قرر مجلس الوزراء الذي انعقد في جلسة استثنائية قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون ومدير المخابرات العميد الركن انطوان قهوجي وقائد القوات البحرية العقيد الركن هيثم ضناوي، تكليف الهيئة العليا للإغاثة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والضرورية المتعلقة بغرق الزورق في طرابلس وتكليف وزارات الشؤون الاجتماعية للتواصل مع الهيئات الدولية للبحث في امكان تقديم المساعدة للضحايا وذويهم، والخارجية والمغتربين والدفاع الوطني للتواصل مع الجهات الدولية للمساعدة في تعويم المركب الغارق. كما طلب من قيادة الجيش اجراء تحقيق شفاف حول ظروف وملابسات الحادث تحت اشراف القضاء المختص وتكثيف جهود البحث عن المفقودين بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية.
واعلن وزير الاعلام بعد الجلسة، ان قائد الجيش وضع نفسه وقيادة الجيش والعسكريين بتصرف القضاء.
وشكّل المجلس لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء هدفها اعداد مشروع قانون يرمي الى انشاء مجلس لتنمية الشمال، وقرر الطلب الى وزارتي الداخلية والبلديات والمالية تحويل مستحقات بلدية طرابلس من الصندوق البلدي المستقل.
ودان المجلس الاعتداء الذي تعرض له وزير الطاقة والمياه وليد فياض وطلب الى الأجهزة الأمنية والقضائية اتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة الفاعلين وانزال العقوبات بحقهم.
وسبق الجلسة خلوة بين الرئيس عون والرئيس ميقاتي تناولا فيها آخر المعطيات والمعلومات المتوافرة عن غرق الزورق، بالإضافة الى الوضع الأمني في البلاد.
الرئيس عون
واستهل الرئيس عون الجلسة بالدعوة الى الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح الضحايا، مشدداً على ضرورة معالجة ما حصل من مختلف النواحي، وتولي القضاء التحقيق في ملابسات غرق الزورق وسط وجود روايات متضاربة عنها، وذلك بهدف جلاء الحقيقة ووضع حد لاي اجتهادات او تفسيرات متناقضة. ووصف الحوادث الامنية الأخرى في طرابلس وبيروت والاعتداء على وزير الطاقة وليد فياض بأنها “غير مقبولة ولا مبرر لها”، داعيا الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها.
الرئيس ميقاتي
بدوره، شدد الرئيس ميقاتي على عدم جواز حرف الأنظار تحت وطأة الحزن والفاجعة بهذه القضية عن سياقها القانوني والقضائي الذي يجب ان يأخذ مجراه الى النهاية التي تفضي الى كشف ملابسات ما حصل والاقتصاص من المتسببين بما حصل. وإذ اعرب عن رفضه القاء التهم جزافاً قبل انجاز التحقيق، فإنه شدد “على اجراء التحقيقات بسرعة وشفافية بعيداً عن الضغط الاعلامي والاستثمار السياسي والشعبوي والانتخابي الرخيص”، مؤكداً على متابعة القضية وفق الاصول القضائية والأمنية، وعلى وجوب أن تكون التحقيقات شاملة. ودعا الى التشدد في متابعة ما حصل، مطالباً الاجهزة الامنية كافة بالتشدد في الامن الوقائي لتلافي حصول اي كارثة، معرباً عن ثقته الكبيرة بحكمة الجيش وقيادته والتحقيقات التي سيقوم بها.
واكد ان الحوادث التي حصلت أخيرا في ظرف متقارب وبشكل متتالي، كلها “تنال من هيبة الدولة وعلينا اتخاذ مواقف حازمة تجاهها في هذه الجلسة” .
البيان
وفي ختام الجلسة، تلا وزير الاعلام زياد مكاري البيان التالي:
“عقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين غاب منهم نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير التربية. وخصصت الجلسة للبحث في حادثة غرق الزورق قبالة شاطئ طرابلس والأوضاع الأمنية في البلاد. وحضر الجلسة قائد الجيش العماد جوزف عون ومدير المخابرات العميد أنطوان قهوجي وقائد القوات البحرية العقيد هيثم ضناوي.
