كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : دخلت البلاد ابتداءً من منتصف ليل امس في فترة ثانية من الصمت الانتخابي، استعداداً لاقتراع الإداريين الذين سيتولون إدارة العمليات الانتخابية في مراكز الاقتراع وأماكن فرز النتائج النهائية للانتخابات، بدءاً من إقفال أقلام الاقتراع مساء الاحد المقبل، الذي يتوقع ان تتخلّله منازلات انتخابية شديدة في كثير من الدوائر الانتخابية في بيروت والمناطق. وفيما السؤال الكبير الذي سيُطرح صبيحة الاثنين: أي لبنان سيكون في ضوء نتائج الانتخابات، فيما كل المؤشرات تدل الى الآن، انّ هذه النتائج لن تختلف كثيراً عن نتائج انتخابات 2018 مع فارق تبدّل بعض الوجوه ضمن الفريق الواحد، ودخول عدد ضئيل من الوجوه الجديدة الى الندوة النيابية للمرة الاولى؟
في هذه الأجواء تبلّغ لبنان رسمياً قرار إرجاء زيارة الحبر الاعظم التي كانت مُقرّرة في 12 و13 حزيران المقبل، عبر رسالة من دوائر الفاتيكان، على أن يُعلن الموعد الجديد لهذه الزيارة فور تحديده. وأشار رئيس لجنة الإعداد للزيارة وزير السياحة وليد نصار الى أنّه تمّ تأجيل الزيارات الخارجية والمواعيد المقرّرة في برنامج قداسة البابا فرنسيس لأسبابٍ صحية. وفي حين لم يصدر أي إعلان رسمي من الفاتيكان حول تأجيل الزيارة، أبلغ مدير دار الصحافة في الكرسي الرسولي ماتيو بروني الى الصحافيين المعتمدين لدى الفاتيكان، أنّ التأجيل كان لأسبابٍ صحية فقط، علماً أنّ الحَبر الأعظم يعاني منذ أسابيع عدة ألماً في الركبة والتهاباً في الورك.
وبحسب مصادر مطّلعة، لن يُحدّد موعد جديد للزيارة الآن. ويبدو أنّها أُرجئت الى وقتٍ قد لا يكون قصيراً، إذ انّ على جدول أعمال قداسة البابا زيارتين خارجيتين في تموز المقبل، لجنوب السودان والكونغو، إضافةً الى زيارة لكندا أواخرالشهر نفسه، لم يتبيّن بعد ما إذا كان سيتمّ تأجيلها، علماً أنّ هذه الزيارات مُعلنة رسمياً لدى الكرسي الرسولي، وبعدها، يحين وقت العطلة السنوية الفاتيكانية في آب، وبالتالي من المُستبعد أن يزور البابا لبنان قبل أيلول، مع الأخذ في الاعتبار الوضع القائم فيه خلال تلك الفترة، وبالتالي هناك عوامل مجهولة أو غير واضحة تؤثر على توقيت هذه الزيارة.
ما قبل الصمت الانتخابي
وقبل ساعات من بدء الصمت الانتخابي الثاني منتصف الليل، تلاحقت المواقف والمهرجانات الانتخابية استعداداً للانتخابات المقرّرة الاحد المقبل على مساحة لبنان كله، وصبّت كلها في اتجاه دعوة الناخبين الى الإقبال بكثافة على الاقتراع، وتناولت في جانب منها ردوداً سياسية من فريق على آخر كان تناوله بالهجوم او الانتقاد خلال حملاته الانتخابية.
بري
وفي هذا الاطار، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمة وجّهها الى اللبنانيين عشية الصمت الانتخابي، أنّ «منظومة حركة «أمل» ومنظومة الثنائي الوطني هي منظومة مقاومة، ومنظومة الكرامة والعزة، والتضحية والتنمية والنصر والتحرير وإسقاط إتفاق 17 أيار وإخراج لبنان من العصر الإسرائيلي الى العصر العربي». وأشار الى أنّ «البعض وعن سوء تقدير، عمد طوال الأشهر الماضية ومنذ 17 تشرين مروراً بفاجعة انفجار مرفأ بيروت وما بينهما، الى تسعير خطابه الإنتخابي تحريضاً طائفياً ومذهبياً بغيضاً وافتراء وتهشيماً وكذباً واستهدافاً لحركة أمل وتاريخها ومسيرتها وإنجازاتها وتحالفاتها»، لافتاً الى انّ «ذلك الاستهداف يثير الشبهة ويكشف حقيقة النيات المبيتة للبنان عموماً وللثنائي الوطني وحركة «أمل» خصوصاً».
