كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: في خضمّ الحملات الانتخابية المتصاعدة وما يرافقها من خطاب سياسي يوتّر أجواء البلاد ويثير مخاوف على مصير إستحقاق الانتخابات النيابية المقرر في 16 ايار المقبل، تصاعد الخلاف على الخطة الاقتصادية للتعافي والتي من ضمنها قانون «الكابيتال كونترول» ما نَغّص تلك الحملات، ولكن ينتظر ان يتبلور ما ستؤول اليه هذه الخطة في قابل الايام، في الوقت الذي يقف صندوق النقد الدولي منتظراً قبل ان يبادر الى اي خطوات مالية تنفيذاً للاتفاق المبدئي الذي تم توقيعه أخيراً بينه وبين الحكومة.
إستأثرت الخطة الاقتصادية التي تم تسريبها قبل ان تُعرض رسمياً في مجلس الوزراء، باهتمام كل الاوساط الاقتصادية والشعبية بالنظر الى ما تضمّنته في الشق المتعلق بتوزيع الخسائر. ورغم تأكيدات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انّ حقوق المودعين ستكون محفوظة، الا ان الوقائع المتعلقة بتفاصيل ما ورد في الخطة لا توحي بذلك. وبَدا من الواضح انّ البند المتعلق بتوزيع الخسائر استأثرَ من دون سواه بالاهتمام نظراً لارتباطه مباشرة بحقوق المودعين.
وقد تبيّن من خلال الخطة انه سيُصار الى شطب 60 مليار دولار من خسائر مصرف لبنان المركزي. وبالتالي، فإن هذا المبلغ سيشطب عملياً من توظيفات المصارف لديه، وهذه الاموال تعود الى المودعين.
وقال خبراء ومعنيون لـ«الجمهورية» انه «من خلال شطب هذا المبلغ الكبير، واذا اعتبرنا انّ المودعين الصغار الذين تبلغ ودائعهم اقل من 100 الف دولار سيحصلون عليها بكاملها تقريباً، فهذا يعني انّ نسبة الـ«هيركات» على الودائع الكبيرة، أي فوق الـ100 الف دولار، ستصل الى نحو 70 في المئة».
وتحاول المصارف التحرّك في اتجاه الحكومة، وقد التقى وفد منها أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في محاولة لإقناعه بتعديل الخطة لجهة توزيع الخسائر على الأطراف الاربعة، اي الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين. لكن الاجواء التي تسرّبت من اللقاء أوحَت «أن الاجواء كانت سلبية، وما كُتب قد كُتب، بما يعني ان المودعين سيدفعون الثمن في النتيجة».
لكنّ ميقاتي وزّع بياناً بعد اجتماعه مع وفد جمعية مصارف لبنان «أنّ من اولويات الحكومة في المعالجة الاقتصادية هي الحفاظ على حقوق المودعين وليس التفريط بها». وقال: «ان خطة التعافي تعطي الاولوية للحفاظ على حقوق الناس واعادة تفعيل مختلف القطاعات الانتاجية وايضا المحافظة على القطاع المصرفي الذي يشكل عنصرا اساسيا في التعافي الاقتصادي».
وأكد «انّ كل ما يقال عن تفريط بحقوق المودعين وضرب القطاع المصرفي هدفه اثارة البلبلة وتوتير الأجواء».
الكابيتال كونترول
الى ذلك، وعشية اجتماع اللجان النيابية المشتركة للبحث في مشروع قانون «الكابيتال كونترول» اعتبرت اوساط حكومية بارزة ان طريقة تعاطي بعض النواب مع هذا المشروع تدلّ الى واحد من أمرين: إما انهم لا يزالون غير مدركين لأهميته، وإما ان الشعبوية تطغى على مواقفهم لحسابات انتخابية.
ولفتت هذه الاوساط الى «انّ هناك من يخلط للامور عن عمد او جهل»، مشددة على «أن الكابيتال كونترول لا علاقة له بمسألة استعادة الودائع، بل هذا شأن خطة التعافي».