في مستهل الجلسة، طلب الرئيس عون الوقوف دقيقة صمت حداداً على ضحايا الزورق، ثم تقدم بالتعازي الى ذويهم وتمنى الشفاء للناجين منهم، على امل معرفة مصير بقية الركاب الذين يجري البحث عنهم. وقال الرئيس عون: ان ما حصل حادث آلمنا جميعاً ولا بد من معالجته من مختلف النواحي وتولي القضاء التحقيق في ملابسات غرق الزورق وسط وجود روايات متضاربة عنها، وذلك بهدف جلاء الحقيقة ووضع حد لاي اجتهادات او تفسيرات متناقضة.
كما لفت الرئيس عون الى حصول حوادث امنية أخرى في طرابلس وبيروت واعتداء على وزير الطاقة وليد فياض، وكلها حوادث غير مقبولة ولا مبرر لها، داعياً الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
ثم تحدث الرئيس ميقاتي فقال: ألمّت بطرابلس، ومن خلالها كل لبنان، فاجعة وطنية جراء غرق زورق قبالة شواطىء المدينة، ما أدى الى وفاة وفقدان العشرات من ابناء المدينة ومنطقتها. في هذه المناسبة الأليمة، اجدد التعزية لذوي الضحايا، واعبّر عن تعاطفي وتعاطف مجلس الوزراء مع ذوي المفقودين وأتمنى للجرحى الشفاء العاجل .هذه الفاجعة الوطنية أصابت كل لبناني وكل طرابلسي في الصميم، ومن غير الجائز أخلاقياً وإنسانياً ووطنياً تحت وطأة الحزن والفاجعة، حرف الانظار بهذه القضية عن سياقها القانوني والقضائي الذي يجب ان يأخذ مجراه الى النهاية التي تفضي الى كشف ملابسات ما حصل والاقتصاص من المتسببين بما حصل.
اضاف: من موقعي فإنني أرفض القاء التهم جزافاً قبل انجاز التحقيق، وأشدد على اجراء التحقيقات بسرعة وشفافية بعيداً عن الضغط الاعلامي والاستثمار السياسي والشعبوي والانتخابي الرخيص. نحن سنتابع القضية وفق الاصول القضائية والأمنية ، ونشدد على وجوب أن تكون التحقيقات شاملة منذ لحظة انطلاق المركب وصولا الى ما حصل في عرض البحر، اضافة الى التشدد في متابعة ما حصل قبل انطلاق المركب، وايضا في مطالبة الاجهزة الامنية كافة بالتشدد في الامن الوقائي لتلافي حصول اي كارثة. ثقتنا كبيرة بحكمة الجيش وقيادته والتحقيقات التي سيقوم بها، ونحن على ثقة بأنه حريص على الحفاظ على سلامة ارواح اللبنانيين، جميع اللبنانيين، وفي الوقت ذاته حريص على الحفاظ على صدقية التحقيقات التي سيقوم بها في هذا الملف.
وقال: لقد حصلت عدة حوادث في ظرف متقارب وبشكل متتالي، وعلينا البحث في أسبابها وما اذا كان البعض منها مخططا له للنيل من هيبة الدولة ومن حماية المواطن، ومنها ما حصل في طرابلس والتداعيات التي جرت، والتعدي على وزير الطاقة ، واطلاق الصواريخ من الجنوب والحادثة التي وقعت في البقاع، وما حصل في عائشة بكار، والدخول على المطاعم في وسط بيروت، كلها حوادث تنال من هيبة الدولة وعلينا اتخاذ مواقف حازمة تجاهها في هذه الجلسة .
بعد ذلك، قدم العماد عون ومدير المخابرات وقائد القوات البحرية عرضا مفصلاً معززاً بالصور والوثائق، حول ما حصل مع الزورق والمحاولات التي قامت بها القوات البحرية لإنقاذ الركاب.
وبعد التداول قرر مجلس الوزراء ما يلي:
1- تكليف الهيئة العليا للإغاثة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والضرورية المتعلقة بالموضوع لمواكبة ذوي الضحايا ونقل ما يلزم من اعتمادات عند الاقتضاء من احتياطي الموازنة العامة الى موازنة رئاسة مجلس الوزراء-الهيئة العليا للإغاثة- على أساس القاعدة الاثني عشرية.
2- تكليف وزارة الشؤون الاجتماعية التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية للبحث في إمكانية تقديم المساعدة في المجالات الصحية، الإنسانية، والنفسية للضحايا وذويهم.