وأكّد أنّ «التحالف بين حركة «أمل» و»حزب الله» ليس تحالفاً طائفياً من أجل استقواء طائفة على أخرى، وليس تحالفاً انتخابياً لكسب أكثرية من هنا أو هنالك. وهو تحالف راسخ رسوخ الجبال، بمثابة علاقة بين الروح والجسد الواحد»، مشدّداً على أنّ «المقاومة لا تزال حتى هذه اللحظة الراهنة التي يستبيح فيها العدو سيادة لبنان ويهدّد ثرواته وينفّذ مناوراته حتى في يوم الإنتخابات على طول الحدود مع لبنان، هذه المقاومة التي لا تزال تمثل حاجة وطنية ملحّة إلى جانب الجيش لحماية وردع العدوانية الإسرائيلية». وأعلن «باسم مرشحي لوائح الأمل والوفاء، عدم القبول بأي قانون أو بأي خطة للتصحيح المالي والاقتصادي لا تكرّس ولا تعيد حقوق المودعين، كل المودعين، كاملة دون أي مساس بها». ودعا الى «تحويل يوم الانتخابات الى يوم للاستفتاء الوطني على ثوابت المقاومة والتنمية والوحدة».
نصرالله
وبدوره، قال الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، خلال المهرجان الانتخابي الذي أقامه الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، انّ «كل ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري يعبّر عن أفكار ومضامين الثنائي الوطني»، معتبراً ان «وجود الدولة مهم وأساسي لأن البديل عنها هو الفوضى». وقال: «لا نطرح أنفسنا دولة إلى جانب الدولة ولا أحد يستطيع ان يكون بديلا عنها في كل المجالات». وأضاف: «حتى في موضوع المقاومة لا نطرح أنفسنا بديلاً عن الدولة لهذا نتحدث دائماً عن الجيش والشعب والمقاومة. لدينا دولة قائمة بمؤسساتها وما نحتاجه هو معالجة ما تعانيه من مشاكل وعيوب من خلال الإصلاح». وتابع: «نحن أمام بلد وضعه دقيق وحساس ومقاربة مَسائله لا يمكن أن تحصل بأنفاس حماسية وثورية كما يحصل في بلدان أخرى».. وأكد أن «الحرب الأهلية خط أحمر ويجب على اللبنانيين النظر إلى هذا الموضوع على أنه خيانة».
وقال نصرالله انّ «أموال الدولة هي ملك لكل الشعب ويجب أن تصل من خلال المشاريع العادلة والإنمائية إليه»، معتبراً ان «الدولة العادلة هي الدولة القادرة على حماية سيادتها وثرواتها من أي عدوان أو تسلّط أو هيمنة او انتقاص». وأضاف: «إن الدولة العادلة هي الدولة التي لا تلقي بأعباء التحرير أو أعباء الحماية على شعبها، وان مسؤولية بناء الدولة العادلة هي مسؤولية الجميع ومن يدّعي أنه يستطيع القيام بذلك لوحده ليس صادقاً».
وأكد أنّ «ما ندعو إليه هو الشراكة وعدم الإلغاء والإقصاء والجميع يجب أن يتمثّل في المجلس النيابي بأحجامه الطبيعية»، موضحاً أن «حديث الأقلية والغالبية في الحكومة غير منطقي ويأخذ لبنان إلى أزمات وهذا ما قلناه دائماً». ورأى أنّ «الإقصاء تحت عنوان أقلية وأكثرية في نظام طائفي يدفع بالبلد نحو مغامرات ولبنان لا يتحمّل سلوكا سياسيا من هذا النوع». وقال: «لبنان لا يتحمّل طائفة ولا حركة ولا حزبا ولا تيارا قائدا مهما بلغ من القوة وفائض القوة».
