كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: ما كادت الانتخابات النيابية تلقي مراسيها إيذاناً بدخول لبنان في مرحلة سياسية جديدة مع مجلس نيابي منتخب، قفزت الى الواجهة من جديد كل الملفات الاقتصادية والمعيشية الواحدة تلو الأخرى في ضوء الارتفاع المستمر للدولار الأميركي على حساب الليرة اللبنانية التي فقدت ما نسبته 92 في المئة من قيمتها الشرائية، وذلك دون وجود أفق واضح لحلها في ظل التخبط الحاصل في المواقف والتغيّر في موازين القوى وانقلاب المعادلات السياسية رأساً على عقب.
وقد كان لافتاً تشتّت آراء النواب المنتخبين الجدد ورؤيتهم الواضحة لكيفية حل الأزمة، وهو ما دفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليغرد عبر حسابه على “تويتر” مشدداً على أن لا معنى للمواكب والمهرجانات ولا معنى لكلام التخوين من أي جهة ولا معنى لمحاولات الالغاء بأي شكل من الاشكال، مضيفاً “لقد صمدنا ونجحنا وشكراً لمن صوّت معنا من دون استثناء والمهم هو برنامج الاصلاح ابتداء من الكهرباء والكابيتال كونترول وغيرها من القطاعات مرورا بقانون انتخابي جديد“.
كلام جنبلاط رسم بوضوح التحديات الماثلة ما بعد الإنتخابات في ضوء المدى الذي ذهبت إليه الازمة وتداعياتها على الطبقات الفقيرة والمسحوقة في ظل تقاعس الدولة عن مساعدة الأسر الأكثر فقراً بعد أن قطعت الحكومة عهداً على نفسها ان تكون هذه المساعدة “عيديتهم” في عيدي الميلاد ورأس السنة، وقد انقضى خمسة أشهر والحكومة تتحضر للرحيل ولم يرشح شيئا عن موعد دفع تلك المساعدات ما قد يجعلها في مهب الريح.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى طالب عبر “الانباء” الالكترونية بضرورة “اتخاذ اجراءات سريعة لتفادي الأزمة بعد وصول الوضع الاقتصادي الى دائرة الخطر”، داعياً الحكومة الى “القيام بواجبها ووضع حد لتفلت الأسعار“.
وبشأن المجلس النيابي الجديد، لفت موسى الى ان مجلس النواب الحالي تنتهي ولايته في 21 الجاري، وعلى رئيس السن للمجلس الجديد ان يحدد موعد لانتخاب رئيس جديد للمجلس المنتخب في غضون 15 يوماً من انتهاء ولاية المجلس القديم، وأن يصار بعدها لاجراء استشارات لتسمية رئيس مكلف بتشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت تكون قادرة على التصدي للأزمات.
في هذا السياق، توقع الخبير المالي والاقتصادي لويس حبيقة أن تستمر الأزمة عدة أشهر لأن تشكيل حكومة جديدة تعكس التغيرات التي حصلت في الانتخابات قد يكون معرضاً لصدامات سياسية، وإذا لم نشكل حكومة خلال فترة قريبة تتصدى للأزمات المشار اليها فقد يتعذر تشكيل حكومة الى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية.
وأضاف حبيقة: “نحن اليوم نمر بوضع انتقالي غير واضح، ومن خلطة الى خلطة، ويبدو أن هذه الخلطات ليست معروفة ولا في أي اتجاه ذاهبة، فالمسألة تتطلب وقتاً”، لكنه أشار من جهة ثانية الى أن انجاز الانتخابات “خطوة ايجابية يجب الاستفادة منها في الاطار السليم”، فالأمور برأيه تتطلب وقتاً للتوضح الصورة. وتابع: “أمامنا ثلاث او اربعة اشهر فاذا تجاوزناها بأقل الخسائر الممكنة فذلك يكون خطوة ايجابية، لذلك الناس مرتاحة لكنها قلقة ولا تعرف ما تخبئه الأقدار”، لافتا الى تزايد الطلب على الدولار والدولار في تناقص مستمر.
وفي موضوع غلاء المحروقات، أوضح أن الغلاء عالمي بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا، مشيراً الى أن سعر برميل النفط وصل الى 114 دولار أميركي واذا استمر بالارتفاع فقد يصل سعر صفيحة البنزين الى أكثر بكثير من 600 الف ليرة، داعياً لأجل كل ذلك إلى تشكيل حكومة جديدة والشروع بترتيب البيت السياسي، معرباً عن قلقه من تصريحات بعص النواب الجدد ودعاهم للانتباه وعدم إخافة الناس.
المشهد اذاً مع كل ما يحتويه من مخاطر قد يأخذ البلد نحو ما هو أسوأ بحال تلهّى الفرقاء بالمناكفات ولم يتفرّغوا لتشكيل حكومة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، وهذا ما يجب التصدي له دون أي إبطاء.