كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: على ضفة السلطة باتت الصورة واضحة على “قوس” المجلس النيابي بالتكافل والتكامل بين مرشحَيّ “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر”، نبيه بري رئيساً وإلى يمينه الياس بو صعب نائباً للرئيس، بموجب صفقة مقايضة أبرمها “حزب الله” مع رئيس “التيار” جبران باسيل وتقضي بتبادل بعض الأصوات تحت طاولة “الاقتراع السرّي” لضمان رفع الحاصل الانتخابي لرئيس المجلس عبر تجيير باسيل نحو 8 أصوات من كتلته لصالح بري، وذلك بالتوازي مع ضخ أجواء إعلامية للتمويه على هذه المقايضة ومحاولة “دق الأسافين” بين نواب الأكثرية النيابية الجديدة من خلال اتهام بعضهم بالتصويت سراً لبري، وهو ما بدأ بالفعل التمهيد له عبر تعمّد بعض كوادر “التيار الوطني” إشاعة معلومات تُسوّق لفكرة أنّ رئيس المجلس سيحصد نحو 70 صوتاً من دون أصوات “التيار”، بالتزامن مع تسريب خبر يروّج لإبلاغ باسيل وفيق صفا قراره النهائي بعدم التصويت لبري.
أما على الضفة المقابلة، فلا تزال الصورة متأرجحة على حبل خيارات “النواب التغييريين” بانتظار أن يخرجوا بقرار موحّد يتيح تظهير خارطة الأكثرية الجديدة في المجلس الجديد، لا سيما وأنّ كتلة “القوات اللبنانية” واضحة “وحاسمة في خياراتها” إزاء جلسة الغد، وفق ما نقلت مصادر قواتية، مؤكدةً عدم ترشيح النائب غسان حاصباني لموقع نيابة الرئاسة الثانية والاستعداد لدعم أي نائب يتبنى تكتل “التغييريين” ترشيحه لهذا الموقع إذا كان يتمتع بالمواصفات السيادية والتغييرية المطلوبة، بما يشمل “تعهده بتغيير النهج الذي كان سائداً في إدارة المجلس النيابي وأن يكون موقفه واضحاً حيال ضرورة حصر السلاح بيد الدولة“.
وفي ضوء ذلك، أصبحت تالياً “الكرة في ملعب” النواب التغييريين للخروج بموقف داعم لترشيح شخصية تتمتع بهذه المواصفات، وتعزيز فرصة إحداث تقاطعات نيابية بين مختلف نواب وكتل الأكثرية لضمان إيصاله إلى موقع نائب رئيس المجلس، خصوصاً بعدما لاحت في الأفق أمس إمكانية التقاط هذه الفرصة من خلال إعلان النائب غسان سكاف ترشيحه رسمياً للموقع انطلاقاً من جملة “ثوابت ومبادئ ومسلّمات” تخوّله خوض المواجهة جدياً مع مرشح “التيار الوطني” و”حزب الله” وقوى 8 آذار الياس بوصعب، بوصفه مرشحاً “سيادياً” عبّر بمنتهى الصراحة ومن دون أي مواربة في بيان ترشّحه عن عزمه على “احترام إرادة التغيير، وتطبيق النظام الداخلي للمجلس حرفياً، والتعهد بعدم إقفال المجلس تحت أي ظرف، واعتماد التصويت الالكتروني، وتثبيت مرجعية الدولة ممثلة بمؤسساتها الدستورية وأجهزتها الأمنية لا سيما في كل ما يتعلق بشؤون السياسة الدفاعية اللبنانية، واعتماد سياسة خارجية موحّدة تصدر عن مجلس الوزراء وفقاً للدستور“.
وبانتظار ما ستحمله الجلسة غداً، بدأت الأنظار تتجه إلى ما بعد الاستحقاق النيابي، نحو الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد تشكيل الحكومة، وسط تضارب المعلومات حول توجهات رئيس الجمهورية ميشال عون، بين نية تأجيل الدعوة للاستشارات ريثما تتبلور صورة المشاورات السياسية حيال عملية “التأليف قبل التكليف”، وبين التزام إجراء الاستشارات دون إبطاء وفرض معادلة “تكليف بلا تأليف” كما تنقل مصادر سياسية مواكبة لخيارات العهد وتياره، موضحةً أنّ الخيار الأخير هو الأكثر ترجيحاً لكونه “يتيح لرئيس الجمهورية التنصل أمام المجتمع الدولي من مسؤولية تعطيل الاستحقاق الحكومي، عبر تظهير التزامه توجيه الدعوة الدستورية لاستشارات التكليف، والتذرع بعدها بانعدام التوافق السياسي لتبرير عدم التأليف“.
وفي هذا السياق، تواترت معطيات حول تفضيل العهد وحلفائه الإبقاء على خيار الرئيس نجيب ميقاتي في سدة الرئاسة الثالثة، عبر إعادة تسميته رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة إلى جانب صفته رئيساً لحكومة تصريف الأعمال، على أن يتكفل رئيس “التيار الوطني” بفرض شروط تعجيزية على ميقاتي تمنع ولادة حكومته الجديدة، بانتظار إبرام تسويات داخلية وخارجية تضع الاستحقاقين الحكومي والرئاسي في سلة واحدة، حتى ولو اقتضى الأمر إدخال البلد في شغور رئاسي ينقل صلاحيات الرئاسة الأولى إلى حكومة تصريف الأعمال، باعتبار أنّ فريق “التيار الوطني” و”الثنائي الشيعي” يتمتع فيها بكتلة وزارية وازنة تشمل الإمساك بحقائبها الأساسية والسيادية، وهو ما لن يكون سهلاً على هذا الفريق المحافظة عليه في حال تشكيل حكومة جديدة في ظل الظروف الراهنة بعد تبدّل خارطة الأكثرية النيابية.