3- الطلب من قيادة الجيش اجراء تحقيق شفاف حول ظروف وملابسات الحادث وذلك تحت اشراف القضاء المختص، كما والطلب الى الجيش تكثيف جهود البحث والإنقاذ عن المفقودين بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل).
4- الطلب من وزارتي الخارجية والمغتربين والدفاع الوطني التواصل مع الجهات الدولية للمساعدة في تأمين المعدات والاليات اللازمة لتعويم المركب الغارق.
5- تكليف وزير الشؤون الاجتماعية تعديل شروط الاستفادة من المشروع الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية ومشروع الاسر الاكثر فقراً لتمكين اكبر شريحة من اللبنانيين من الاستفادة منهما .
6- تشكيل لجنة برئاسة السيد نائب رئيس مجلس الوزراء وعضوية السادة وزراء: العدل، المالية، شؤون التنمية الإدارية، الداخلية والبلديات، الشؤون الاجتماعية والاقتصاد والتجارة هدفها
اعداد مشروع قانون يرمي الى انشاء مجلس لتنمية الشمال، وعرضه على مجلس الوزراء بالسرعة القصوى.
7- الطلب الى وزارتي الداخلية والبلديات والمالية تحويل مستحقات بلدية طرابلس من الصندوق البلدي المستقل.
8- الطلب من وزارة الاشغال العامة والنقل الايعاز لمن يلزم لتسجيل جميع المراكب البحرية لدى رئاسة المرافئ المعنية وفقا للأصول، وذلك خلال مهلة أقصاها 3 اشهر من تاريخه تحت طائلة مصادرة جميع المراكب غير المسجلة ضمن هذه المهلة، وفقا لما تفرضه القوانين والأنظمة المرعية الاجراء.
كما قرر مجلس الوزراء الموافقة على طلب وزارة الشؤون الاجتماعية تسديد تغطية العقود المشتركة مع الجمعيات الاهلية والدينية للعام 2022.
الى ذلك، دان المجلس الاعتداء الذي تعرض له وزير الطاقة والمياه وليد فياض وطلب الى الأجهزة الأمنية والقضائية اتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة الفاعلين وانزال العقوبات بحقهم.
كذلك طلب مجلس الوزراء الى الأجهزة الأمنية منع التعديات على الأشخاص والممتلكات.”
حوار
ثم دار حوار بين الوزير مكاري والصحافيين فسئل عن وضع قائد الجيش والضباط المسؤولين انفسهم بتصرف القضاء وعما اذا سيحقق معهم، فأجاب: “صحيح ان القضاء العسكري هو من سيتولى التحقيق معهم، وقائد الجيش اكد اليوم انه هو وكل قيادة الجيش والعسكر بتصرف القضاء.”
وعن كيفية منع تكرار هذا السيناريو وسط الحديث عن ان بعض المراكب ربما يتجهز مع بداية فصل الصيف لتكرار الامر، اجاب: “ان قيادة الجيش مع امكانياتها القليلة، تحاول ان تفعل ما بوسعها لمنع احداث من هذا النوع. ان الامر ليس بهذه السهولة. ثم ان هناك امرا اخر يتعلق بالقضاء الذي لا يتشدد كما يجب عند اعتقال المهربين، وهو ما تم البحث به.”
سئل عن طريقة التعاطي مع المهربين وملاحقتهم بعدما باتوا يكررون فعلتهم، فأجاب: “لان القضاء يتراخى معهم. علمت ان احد المهربين بهذه الحادثة بالذات كان اوقف وأُفرج عنه في وقت قصير فيما يجب ان تكون الاحكام متشددة.”
سئل: تم عرض صور ووثائق خلال هذه الجلسة، فهل يمكن ان نعلم ما تضمنته هذ ه الصور؟ أجاب: “لا افضل ذلك لان القضاء سيتولى الموضوع والقضية دقيقة جدا.”
سئل: هل اقتنعتم بالبراهين والأدلة التي قدمها قائد الجيش؟
أجاب: “اريد ان أكون دقيقا جدا بكل كلمة اقولها وليقرر القضاء. لقد شاهدنا صوراً وفيديوهات، لكني افضل الا اعلّق على هذا الموضوع.”
سئل عن حصة طرابلس بالضحايا دائما.
