كتبت صحيفة نداء الوطن تقول: على خطى مؤسسة كهرباء لبنان، تسير مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان نحو “نفاد قدرتها على التغذية بالمياه إلى حد الانقطاع التام” كما بشّرت اللبنانيين أمس، معلنةً أنها بصدد “اعتماد برنامج تقنين حاد وقاس” في الوقت الراهن بسبب “الشح الحاصل في المازوت والغلاء المطرد في الأسعار والانقطاع المتمادي في التيار الكهربائي”… لتصبح عملياً وزارة الطاقة والمياه أقرب إلى وزارة “العتمة والعطش”، في وقت تتوالى فيه فصول الفضيحة التي فجّرها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في وجه “التيار الوطني الحر”، وجديدها بالأمس ما كشفه ميقاتي عن اتصال أجراه الوزير وليد فياض به بهدف لفلفة الفضيحة بعيداً عن الإعلام، ليتفاجأ بعدها ببيان صادر عن فياض “يرفع فيه التحدي والنبرة”، ما جعل “السؤال مطروحاً بقوة: هل فعلاً وزير الطاقة هو الذي أصدر البيان وهل فعلاً هو الذي يدير شؤون الوزارة”؟
وإذا كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يدير معركته الكهربائية مع ميقاتي من خلف “بارافان” فياض، فإنه يتصدر الواجهة في معركته العلنية مع رئيس المجلس المنتهية ولايته نبيه بري، لكنه يبقي الباب مفتوحاً لإبرام صفقة “مقايضة” في الأصوات مع الثنائي الشيعي تمكنه من الاستحواذ على موقع نيابة الرئاسة الثانية، ولذلك لم يخرج تكتل “لبنان القوي” أمس بقرار واضح حيال مسألة انتخابات رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب واللجان، بانتظار ما ستسفر عنه الجهود التي يبذلها “حزب الله” في هذا الصدد. غير أنّ أوساطاً مواكبة للاتصالات الجارية تؤكد أنّ “بري لا يعتبر نفسه معنياً بأي مقايضة بين رئاسة المجلس ونيابة رئاسة المجلس”، لكنه في الوقت عينه يتصرف على أساس أنه “لا عايز أصوات ولا مستغني عنها” وبالتالي فهو لا يوصد الأبواب كلياً أمام حصول “توافقات معينة” قبل انعقاد جلسة الانتخاب.
وفي جميع الأحوال، تجزم مصادر الرئاسة الثانية لـ”نداء الوطن” أنّ بري “ليس في وارد تخطي المهلة الدستورية التي تفرض عقد جلسة للمجلس النيابي الجديد خلال 15 يوماً من تاريخ انتهاء ولاية المجلس”، وقالت: “المجلس لن يُترك دقيقة واحدة من دون رئيس”، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ الموعد النهائي للجلسة لم يُحدد بعد، إفساحاً في المجال أمام وصول الاتصالات السياسية الجارية إلى تهيئة “أجواء هادئة” لانعقاد الجلسة بما يشمل محاولة التوصل إلى توافقات نيابية وسياسية تسبق موعد الجلسة.
أما الأوساط المواكبة للاتصالات، فنقلت أنّ بري تلقى وعداً بتصويت كتلة “اللقاء الديمقراطي” لمصلحة إعادة انتخابه رئيساً للمجلس فضلاً عن تأكيد نواب مستقلين وآخرين من عدة كتل أنهم بصدد التصويت له، وعليه فإنه “سيحصد أصواتاً أقل من المرات السابقة لكنه لن يكون رقماً زهيداً كما تردد”، مشيرةً في ضوء ذلك إلى أنّ “المعركة تتركز حالياً حول موقع نائب رئيس المجلس سيّما وأنّ رئيس “التيار الوطني الحر” لا يريد التفريط بهذا الموقع وقد رشح إليه كلاً من النائبين الياس بو صعب وجورج عطالله، طارحاً أن يترك الحرية لنواب تكتله في عملية التصويت لرئاسة المجلس لقاء أن يحصل على دعم النواب الشيعة ليحصد العدد الكافي من الأصوات لإيصال مرشحه إلى موقع نيابة رئاسة المجلس”، خصوصاً بعدما برز خلال الأيام الأخيرة طرح اسم النائب المستقل المقرّب من النائب السابق عصام فارس، سجيع عطيه، ليتبوأ موقع نائب رئيس المجلس.
وبينما الكباش على أشده بين أركان السلطة على طاولة المقايضات والتسويات، لفت الانتباه أمس تذكير وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان على هامش اجتماع منتدى دافوس في سويسرا، بأنّ “على اللبنانيين أن يقوموا بإصلاحات لاستعادة حكم الدولة”، مفضلاً التريث قبل الحكم على مدى الانعكاسات الإيجابية التي ستسفر عن إجراء الانتخابات النيابية.
وبالتزامن، ارتفعت على الساحة اللبنانية حدة التراشق بين نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي وجمعية المصارف على خلفية التباين في المواقف إزاء خطة التعافي الاقتصادي والمالي التي أقرتها الحكومة ومدى محافظتها أو تفريطها بأموال المودعين، الأمر الذي وضع الحكومة الجديدة بين “خيارين: إما إعادة تبني الخطة نفسها أو تعديل بنودها”، كما رأى النائب والخبير الاقتصادي رازي الحاج، معرباً لـ”نداء الوطن” عن قناعته بأنّ الخطة التي أقرتها الحكومة “استنسابية ومبنية على عناوين صحيحة في الشكل لكنها غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع”.
وأوضح الحاج أنّ “المطلوب خطة تحاكي الإقتصاد الكلي وتعيد إطلاقه”، مشدداً على “ضرورة إطلاق النهوض الإقتصادي أولاً وتحقيق نمو وإدخال نحو 5 مليارات دولار إلى البلد يستفيد منها نحو مليون حساب مصرفي، مع ضرورة المحافظة على أموال المودعين، ثم نبحث بعدها في كيفية توزيع الخسائر”، مع إشارته في ما يتصل بالاتفاق مع صندوق النقد إلى أنّ “الصندوق همّه الوحيد ضمان إدارة الأموال التي سيسلّمها الى الدولة اللبنانية وعدم “تطييرها” كما حصل مع احتياطي مصرف لبنان الذي تبخّر على الدعم والتهريب”.