وحذرت الاوساط الحكومية من ان عدم إقرار الكابيتال كونترول ومشروع رفع السرية المصرفية قبل الانتخابات النيابية ستكون له عواقب سيئة، مشيرة إلى انّ نواب «حزب الله» أكثر من يتعاطى مع هذا الملف بمسؤولية».
واصدرت لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين في بيروت بيانا مساء امس دعت فيه الى لقاء عند التاسعة والنصف صباح اليوم في الوسط التجاري عند مدخل مجلس النواب مقابل مبنى البلدية. وقالت: «غداً (اليوم) يتهيّأ النواب لإقرار مشروع قانون كابيتال كونترول لحماية المصارف والمرتكبين على حساب العدالة والمودعين. غداً يتم تكريس التمييز غير الدستوري بين مودع قديم ومودع جديد بدل التمييز بين وديعة مشروعة نتاج جنى عمر ووديعة بغيضة مكتسبة بصورة غير شرعية عن طريق الفساد والغش والتسلط… غداً يسدل الستار وتختتم المسرحية ويسقط القناع وتهدر الحقوق إن لم تستفيق من غيبوبتك وتعي لمسؤوليتك وتتسلّح بإيمانك وتلتحق بامثالك المهدورة حقوقهم والمسلوب مستقبلهم لمنع ارتكاب الجرم المشهود».
من جهة ثانية علمت «الجمهورية» أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيغادر بيروت بعد ظهر غد الخميس الى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة عقب جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد في السرايا الحكومية، وسيلتقي عددا من المسؤولين السعوديين الكبار قبل أداء هذه المناسك.
وفي معلومات «الجمهورية» ان ميقاتي سيجول على عدد من دول مجلس التعاون الخليجي بعد عطلة عيد الفطر حيث يمضي اكثر من اسبوع في جولته الخليجية التي ستشمل، بالإضافة الى السعودية، كلّاً من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وسلطنة عمان، ولم تحدد المواعيد النهائية لزيارته الى مملكة البحرين.
عودة الى الخليج
وفي تطور ديبلوماسي لافت اعتُبِر من اولى ثمار عودة السفراء الخليجيين الى بيروت علمت «الجمهورية» ان سفير لبنان لدى المملكة العربية السعودية فوزي كبارة غادر بيروت عصر أمس عائدا الى مقر عمله في الرياض لاستئناف مهماته.
وكان كبارة قد زار امس كلّاً من رئيسي الجمهورية والحكومة قبَيل مغادرته الى الرياض. واكد من القصر الجمهوري «أن توجيهات رئيس الجمهورية كانت دائماً الحرص على افضل العلاقات بين لبنان والدول العربية الشقيقة عموماً، ودول الخليج خصوصاً، ولا سيما منها المملكة العربية السعودية».
وفي هذه الأجواء يستعد سفيرا لبنان في الكويت هادي هاشم ودولة الإمارات العربية المتحدة فؤاد دندن لمغادرة بيروت في الساعات المقبلة لاستئناف المهمات التي جمّدت لفترة امتدت منذ الاسبوع الاخير من تشرين الثاني الماضي، بعدما تركا مهمة إدارة هاتين السفارتين الى القائمين بالاعمال فيهما.
حركة خليجية
ولوحظ ان عودة السفراء اللبنانيين الى الخليج تزامنت أمس مع حركة ديبلوماسية خليجية لافتة في اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث استقبل في عين التينة، سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، وكان عرض للأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
ثم استقبل سفير الكويت عبد العال القناعي الذي قال ردا على سؤال عما إذا كانت الزيارة لبري تعني أن المبادرة الكويتية قد نجحت: «وجودي في هذا الصرح أكبر دليل على أن المبادرة قد نجحت، وبالفعل لقد حمّلني دولة الرئيس رسالة شكر إلى سمو الأمير وولي العهد ورئيس مجلس الوزراء وإلى معالي وزير الخارجية وشكره على المبادرة التي انطلقت من روح الأخوة والحرص على ألا تكون هناك شائبة في العلاقات ما بين الأشقاء العرب، وبالذات بين دول الخليج ولبنان الشقيق». وأكد انّ «هذه المبادرة ستكون منطلقا لتعزيز العلاقات أكثر بين الإشقاء».
