كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: أسئلة كثيرة تزاحمت علامات الاستفهام فيها خلال عطلة نهاية الأسبوع، فبقيت من دون إجابات شافية لتغرق الساحة اللبنانية أكثر فأكثر في مصائب متلاطمة تحت قبضة زمرة حاكمة تقود دفة البلاد وتبحر بمواطنيه من دون سترة نجاة نحو مصير جهنمي محتوم… فهل كان “زورق الموت” نتيجة موضعية لاصطدام عرضي في عرض البحر مع القوات العسكرية أم شرارة فتيل “فتنة طرابلسية” في مواجهة الجيش سارع تحالف العهد و”حزب الله” إلى التنظير فيها والتحذير من مغبة أن تسفر عن “تطيير الانتخابات”؟ وماذا عن تزامن إطلاق “الغراد” من جنوب لبنان على إسرائيل مع تباهي الحرس الثوري الإيراني بـ”امتلاكه أكبر قوة صاروخية بغض النظر عن الحدود الجغرافية”، محذراً من أنّ “إيران وجبهة المقاومة لديهما اليد الطولى في المعادلات السياسية والعسكرية والجيوسياسية على صعيدي المنطقة والعالم”؟!
الأكيد أنّ ثمة نوايا واضحة وأخرى مبيتة تتملك قوى السلطة لإضرام النار في هشيم البلد بغية إعادة التفاوض فوق حطامه على صيغة تأسيسية جديدة للجمهورية… وبالانتظار لا بد من وضع منهجية إفقار الناس وقهرهم وخنقهم جوعاً أو غرقاً ضمن سياق مترابط من الأحداث التي تتوالى فصولاً على أرضية التفليسة، وما مأساة غرق القارب الطرابلسي سوى مؤشر خطير جديد رصدته مفوضية شؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة “يسلط الضوء على المخاطر الصادمة التي يلجأ اليها الكثيرون بدافع اليأس” هرباً من بطش المنظومة اللبنانية الحاكمة، التي سارعت من ناحيتها إلى الاستثمار الرخيص في مياه طرابلس العكرة فكانت عند سوء الظن بها كما عادتها في ذرف دموع التماسيح على ضحاياها، واليوم بعدما أغرقت الغريق ومشت في جنازته، ينعقد مجلس الوزراء في جلسة استثنائية في قصر بعبدا لتقديم “رشوة” إلى الطرابلسيين، كما وصفتها أوساط أهلية في المدينة، في معرض التعليق على المعلومات التي تحدثت عن إقرار مخصصات مالية لعوائل الضحايا والمفقودين جراء غرق زورق طرابلس.
وكان الأهالي وأبناء طرابلس قد شيعوا أمس بالرصاص الحيّ ضحاياهم، وسط حالة غضب عارمة ومتعاظمة ضد السلطة وأجهزتها الرسمية، بينما واصلت وحدات الجيش البحرية والجوية عمليات البحث عن المفقودين بمشاركة طوافة بريطانية قبالة شاطئ طرابلس، بالتوازي مع طلب المؤسسة العسكرية من قوات اليونيفيل البحرية تقديم المساعدة التقنية اللازمة للإسراع في مهمة رصد وانتشال جثث الأشخاص الذين كانوا على متن “زورق الموت” ولا يزالون في عداد المفقودين.
ومساءً، استهلّ القادة الروحيون اجتماعهم في ضيافة السفير السعودي وليد بخاري على مأدبة الإفطار التي أقامها على شرفهم في دارة السفارة في اليرزة، بدقيقة صلاة ودعاء لأرواح ضحايا الزورق الطرابلسي، الذين وصفهم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بأنهم “ضحايا كل لبنان”، محملاً الدولة المسؤولية عن “تردي الوضع الخطير الذي وصل إليه المواطن مما جعله يحاول أن يغادر بلده الى المجهول بأية طريقة لتأمين سبل العيش الكريم بسبب المعاناة المعيشية التي تلاحقه يومياً”، وأعرب دريان عن أسفه لكون “الدولة غائبة لا تمارس دورها ولا تحتضن أبناءها بالشكل المطلوب”، محذراً من أنّ ذلك “يشكل خطراً حقيقياً على السلم الأهلي والأمن الاجتماعي“.
وإذ لفتت مقاطعة المجلس الإسلامي الشيعي للإفطار السعودي الجامع لرؤساء الطوائف الدينية في لبنان، لفت بخاري إلى أنّ هذه المأدبة الروحية “تجسد دور السعودية في نشر ثقافة السلام وسعيها في تعزيز سبل العيش المشترك”، كاشفاً في ما يتصل بالآليات التنفيذية لصندوق المساعدات السعودي – الفرنسي للشعب اللبناني أنّ الاتفاقية التي ستوقع اليوم بهذا الخصوص “تتضمن 35 مشروعاً في لبنان تتعلق بقطاع الصحة والتعليم والطاقة“.
وتزامناً، استرعى الانتباه خلال الساعات الأخيرة الإعلان عن وصول بعثة قضائية أوروبية إلى لبنان للإطلاع عن كثب على مجريات التحقيق القضائي اللبناني في قضية حسابات حاكم مصرف لبنان وشقيقه، رياض ورجا سلامة. وفي هذا الإطار، أوردت جريدة ” La Libre” مقالة عن حاكم المصرف المركزي تؤكد وجود “شبهات جديدة عن تبييض أموال في بروكسل”، لتضاف الى غيرها من الشبهات التي تدور في فلك التحقيقات نفسها في سويسرا وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ.
وأوردت الصحيفة البلجيكية أنه “في كل تلك الدول استفاد سلامة من عشرات ملايين اليورو من مصرف لبنان لمصلحته ولمصلحة المقرّبين منه، واستثمرها في أوروبا من خلال شراء عقارات وتحويلات أو معاملات مبهمة”، علماً أنّ حاكم مصرف لبنان كان قد استفاد من القوانين البلجيكية في إنشاء مؤسستين هناك يديرهما كل من نجله، ندي سلامة وحفيده ومروان عيسى الخوري.