أجاب: “للأسف، لان هناك الكثير من الفقر في طرابلس. ان طرابلس عزيزة عليّ شخصيا، انها عاصمة الشمال، الا انها أيضا افقر مدينة على البحر الأبيض المتوسط للأسف. ليساعد الله الناس، فاذا اذا كان الناس المرتاحون يتعذبون، فكيف حال الفقراء.”
سئل عن مجلس انماء الشمال ومن اين ستتأمن له الأموال.
أجاب: ” اليوم طرح الموضوع ومن المؤكد ان الامر سيتبلور في وقت لاحق.”
سئل عن الموضوع الأمني في البلاد وعما اذا كان هناك خوف من تكرار بعض الحوادث ومنها ما تعرض له وزير الطاقة؟
أجاب: “الجلسة عقدت اليوم للبحث في حدثين: موضوع غرق الزورق، والأوضاع الأمنية لا سيما واننا مقبلون على انتخابات بحيث ان كل الناس تريد ان تزايد على بعضها من مسؤولين ومرشحين وحتى ناخبين. وللأسف نحن امام مرحلة صعبة لكننا يجب ان نخرج منها بخير وسلامة.”
سئل عما يدور من حديث عن امكان حصول احداث من هذا النوع من اجل تأجيل الانتخابات؟ أجاب: “لا اشعر ان هناك مؤامرة “طويلة عريضة” من اجل تأجيل الانتخابات. اننا نقول انه في كل انتخابات- وكلنا عايشنا انتخابات- تحصل حوادث. البلد مأزوم؟ نعم انه كذلك، “مكموش” امنيا حتى الساعة؟ نعم انه كذلك بفضل الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني. والجلسة كانت مخصصة لحل هذا الموضوع.”
سئل عن قضية الدكتور ريشار خراط، فأجاب: “لم نتطرق الى هذا الموضوع اليوم، لكننا تطرقنا اليه في الجلسة السابقة.”
سئل عن حول إمكانية الجهة الخارجية التي ستقدم المساعدة في انتشال المركب الغارق، على المساهمة في التحقيق ايضاً.
أجاب: “لا. ان التحقيق تقوم به المحاكم اللبنانية وبشكل أساسي المحكمة العسكرية.”
وعن امكان الاخذ بالتقارير التقنية، أجاب: “يمكننا اخذ التقارير التقنية، تم الطلب من وزيري الدفاع والخارجية الاتصال بالدول الكبرى المحيطة بالبلد لنتمكن من سحب الزورق، لكن لا اعلم ما اذا يجب ربط هذا الامر بالتحقيق لانه بدأ وهناك موقوف، وسيكون هناك موقوفون اخرون.”
سئل: هل تعتبر ان باستطاعة التحقيق امتصاص غضب الشارع في طرابلس خاصة واننا رأينا غضب الأهالي والاتهام المباشر للجيش اللبناني؟
أجاب: “ليساعد الله أهالي طرابلس واللبنانيين والفقراء، لا احد يرغب في ان يكون مكان احد اخر، تصوروا درجة اليأس التي وصل اليها البعض بحيث قرر بيع كل شيء من اثاث منزل وذهب وثياب، كي يلجأ الى زورق لا يعلم ما اذا كان بامكانه الإبحار كيلومتر واحد في المياه فيموت كما حصل. فليساعد الله الناس، ان التحقيق من المفترض ان يثلج القلوب قليلا.”
سئل: هل توقف مجلس الوزراء عند كلفة اطلاق الرصاص الذي حصل رغم الفقر المدقع في المنطقة؟
أجاب: “ان مجلس الوزراء بحث في كل المواضيع المتعلقة بالامن. هل تقصدون ان هناك جهة تمول هذا العمل؟ اليوم هناك انتخابات وهناك الكثير من الأموال كما تعرفون. ولكنني اريد ان أقول شيئا لوسائل الاعلام سبق ان قلته سابقا وانتقدوني عليه في وسائل التواصل الإجتماعي. ان موضوع نشر صورالضحايا غير مقبول إنسانياً، ثمة من يضع صورة طفل ينازع او يودع اخاه، هذا موضوع له طابع أخلاقي وانساني وليس موضوعاً قانونياً او اعلامياً. ونطلب من الأجهزة ووسائل الاعلام ورواد التواصل الاجتماعي اخذ هذا الكلام بالاعتبار، بكل محبة وإنسانية.”