كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : بدأت ملامح الاشتباك السياسي تظهر في لبنان حول صيغة الحكومة المفترض تشكيلها، وذلك مع الاختلاف العمودي في مقاربة الموضوع بين من يطالبون بتشكيل حكومة من الأكثرية ومن يعتبرون أنه يفترض تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع جميع الأطراف الممثلة في البرلمان اللبناني، وذلك على غرار معظم الحكومات السابقة في لبنان، وهو ما من شأنه أن يشكل سبباً أساسياً في تأخير تأليف الحكومة إلى أجل غير مسمى.
ويأتي حزب «القوات اللبنانية» في طليعة المطالبين بحكومة أكثرية، وهو الذي يعتبر أن كتلته النيابية هي الأكبر بين الأحزاب المسيحية، إضافة إلى أنه يشكل مع حلفاء له الأكثرية النيابية، مقابل رفع «حزب الله» مطلب حكومة الوحدة الوطنية، وهو الأمر الذي من المرجح أن تتقاطع معه مواقف حلفائه، في وقت لم يعلن رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن أي موقف في هذا الاتجاه، بانتظار مسار الاستحقاقات المقبلة التي تبدأ من انتخاب رئيس للبرلمان ونائب له وهيئة المجلس، ثم تكليف رئيس للحكومة ليبني على الشيء مقتضاه، بحسب ما تشير إليه مصادر مطلعة على موقف الرئاسة. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس عون يرصد ردود الفعل والمواقف وهو لا يملك أي توجه محسوم في هذا الإطار حتى الآن بانتظار استكمال الإجراءات الدستورية والاستحقاقات المقبلة على أن يكون هذا الأمر محور بحث أيضاً بينه وبين الرئيس المكلف».
وأمس جدد النائب حسن فضل الله موقف «حزب الله» متحدثاً عن «أكثرية وهمية»، ورافضاً «حكم الأكثرية». وقال خلال جولة قام بها على قرى الجنوب: «بدأنا نسمع شروطاً وأسقفاً عالية تتعلق بتشكيل الحكومة، وهذا يعني أن هناك من لديه نية تعطيل وعدم تعاون وضرب مبدأ الشراكة، ويعتبر نفسه أنه إذا حصل على مقعد نيابي زائد يستطيع أن يحكم البلد، وأمثال هؤلاء واهمون، ويعيشون في أحلام، ولم يتعظوا من كل التجارب الماضية».
وأضاف: «عندما ننادي بالشراكة الوطنية، فإن ذلك نابع من موقع القوة ومن موقع مئات آلاف الأصوات التي اقترعت للوائحنا، ومن موقع حضورنا الشعبي القوي في كل الساحات، أما أولئك الذين يتحدثون عن أكثريات وهمية يعيشون في عالم آخر غير الواقع اللبناني، وعليهم أن يعودوا إلى لبنانيتهم، ليدركوا أننا في لبنان بلد التنوع، وبلد لا يمكن أن تكون فيه أكثريات حاكمة، لأن التركيبة الطائفية لا تسمح بأي أكثريات أن تحكم من لون واحد».
وهذا الموقف ترد عليه مصادر قيادية في «القوات» مؤكدة أن الانتخابات النيابية أفرزت أكثرية جديدة تضم، إضافة إلى كتلة «القوات»، كتل «حزب الكتائب اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي وما سمتها «الحالة السنية الجديدة» (النواب السنة المعارضين لـ«حزب الله»)، إضافة إلى النواب الذين يمثلون المجموعات التغييرية الذين يشكلون جميعهم 66 نائباً. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «نريد حكومة أكثرية انطلاقاً من أن الفريق الآخر حكم في أكثر من حكومة من لون واحد وكل هذه الحكومات وصلت إلى حائط مسدود ولم تتمكن من إخراج لبنان من أزمته وهذا نتيجة أداء هذا الفريق ورفضه الذهاب إلى خطوات إصلاحية انطلاقاً من مصالحه».
من هنا تشدد المصادر على أنه «لا يمكن الذهاب إلى حكومة شراكة مع هذا الفريق وهو الذي يشكل إحدى العقبات الأساسية لإخراج لبنان من أزمته… وبالتالي عليه الآن فتح المجال أمام حكومة أكثرية للبدء بطريق الإصلاح بعد الانتخابات التي أفرزت أكثرية بحيث يتحول البرلمان لمساحة مراقبة والحكومة لأداة تنفيذية لأنه لا يمكن الاستمرار بمنطق مشروعين سياسيين متناقضين تحت سقف واحد»، مؤكدة أن «هذا الخيار الوحيد الذي يمكن أن يضع البلد على سكة الإنقاذ».
وكان رئيس «حزب القوات» سمير جعجع حاسماً في هذا الإطار، وشدد أكثر من مرة على أهمية تشكيل حكومة أكثرية. وآخر هذه المواقف كان قبل أيام لوكالة الصحافة الفرنسية، حيث قال: «ما يسمونه بحكومات الوحدة الوطنية وهم (…) نحن مع حكومة أكثرية فاعلة»، تضم «فريق عمل متراصاً ومتفقاً على مشروع واحد»، مضيفا: «إذا تشكلت حكومة توحي بالثقة والمصداقية فمن شبه المؤكد ستعود العلاقات العربية إلى ما كانت عليه في السابق، وستتدفق المساعدات العربية تدريجيًّا إلى لبنان كما أنها تسرع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».