وكان لبري ايضا لقاء مع السفير القطري الجديد إبراهيم بن عبد العزيز محمد صالح السهلاوي، في زيارة بروتوكولية لمناسبة تسلّمه مهامه الجديدة كسفير لبلاده في لبنان.
مجلس الوزراء
من جهة ثانية يبحث مجلس الوزراء في جلسته المقررة قبل ظهر غد الخميس في السرايا الحكومية في جدول اعمال من 21 بنداً ابرزها تحديد بدل الاغتراب للسلك الديبلوماسي، واتفاقية العبور لنقل الكهرباء من الاردن الى لبنان عبر سوريا وبنود أخرى استوقف منها مصادر ديبلوماسية البند المتعلّق بالترخيص لإنشاء فروع لجمعيات اجنبية في لبنان.
وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية»: «لا نعلم اين العجلة في ادراج هذا البند الذي يحتاج الى تعديل لقانون الجمعيات الذي يعنى بإنشاء جمعيات اجنبية، فلم يعد معروفا من هي هذه الجمعيات التي تطلب تراخيص للعمل في لبنان وقانون الجمعيات اصبح «بَهدلة» لا سيطرة عليه، ففي دول الجوار ودول عدة هناك ممر إلزامي لإنشاء الجمعيات ابرزها معرفة هويتها ومصدر اموالها، طريقة الصرف وأين، ولائحة المشاريع التي تموّلها وعمليات الـ audit على تمويلها وصرفها، كل هذا اصبح فوضى».
وعن اتفاقية العبور سألت المصادر: «كيف ستعبر الكهرباء والبنك الدولي لم يعط موافقة بعد لإعطائنا القرض؟ ارادوا الخطة أقرّت، لكن لم ينفذ شيء من الاصلاحات التي يشترطها البنك الدولي مثل تسعيرة جديدة حسب الشطور، جباية، وقف الهدر التقني والمالي، audit على مؤسسة كهرباء لبنان وغيرها، المشكلات «مِن جَميعو» ولم يحل منها شيء، فمن اين ستأتي الكهرباء؟ هناك شروط للتمويل ولم ننجز اي شرط من شروط البنك الدولي فكيف سيموّل إلا اذا كان البنك الدولي قد غيّر سياساته، اما التمويل من الدولة اللبنانية فهو من سابع المستحيلات».
ومن ابرز البنود في جدول اعمال مجلس الوزراء أيضاً:
ـ مشروع مرسوم يرمي الى نقل اعتماد بقيمة /3,500,000,000/ ليرة لبنانية من احتياطي الموازنة العامة الى موازنة وزارة الداخلية والبلديات – المديرية العامة للاحوال الشخصية لعام 2022 على اساس القاعدة الاثنتي عشرية لتغطية زيادة البدل اليومي للمستخدمين.
– الموافقة على سبيل التسوية، على عرض وزارة الطاقة والمياه عقد تزويد الطاقة الكهربائية بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة الكهرباء الوطنية الاردنية الهاشمية، وباتفاقية عبور الطاقة الكهربائية من شركة الكهرباء الوطنية الاردنية الى المؤسسة عبر الشركة الكهربائية السورية بين المؤسسة وشركة الكهرباء الوطنية في المملكة الاردنية الهاشمية والمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا.
– مشروع مرسوم بالترخيص للسيد سعود بن عبدالله بن محمد الرميزان والسيدة سارة بنت عبدالله بن محمد الرميزان والسيد فيصل بن عبدالله بن محمد الرميزان من الجنسية السعودية بتمديد مهلة تشييد بِناءين.
– مشروعا مرسومين يرميان الى الترخيص للسادة صقر غباش سعيد وغباش صقر غباش سعيد غباش وراشد صقر غباش سعيد غباش من الجنسية الاماراتية بتمديد مهلة تشييد بِناءين.
– مشروع مرسوم يرمي الى الترخيص للدكتور ناصر بن ابراهيم الرشيد من الجنسية السعودية بتمديد مهلة تشييد بناء.