باور” إلى المنطقة المتنازع عليها ليُبنى على الشيء مقتضاه”. وأمس تسلّم عون التقرير العسكري الذي جاء مضمونه “بديهياً لا يحمل جديداً خارج إطار المعطيات المعروفة حول الموضوع”، وفق تأكيد مصادر مواكبة للملف، معتبرةً أنّ كل ما في الأمر أنّ عون طلب من الجيش إعداد التقرير لكسب الوقت والمزيد من “المرجحة” بانتظار أي جديد يتصل بـ”البازار المفتوح مع الأميركيين حول خطوط الترسيم”.
وفي هذا السياق، علمت “نداء الوطن” أنّ المعطيات العسكرية التي رُفعت إلى رئيس الجمهورية بالاستناد إلى ما تم الحصول عليه من معلومات عبر تقنيات الرصد والرادارات الملاحية حول حركة السفينة قبالة المنطقة الحدودية البحرية، بينت أنّها اتخذت نقطة تمركزها إلى جنوب حقل “كاريش” من الناحية الإسرائيلية ضمن مسافة تقدر بنحو ميلين بعيداً عن الخط 29، غير أنّ الخبراء العسكريين يؤكدون أنّ “المشكلة لا تكمن في مكان تموضع السفينة بل في بدئها عملية التشبيك مع الأنابيب في حوض حقل “كاريش”، ما يعني أنها عندما تبدأ باستخراج الغاز تكون عملياً تسحبه من الحقول الموجودة في المنطقة المتنازع عليها”، مع التشديد انطلاقاً من ذلك على أنه “من الخطأ التركيز على مسألة عدم خرق السفينة الخط 29 لأنّ الخطر لا يتعلق فقط بمكان تمركزها إنما أيضاً بإنتاجها الذي لا شك في أنه سيضخ كميات من الغاز اللبناني في الأنابيب الإسرائيلية”.
وأمام هذا الواقع، انتقلت السلطة اللبنانية من مربع التفاوض الندّي لتحصين الثروة النفطية البحرية إلى مربع استجداء الوسيط الأميركي لزيارة بيروت بعدما كانت طيلة الفترة الماضية تتعالى على طروحاته وتتجاهل الرد عليها، إلى أن وقعت الواقعة وبدأت إسرائيل باستخراج الغاز أحادياً قبل التوصل إلى اتفاق حدودي مع لبنان. وبالأمس بدا رئيس المجلس النيابي نبيه بري كمن يسابق الزمن في الإعلان عن “سبق صحافي” من خلال تأكيده أنّ السفير آموس هوكشتاين سيصل إلى بيروت “الأحد أو الاثنين” لاستكمال البحث في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.
لكن في المقابل، آثرت وزارة الخارجية الأميركية عدم تأكيد زيارة هوكشتاين لبيروت واكتفى متحدث باسمها تعليقاً على إعلان بري موعد الزيارة بالقول لقناة “الحرة”: “ليس لدينا أي شيء نضيفه إلى ما قاله المتحدث نيد برايس أمس” الأول، في إشارة إلى تصريح برايس الذي جاء فيه: “ليس لديّ أي إعلان عن سفر هوكشتاين في هذا الوقت”.
وفي هذا الإطار، نقلت مصادر ديبلوماسية لـ”نداء الوطن” أنّ الوسيط الأميركي لا يبدو في وارد تأكيد زيارته لبنان “قبل التأكد من أنه سيحصل على جواب خطي رسمي من الجانب اللبناني على الطرح الخطي الذي سبق أن حمله معه خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت”، كاشفةً أن “هوكشتاين حريص على المضي قدماً في الوساطة الحدودية بين لبنان وإٍسرائيل لكنه في الوقت نفسه مصمم على أن تكون أي زيارة جديدة يقوم بها إلى لبنان منتجة وحاسمة في تحديد الخيارات والمواقف من جانب المسؤولين اللبنانيين من دون المزيد من المناورات العقيمة”.