كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: استفاقت أحزاب السلطة من الكابوس الانتخابي لتواجه مرارة خسارة الأكثرية النيابية وتراجع مخزونها الاستراتيجي من “الحواصل” إلى مستويات مثيرة للهلع بعد النكسة التي أصابت “رفاق السلاح” في مختلف الدوائر تحت وطأة ما أفرزته الصناديق من أصوات سيادية تغييرية مناهضة لسطوة الدويلة وفسادها.
وبعد حصر أضرارها الناجمة عن استحقاق 15 أيار، سارعت قوى 8 آذار إلى شنّ هجمة مرتدة على أحزاب المعارضة وقوى التغيير والثورة في محاولة يائسة لتأكيد استمرار قبضتها وتحكّمها بمسار لبنان ومصيره، مستعيدةً نغمة “الترهيب والترغيب” في مقاربة الخصوم على إيقاع لا يخلو من قرع طبول التهديد والوعيد والتخوين والتلويح الصريح بعدم التواني عن إضرام نيران “الحرب الأهلية” وتقويض “السلم الأهلي” في البلد لإعادة فرض الغلبة بالقوة لمحور الممانعة في موازين القوى الداخلية، بحيث لم يتأخر “حزب الله” في وضع الإصبع على الزناد عبر تصريحات نارية صوّبها رئيس كتلته البرلمانية محمد رعد باتجاه نواب المعارضة بوصفهم “دروعاً للصهاينة والأميركيين“.
وعشية الإطلالة المرتقبة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله اليوم لمقاربة المشهد الانتخابي، من زاوية إبداء الجهوزية الحزبية والسياسية والعسكرية إذا اقتضى الأمر لإسقاط “برلمان التطبيع مع إسرائيل في العام 2022” كما جرى “دفن برلمان 17 أيار من العام 1983” حسبما جاء في مقدمة نشرة “المنار” المسائية، تولى كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مهمة إطلاق الرشقات التحذيرية في مواجهة النواب المعارضين المنتخبين، فبادر الأول إلى “المناورة وشقلبة الأولويات” على جدول أعمال ومهمات المجلس الجديد، بينما سارع الثاني إلى “المكابرة والقفز فوق الوقائع” ليخلص إلى اعتبار نفسه “المنتصر الأكبر” في الانتخابات!
فعلى جبهة “عين التينة”، تركّز خطاب بري على محاولة تطويع “الرؤوس الحامية” و”الغارقين في براثن العبودية والتبعية للخارج”، عبر الدعوة إلى “الحوار” حول وضع قانون انتخابي جديد “خارج القيد الطائفي مع خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة وإنشاء مجلس شيوخ تمثل فيه الطوائف، وإقرار اللامركزية الإدارية الموسعة وفق صيغة الطائف”، مقابل إعادة تأكيده على تمسك الثنائي الشيعي ببقاء السلاح خارج إطار الدولة ضمن معادلة “جيش وشعب ومقاومة” باعتبارها المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان وثرواته في البر والبحر.
أما على جبهة “ميرنا الشالوحي”، فأطلّ باسيل “مشمّراً عن زنوده” ليعلن انتصار “التيار الوطني” في المواجهة الانتخابية التي خاضها ضد “الدول والأنظمة والسفارات و”شوالات” الأموال”، مطوّباً نفسه رئيساً “لأكبر كتلة وتكتل” في البرلمان الجديد، وداعياً على هذا الأساس نواب المجتمع المدني والثورة إلى الالتحاق به في مهمة الإصلاح ومكافحة الفساد.
وإذ اعتبر في “الاستخلاصات والعبر” الانتخابية أنّ “التوازنات لم تتغير” وأنّ النتائج كشفت “كذبة التغيير”، رأى باسيل أنّ جمهور التيار الوطني أثبت أنه “مجتمع ممانع”، في مقابل إقراره بـ”الخطأ” الذي حصل في جزين وأتى نتيجة “سوء نية وسوء حسابات”، معتبراً في الوقت نفسه أنّ صناديق الاقتراع أسفرت عن “تشرذم أكبر في مجلس النواب” لن يخدم العمل التشريعي.
وعن الاستحقاق الحكومي، جاهر رئيس “التيار” برفضه المسبق لفكرة تشكيل حكومة من الاختصاصيين على قاعدة “باي باي” حكومة تكنوقراط، بينما دعا في ما يتصل بانتخاب رئيس جمهورية جديد إلى تجنب الوقوع في “فراغ رئاسي” عبر المسارعة إلى إقرار مبدأ “انتخاب الرئيس مباشرةً من الشعب“.
وفي المقابل، تقاطعت الرسائل الأممية والعربية والأوروبية أمس عند التشديد على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة “يمكنها إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لوضع لبنان على طريق النهوض الاقتصادي”، حسبما عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والتأكيد على ضرورة أن “يدعم مجلس النواب المنتخب عملية سريعة لتشكيل الحكومة وأن يتصرف بشكل مسؤول وبنّاء لخدمة لبنان وشعبه” وفق بيان الاتحاد الأوروبي، والإشارة إلى وجوب “البناء على نتائج الانتخابات والاسراع في تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات الضرورية واللازمة لتمكين لبنان من الخروج من الأزمة” على حد تعبير الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مناشداً “القيادات اللبنانية من مختلف الطوائف والانتماءات السياسية إظهار أعلى مستويات المسؤولية وإعلاء المصلحة الوطنية، باعتبار أن الشهور القادمة ستمثل اختباراً حاسماً لقدرة البلاد على اجتياز الأزمة”، وذلك بالتوازي مع تغريدة جديدة لافتة للسفير السعودي وليد بخاري أمس رأى فيها أنّ “نتائج الإنتخابات النيابية اللبنانية تؤكد حتمية تغليب منطق الدولة على عبثية فوائض الدويلة المعطلة للحياة السياسية والاستقرار في لبنان