كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : “إنه بيت الشعب فلا أسوار تعلو بين نواب الأمة والمواطنين”… على وقع هذه التغريدة التي أرفقها النائب الياس جرادي بصورة لكاريكاتور “نداء الوطن” بريشة الزميل إيلي خوري التي تحاكي هدم جدار العار المحيط بساحة النجمة بأيادي أبناء الثورة عقب صدور نتائج الانتخابات النيابية، دشّن جرادي عملياً أولى خطوات نواب الثورة باتجاه المجلس الجديد بالتشديد على وجوب “إزالة جميع السواتر والحواجز التي تعيق وتمنع دخول الناس إلى ساحة النجمة قبل دعوة النواب إلى أي جلسة”، واضعاً بذلك “رئيس السنّ” نبيه بري على محك الاختبار الأول في مواجهة رياح التغيير البرلمانية.
فما كان من بري بحنكته المعهودة، إلا أن اقتنص المبادرة فأوعز بإنجاز “رفع الإجراءات وتخفيف التدابير المتخذة حول المجلس النيابي قبل انعقاد الجلسة النيابية” المرتقبة لانتخاب رئيس المجلس ونائبه، ليسارع وزير الداخلية بسام مولوي إلى مواكبة الحدث ميدانياً مؤكداً من أمام ساحة النجمة أنّ “من كان يتظاهر هنا أصبح داخل المجلس ونحن هنا لننفذ ما يريده الناس“…
وسرعان ما تداعى نواب التغيير إلى المكان لمعاينة عملية رفع البلوكات الإسمنتية وإسقاط “جدار العزل” بعدما نجحت ثورة 17 تشرين في دكّ “حصون” السلطة في صناديق 15 أيار، ليطأ نوابها أمس ساحة النجمة لأول مرة على وقع هتافات “ثورة ثورة” و”ليسقط حكم الأزعر” التي ردّدها المتجمهرون على مسامع حرس المجلس، مؤكدين الجهوزية والاستعداد للعودة إلى الشارع والتصدي لأي ممارسات قمعية متجددة على قاعدة: إن عدتُم عدنا!
وفي هذا السياق، لم يُخفِ كل من النواب ياسين ياسين ومارك ضو ونجاة صليبا عون ووضاح صادق تأثرهم باللحظة التاريخية التي تجسدت بعبورهم من خلف الجدار إلى ساحة النجمة، حيث جالوا في الساحة ودخل بعضهم إلى حرم المجلس لتفقده، معربين للإعلاميين الذي رافقوهم في الجولة عن اعتزازهم بهذا “الانتصار الجديد الذي حققته الثورة” مع التشديد على أنّ أبواب مجلس النواب لم تُفتح أمامهم بل أمام من يمثلونهم من الناس… و”يلّي بآمن ببلدو بيقدر يستردّوا“!
وفي سياق متصل بالاستحقاق الانتخابي، لفتت الانتباه أمس المواقف التي أطلقها السفير السعودي وليد بخاري في ذكرى استشهاد المفتي الشيخ حسن خالد، مؤكداً أنّ اغتياله “كان مقدمة لاغتيال كل لبنان الذي يعيش أياماً صعبة على كل المستويات وفي مقدمتها هويته العربية وعلاقته بمحيطه العربي”، لكنه آثر في المقابل أن “يزفّ إلي المفتي خالد نتائج الانتخابات المشرّفة وسقوط كل رموز الغدر والخيانة وصناعة الموت والكراهية”. وللمناسبة أيضاً، ألقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان كلمة خلال الملتقى الثقافي السعودي – اللبناني الخامس الذي أقامه بخاري في دارته في اليرزة تحت عنوان “شهيد الرسالة المفتي الشيخ حسن خالد”، أكد فيها أن “قضية المفتي حسن خالد فازت، وهي قضية كل شهداء الوطن الكبار، قضية بقاء لبنان حراً سيداً مستقلاً، عربيّ الانتماء والهوية، وقضية تجدد الأمل بالوطن والدولة الجامعة في تعددها وتنوعها في إطار الوحدة الوطنية والعيش الواحد، والطموح إلى الغد الأفضل“.
وعلى شريط التطورات السياسية التي سجلتها الساعات الأخيرة، برز تصريح للنائب جميل السيد من قصر بعبدا إثر لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون كشف فيه أنه حذّر عون من “مؤامرة استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى الانتخابات الرئاسية”، وأضاف: “إذا تمت هذه المؤامرة فإنّ فخامة الرئيس لن يُسلّم الرئاسة إلى حكومة تصريف أعمال”، الأمر الذي أربك دوائر الرئاسة الأولى فسارعت إلى تدارك الموقف عبر تسريب أجواء إعلامية مناقضة تشدد على أنّ ما قاله السيّد من القصر الجمهوري لا يعدو كونه “اجتهادات شخصية” ولا يعبر عن موقف الرئيس عون الذي “لا زال عند موقفه ورغبته بمغادرة قصر بعبدا ليل 31 تشرين الأول المقبل فور انتهاء ولايته“.
أما في ملف الكهرباء، فأصبحت معامل توليد الطاقة “خارج الخدمة” كلياً بعدما نفد خزين مادة الغاز أويل في معمل دير عمار “المعمل الحراري الوحيد المتبقي على الشبكة” حسبما أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان، لينحصر الانتاج بالمعامل المائية بمعدل “لا يتعدى 100 ميغاواط” على كامل الأراضي اللبنانية، ما يدخل لبنان ابتداءً من اليوم في عتمة شاملة بانتظار وصول الناقلة المحملة بمادة الغاز أويل إلى المياه الإقليمية أواخر الأسبوع وإنجاز الفحوص المخبرية وكافة الإجراءات الفنية والإدارية اللازمة قبل تفريغ حمولتها.
وفي جديد “الفضيحة المدوية” التي فجّرها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمام الرأي العام في وجه “التيار الوطني الحر”، حين كشف في خطاب انتهاء ولاية مجلس الوزراء التعطيل المتعمد من جانب وزير الطاقة وليد فياض للعرض الذي قدمته شركتا “جنرال الكتريك وسيمنس” بالاتفاق مع مجموعات دولية لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية “بسعر مقبول جداً”، فقد أعاد ميقاتي التصويب مساءً على مسؤولية “تيار العتمة” من خلال الرد الصارم الذي أصدره عبر مكتبه الإعلامي وتحدى فيه فياض ما إذا كان “يجرؤ على تسمية من طلب منه سحب الملف ولماذا” عن طاولة مجلس الوزراء، في إشارة إلى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، مقللاً في المقابل من جدوى محاولة وزير الطاقة “التغطية على ما فعله ببيانات ومواقف مرتبكة لم تنجح في إقناع الرأي العام بصوابية موقفه، خصوصاً وأنه تحدث بنفسه أمام وزراء وشخصياً عن الأسباب الحقيقية لسحبه الملف“.