كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : على أعتاب لحظة الفصل في صناديق الاقتراع الأحد المقبل، وقطعاً لدابر حملات الترهيب الممنهجة من مخاطر أمنية تتربص بالناخبين في اليوم الانتخابي، حرص قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس على تأكيد الجهوزية “العملانية والأمنية” الكاملة لتنفيذ مهمة “حفظ أمن العملية الانتخابية وإتمامها بنجاح”، مشدداً خلال اجتماعه مع أركان قيادة المؤسسة العسكرية في اليرزة على وقوف الجيش على مسافة واحدة من الجميع، مع دعوته في المقابل الأطراف المعنية بالانتخابات إلى “التحلي بالمسؤولية الوطنية” بعيداً عن المزايدات الانتخابية التي حاولت في الآونة الأخيرة التشكيك بالمؤسسة العسكرية والمسّ بمعنويات ضباطها وعديدها.
أما على المستوى الخارجي، فلفت أمس الدخول العربي على خط مراقبة حسن سير الاستحقاق الانتخابي المرتقب من خلال إعلان جامعة الدول العربية قرارها إيفاد بعثة إلى بيروت برئاسة الأمين العام المساعد السفير أحمد رشيد خطابي لمراقبة الانتخابات النيابية، موضحةً أنه “تم وضع برنامج توزيع جغرافي لأعضاء البعثة في مختلف المحافظات والأقضية اللبنانية لمراقبة مجريات عمليات الاقتراع والعد والفرز ورصد الاجواء الانتخابية في عدد من المراكز الانتخابية، طبقاً للقواعد المتعارف عليها ومقتضيات السلوك المعمول بها في نطاق جامعة الدول العربية، بشأن الالتزام بالنزاهة والمصداقية وواجب الحياد”، على أن تقوم البعثة بإصدار “بيان تمهيدي” حول هذه الانتخابات فور انتهائها من عملية المراقبة، يليه إعداد تقرير نهائي سيرفع للأمين العام لجامعة الدول العربية متضمناً ملاحظات البعثة التفصيلية حول المهمة والتوصيات الخاصة بالحدث الانتخابي.
وفي سياق متقاطع مع الحرص العربي على إنجاز وإنجاح العملية الانتخابية في لبنان، برز أمس الإعلان عن توجيه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، عبر المديرية العامة للأوقاف الاسلامية، أئمة وخطباء المساجد نحو تخصيص خطب صلاة بعد غد الجمعة في مختلف أنحاء المناطق اللبنانية لاستنهاض أبناء الطائفة السنية وحثهم على المشاركة في “ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي واختيار الأصلح والأكفأ ومن هو جدير بتولي هذه الأمانة، وحثّ المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه وعروبته ومؤسساته الشرعية”.
وعلى الضفة المقابلة، تقاطعت الخطابات الانتخابية بين “المصيلح” و”الضاحية الجنوبية” عند تأكيد وحدة المسار والمصير والمشروع القائم على التمسك بـ”المقاومة نهجاً وثقافةً وسلاحاً” كما شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، في معرض إشارته إلى أنّ العلاقة التي تجمع “حركة أمل” بـ”حزب الله” هي “علاقة بين الروح والجسد الواحد”.
وتحت هذا الشعار، شنّ الثنائي الشيعي، على لسان كل من بري والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، هجمة متزامنة ومتناسقة في مضامينها و”أبعادها الانتخابية” على ملف التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، بحيث أمهل رئيس المجلس النيابي الوسيط الأميركي مهلة “شهر واحد” لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل تحت طائل تفرّد لبنان بعملية “البدء بالحفر في البلوكات الملزمة من دون تردد”. في حين تولى نصرالله من ناحيته مهمة التهديد بإطلاق مسيّرات جوية فوق السفينة التي أبحرت باتجاه المياه الإقليمية للتنقيب في حقل كاريش “لا لنقصفها بل لنعطيها إنذاراً”، مؤكداً عزم “حزب الله” على منع إسرائيل والشركات العاملة معها من استكمال أعمال التنقيب في المناطق المتنازع عليها مع لبنان.
أما في ما يتصل بالوعود الانتخابية الأخرى، فاسترعى انتباه المراقبين تشديد متطابق من بري ونصرالله على وجوب “إعادة أموال المودعين كاملة” بموجب خطة التعافي الاقتصادية والمالية، الأمر الذي اعتبرته مصادر حكومية “بيعاً للأوهام في الموسم الانتخابي”، لكنها استدركت بالإشارة إلى أنه في حال بقي الثنائي الشيعي على هذا الموقف بعد الانتخابات فإنّ ذلك سيدل على وجود “نوايا مبيتة لنسف الاتفاق مع صندوق النقد بشكل لن تقوم للبنان قائمة من بعده”.
في المقابل، برزت إطلالة انتخابية لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مساءً في المهرجان الذي أقامه الحزب لمرشحيه في دائرة بيروت الأولى، توجه من خلاله إلى الناخبين بضرورة اعتماد سياسة الإدلاء بـ”الصوت المفيد” في صناديق الاقتراع، بمعنى “التصويت للأحزاب الكبرى والجهات القادرة على القيام بعملية التغيير المطلوبة وإنقاذ البلد”، مشككاً بقدرة أي من المرشحين “المستقلين” أو المرشحين الذي يخوضون المعركة الانتخابية تحت شعار “المجتمع المدني” بإنجاز هذه المهمة الوطنية الكبرى.
وإذ جدد التنبيه إلى أنّ كل ناخب يمنح صوته إلى أي من مرشحي “التيار الوطني الحر” يكون بذلك يصوّت لصالح “حزب الله” وللبقاء في “جهنّم الحالية”، رفض جعجع تحميل مسؤولية ما آلت إليه الأمور في البلد إلى كل الأحزاب، مشدداً على أنّ “حزب الله” و”التيار الوطني” يتحملان هذه المسؤولية عن ذلك باعتبارهما من أركان السلطة الحاكمة، وأضاف في سياق رفضه التعميم الحاصل تحت شعار “كلن يعني كلن” قائلاً: “على سبيل المثال “التيار الوطني” سرق وباع المبادئ بينما “القوات اللبنانية” لم تسرق ولم تبع المبادئ”، ليخلص إلى التحذير من أنّ سياسة تجييش الناخبين ضد الأحزاب كلها يرمي في الواقع إلى “تجهيل الفاعل الرئيسي والمسؤولين الحقيقيين عن الوضع الذي وصل إليه لبنان”.