وذكّر نصر الله أنه «حين دخلنا إلى الحكومة عام 2005 دخلنا بخلفية حماية ظهر المقاومة»، مشيراً إلى أنه «لم ولا نطلب من الدولة حماية المقاومة بل ما نطلبه عدم طعن أحد ما في الدولة». وأعلن ان «حزب الله» مصمّم على الحضور بفعالية وجدية ومسؤولية في الدولة»، وقال: «لا أحد يتوقّع عندما نقول إننا بتنا جزءا من الدولة والنظام أن تحلّ كل المشاكل».
توجيهات دريان
وبناء على توجيهات مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، عمّمت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية على أئمة وخطباء المساجد لدعوة اللبنانيين في خطبة الجمعة المقبلة إلى «المشاركة الواسعة وبكثافة في ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي، واختيار الأصلح والأكفأ ومن هو جدير بتولّي هذه الأمانة». ودعاهم الى «حَض المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمَن يرون أنه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه وعروبته ومؤسساته الشرعية».
قائد الجيش
وزوّد قائد الجيش العماد جوزف عون أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة، خلال اجتماعه بهم في اليرزة، «التوجيهات اللازمة والإجراءات الضرورية لحفظ أمن الانتخابات النيابية وإتمامها بنجاح». واكد أنّ «الجيش جاهز عملانياً وأمنياً لهذه المهمة، وأنه على مسافة واحدة من الجميع، وما يعنيه هو إتمام العملية الانتخابية بنجاح وديموقراطية». وتحدث عن «حملة استهدافات طالت المؤسسة العسكرية لجهة مواكبة عملية التحضير للانتخابات»، مؤكداً أنّ «الجيش يقف على الحياد، وليس طرفاً في هذا الاستحقاق إطلاقاً، ولا يقف إلى جانب أي جهة ضد أخرى، إنما يتدخّل عند حصول إشكال أو احتكاك لمنع تفاقم الوضع»، داعياً «الأطراف المعنية بالانتخابات إلى التحلّي بالمسؤولية الوطنية والتعاون مع المؤسسة العسكرية لإنجاز هذا الاستحقاق بهدوء وديموقراطية».
مجلس الوزراء
من جهة ثانية، يعقد مجلس الوزراء جلسته ما قبل الاخيرة عند التاسعة والنصف صباح غد الخميس في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلى جدول أعمالها ٤٩ بنداً.
وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» انّ الجدول خال من اي تعيينات ادارية وقضايا دسِمة يبدو أنها مؤجّلة الى الجلسة الأخيرة الخميس المقبل في 19 من الجاري، وهو يقتصر على مجموعة من البنود المالية الخاصة بنقل اعتمادات مالية لعدد من الوزارات والمؤسسات العامة وخصوصا المجلس الأعلى للدفاع والسجون والجيش بمئات الملايين من الليرات، وسلفة مالية بقيمة 90 مليار ليرة لوزارة المال لدفع مستحقات لمكاتب المحامين والمحاسبين والمستشارين الدوليين واشتراكات منظمة الصحة العالمية، ومشروع مرسوم لتشريع تجديد جوازات سفر اللبنانيين في الخارج لمصلحة المشاركين في الانتخابات النيابية فقط على سبيل التسوية.
وفي الجدول أيضاً طلب الموافقة على مسودة دفتر شروط لإطلاق مزايدة تلزيم الخدمات البريدية والوثائق العائدة له. وعرض مجلس الانماء والاعمار لتمديد العقد مع المتعهّد لتشغيل وصيانة المدينة الجامعية في الحدث، وطلب وزارة الداخلية مضاعفة بدل أتعاب الاطباء والممرضين وتقنيي الاشعة المكلفين بالعمل داخل السجون اللبنانية، الى قضايا ادارية ومالية مختلفة تعني بعض المؤسسات العامة والقطاعات الامنية والادارية.
وفي الجدول ايضاً طلبات عدة للموافقة على مجموعة من اتفاقات التعاون التقني والقضائي وحماية الأعمال الأدبية والفنية، وقبول هِبات عدة مختلفة والمشاركة في بعض المؤتمرات الدولية والأممية.