اكتملت معالم المعركة وارتسمت خطوطها العريضة عشية “الموقعة” الانتخابية في ساحة النجمة اليوم، ليبقى الترقب “سيّد نفسه” تحت قبة البرلمان بانتظار ما سيفرزه صندوق الاقتراع من “حواصل” على مستوى انتخاب رئيس المجلس ونائبه وأمينيّ السر والمفوضين. وإذا كان الرئيس نبيه بري ضمن التربع على كرسي “الولاية السابعة” وقفز سلفاً أمس إلى مرحلة ضبط إيقاع “الحركة” الاحتفالية بإعادة انتخابه بعيداً عن “إطلاق الرصاص”، فإنّ “أزيز” المعركة بقي محتدماً على موقع نيابة الرئاسة الثانية بين جبهتي السلطة والأكثرية النيابية الجديدة، تحت وطأة ارتفاع منسوب التشويق والضبابية على ضفة المسار الذي سيسلكه تكتل النواب التغييريين في ساحة المواجهة.
فبمعزل عن السيناريو الإخراجي الذي يعمل نواب التغيير من خلاله على تظهير مشاركتهم الأولى في الهيئة العامة بصورة وجدانية عبر الانطلاق بمواكبة شعبية من مرفأ بيروت إلى ساحة النجمة، تبدو على المقلب الآخر صورة سريالية تعكس مراهنة قوى 8 آذار على أن يشكل النواب التغييريون أنفسهم “بيضة القبان” في كسر ميزان الأكثرية النيابية الجديدة، بأن يساهموا بتمايزهم عن باقي الأحزاب والقوى السيادية في شرذمة صفوف هذه الأكثرية وإهداء الفوز تالياً لمرشح السلطة الياس بو صعب لكي يتبوأ موقع نائب رئيس المجلس على حساب المرشح السيادي المنافس غسان سكاف.
لكن وبحسب المؤشرات والمعلومات المتواترة مساءً، فإنّ حصيلة المشاورات البينية والمتقاطعة أسفرت عن “ارتفاع حذر في منسوب التفاؤل بإمكانية الوصول إلى موقف موحد على جبهة الأكثرية النيابية تخوض على أساسه المعركة الانتخابية بمرشح واحد في مواجهة مرشح قوى السلطة لنيابة رئاسة المجلس”، حسبما أكدت مصادر مواكبة لهذه المشاورات، خصوصاً بعدما تلقفت كتل نيابية وازنة ترشيح سكاف بإيجابية، وأبدت دعمها وتبنيها لترشيحه.
وفي هذا الإطار، جاهرت كتلة “اللقاء الديمقراطي” إثر اجتماعها أمس في كليمنصو برئاسة النائب تيمور جنبلاط بقرار دعمها ترشيح سكاف لمنصب نائب رئيس المجلس النيابي، داعيةً في المقابل “كافة القوى التغييرية والسيادية إلى دعم هذا الترشيح لكي يكون هناك تنوّع في المجلس النيابي وتوازن بكافة المعايير في إطار استمرارية هذه المؤسسة الدستورية الأم”. وليس بعيداً عن هذا التوجه، آثر تكتل “الجمهورية القوية” بدايةً التريث في القرار بالنسبة لنيابة الرئاسة الثانية “انطلاقاً من سعيه للمحافظة على الأكثرية السيادية التغييرية ووحدة صفها، والاستمرار بسعيه التوفيقي بانتظار التوصل الى مرشح موحد لهذه الأكثرية”، كما جاء في البيان الذي أصدره التكتل عقب اجتماعه أمس، قبل أن تعود مصادر قيادية قواتية إلى التأكيد ليلاً لـ”نداء الوطن” على أنّ تكتل “الجمهورية القوية” قرّر بالفعل “تأييد ترشيح النائب غسان سكاف لنيابة رئاسة البرلمان بعدما أجمعت أكثرية نواب المعارضة على دعم ترشيحه“.
وفي سياق متقاطع، جاء إعلان النائب نبيل بدر مساءً عن توصل الاجتماع الذي عُقد في منزله وضمّ 9 نواب سنّة إلى قرار دعم ترشيح سكاف، خصوصاً بعدما سرت معلومات عن اتجاه المرشح سجيع عطية إلى سحب ترشيحه لموقع نائب رئيس المجلس لصالح تأييد ترشيح سكاف.
وأمام احتدام المعركة الانتخابية وتطور المواقف منها، برزت معالم القلق على جبهة أحزاب قوى 8 آذار من احتمال خسارة مرشح التيار الوطني” و”حزب الله” الياس بو صعب أمام مرشح الأكثرية، فسارع “حزب الله” إلى تولي مهمة “رصّ الأصوات” لضمان فوز مرشحه بما يشمل الطلب من بري أن تصبّ كتلة “التنمية والتحرير” كامل أصواتها لصالح بو صعب بمعزل عن الموقف من عدم تصويت كامل أعضاء كتلة “التيار الوطني” لصالح إعادة انتخاب رئيس المجلس، على اعتبار أنّ الأصوات العشرة التي سينالها الأخير من نواب “التيار” كافية لرفع الحاصل الانتخابي لرئاسة المجلس، بينما عدم تصويت كتلة بري البرلمانية بأكملها لانتخاب بو صعب من شأنه أن يطيح حظوظه في المعركة.
وتزامناً، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” أنّ الصفقة الانتخابية التي رعى “حزب الله” إبرامها بين ميرنا الشالوحي وعين التينة تضمنت، فضلاً عن إجراء “مقايضة مكتومة” في الأصوات بين الجانبين، طلب باسيل “تعهداً شخصياً من بري بأن يدعم الطعن الذي سيقدمه “التيار الوطني” أمام المجلس الدستوري في مقعدين انتخابيين”، موضحةً أنّ “بري ضمن بموجب هذا التعهد قبول العضوين الشيعيين في المجلس الدستوري الطعن بهدف محاولة “شقل” باسيل انتخابياً عبر زيادة عدد كتلته بمقعدين لتعود أكبر من كتلة “القوات اللبنانية”، وذلك بالتوازي مع إصرار “حزب الله” على إنجاح الطعن الدستوري بالمقعد النيابي الذي خسره النائب السابق فيصل كرامي في طرابلس بغية إعادة قلب موازين قوى الأكثرية في المجلس النيابي الجديد لصالح “الحزب” وحلفائه“.