كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول: انفجرت الأزمات المعيشية دفعة واحدة بعد يومين على الانتهاء من الانتخابات النيابية، حيث تجددت الطوابير أمام الأفران ومحطات الوقود، وتراجعت التغذية الكهربائية بسبب تراجع مخزون الفيول، وارتفع سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية لمستويات قياسية لم يشهدها منذ خمسة أشهر وقاربت 31 ألف ليرة للدولار، مما دفع «المصرف المركزي» لمحاولة تهدئة سوق المضاربات عبر تعميم أصدره، يقضي بتمديد مفعول تدخله في السوق لبيع الدولار لشهر إضافي.
وسارعت السلطات الرسمية للتدخل على خط الدولار وتأمين الفيول لمحطات إنتاج الكهرباء، حيث أكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لرئيس مجلس النواب نبيه بري خلال اتصال لتهنئته بإنجاز الانتخابات النيابية، استمرار العراق بمد لبنان بكميات الفيول الخاصة بكهرباء لبنان، تلبية لطلب بري في السابق.
ويؤمن لبنان الكهرباء عبر مصدرين، أولهما المحطات الكهرومائية التي لا توفر أكثر من 10 في المائة من الحاجة الاستهلاكية، وعبر محطات الإنتاج العاملة على الفيول الذي توفره الحكومة العراقية تنفيذاً لاتفاق سابق على أن يسدد ثمنه في مهلة لاحقة. وتتأمن التغذية الكهربائية لتوقيت يتراوح بين 4 و6 ساعات يومياً لأقصى حد في بعض المناطق، فيما تتوفر في الأوقات اللاحقة عبر الشبكة الموازية المعروفة بـ«المولدات».
وقالت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان إنها استهلكت مخزونها من الفيول بوتيرة أسرع، بعدما رفعت قدراتها الإنتاجية خلال فترة الانتخابات، لافتة إلى أنها تعتمد فقط على كميات المحروقات التي يتم توريدها بموجب اتفاقية التبادل المبرمة بين العراق ولبنان لإيصال شحنة شهرية من مادة الغاز أويل لا تتعدى حمولتها 40 ألف طن متري في ظل الارتفاع المطرد لسعر برميل النفط الخام العالمي.
وقالت إنه «تفادياً للوقوع في العتمة الشاملة، اتخذت إجراءات احترازية إضافية قضت بإيقاف قسري لإنتاج معمل دير عمار (الشمال) إلى حين استهلاك كامل خزين معمل الزهراني المتبقي في اليومين القادمين، لإطالة فترة إنتاج الطاقة بحدودها الدنيا لأربعة أيام إضافية تقريباً». وقالت إنه من المرتقب أن تصل يوم الجمعة ناقلة بحرية محملة مادة الغاز أويل إلى المياه الإقليمية اللبنانية.
وانسحب التأزم المعيشي على ارتفاع قياسي في سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية، حيث بلغ 31 ألف ليرة في ساعات الصباح، للمرة الأولى منذ 5 أشهر حين تدخل المصرف المركزي لتهدئة الأسواق. وأثار هذا الأمر ارتباكاً في الأسواق، وارتفعت وتيرة المضاربات، فيما أقفلت بعض المحال التجارية أبوابها في ضواحي بيروت، منعاً لتكبد خسائر إضافية.
لكن التوتر سرعان ما هدأ وتراجع السعر إلى حدود الـ30 ألف ليرة بعد تعميم أصدره المصرف المركزي، أعلن فيه موافقة المجلس المركزي على تمديد مفاعيل التعميم الأساسي رقم 161 لغاية نهاية شهر يوليو (تموز) 2022 قابل للتجديد، مما يعني تمديد صرف الليرات اللبنانية عبر منصة «صيرفة» العائدة للمركزي، والتي تتيح للمصارف دفع أوراق نقدية بالدولار لحاملي الأوراق النقدية اللبنانية.
وأكد «المركزي» أن «التعاطي بالأوراق النقدية بالدولار الأميركي مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية مستمر مع المصارف من دون سقف محدّد على سعر منصّة صيرفة».
وقالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن البيان جاء في محاولة لتهدئة المضاربة في سوق القطع، وسط شائعات عن أن «المركزي» سيوقف منصته بعد الانتخابات. وقالت إن الشائعات والمخاوف وارتفاع الطلب، أدت إلى الفوضى التي شهدتها السوق صباح أمس، وترافقت مع ضغوط من قبل مستوردي المحروقات والقمح للحصول على دولار نقدي من منصة «صيرفة».
ويتكفل مصرف لبنان، عبر «صيرفة»، بتأمين العملة الصعبة اللازمة لاستيراد القمح والمحروقات. وشهدت الأفران طوابير أمس، للحصول على الخبز مع إعلان بعضها عن نفاد مخزونها من الطحين. وأكّد نقيب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف أن «الأفران لا تمتلك كمية كبيرة من الطحين وهي لا تكفي إلا أياماً عدة بحسب حجم الفرن وكمية استهلاكه». وقال في حديث إذاعي: «وقعنا في الأزمة و6 مطاحن متوقفة عن العمل بسبب عدم دفع ثمن القمح في الإهراءات».
وساهم التأخير في تأمين العملة الأجنبية لمستوردي المحروقات وارتفاع أسعارها عالمياً، في تجدد الطوابير أمام بعض المحطات، وإقفال بعضها، في ظل الحديث عن شح في مادة البنزين وعدم توفر الاعتمادات اللازمة لاستيرادها.
وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ«الوكالة الوطنية للإعلام» أن «البنزين متوفر في مستودعات الشركات وفي بواخر في البحر». وأكد: «إننا لسنا في أزمة محروقات في لبنان، لأن الموضوع متعلق ببعض التأخير بإنجاز معاملات صرف الدولار للشركات المستوردة من قبل المصارف وفقاً لمنصة صيرفة ويجب أن يحل الموضوع سريعاً»، لافتاً إلى أن «الشركات توزع البنزين بكميات محدودة وبعض المحطات انقطعت من المواد بسبب تأخر تسليمها مادة البنزين».
وفي سياق متصل، أعلن نقيب مالكي ومستثمري معامل تعبئة الغاز المنزلي في لبنان أنطوان يمين، «أن أكثرية المعامل اضطرت إلى التوقف عن تسليم مادة الغاز إلى حين إعادة النظر في إصدار جدول تركيب أسعار جديد».