كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: خارجياً، تتعامل الأسرتان العربية والدولية مع لبنان على خطين متوازين لا يلتقيان، الأول يسير باتجاه تقليص حجم التعامل والتواصل مع الدولة ومؤسساتها باعتبارها “ساقطة عسكرياً” في قبضة تحالف “المافيا والميليشيا” العصيّ على تنفيذ موجبات خطط الإصلاح والإنقاذ في البلد، والثاني يسير نحو توسيع رقعة المساعدات المباشرة للبنانيين من دون المرور بأي من القنوات الرسمية خشية تعرضها للاختلاس والسرقة كما كان مصير سابقاتها على مرّ السنوات والعقود الماضية… في حين تواصل الإدارة الأميركية على خط آخر، تقفي أثر المطلوبين لديها من قياديي وعناصر “حزب الله”، والجديد في هذا الإطار تعميم وزارة الخزانة عبر حساب “مكافآت من أجل العدالة” بياناً تطلب فيه معلومات عن الضالعين من “تنظيم حزب الله في عملية تفجير شاحنة مفخخة أمام السفارة الأميركية في بيروت عام 1983″، لقاء مكافأة مالية “تصل إلى 3 ملايين دولار“.
أما داخلياً، فتواصل السلطة أجندتها المعتادة في كتم أنفاس اللبنانيين وكم أفواههم والتهويل على كل من تسوّل له نفسه إعلاء الصوت اعتراضاً في وجهها، بإدراجه على قائمة الأعداء والعملاء والخونة وأتباع السفارات، توصلاً إلى تيئيس الناس من نجاح أي محاولة لإحداث أي تغيير ديمقراطي في الواقع التمثيلي في البلد، على قاعدة أنّ “الذين يصرخون عالياً وكثيراً لن يربحوا إلا آلام الحنجرة” بحسب تعبير نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم… أما من لم يرتدع ويتراجع عن تحدي أكثرية 8 آذار النيابية في الاستحقاق الانتخابي المقبل، فبدا واضحاً أنّ السلطة أعدت العدة لشن “حرب عصابات” انتخابية ضده، لقمع حركته وترهيب ناخبيه، سواءً من خلال ما حصل في الصرفند تحت أزيز الرصاص لمنع إعلان لائحة المعارضين للثنائي الشيعي في المنطقة، أو من خلال انتهاج أسلوب “خفافيش الليل” لحرق صور ولافتات المرشحين المعارضين في العاصمة، حسبما جرى مع تمزيق صورة اللائحة المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة، ومساءً من خلال رمي “الزيت المحروق” على صور المرشحة بولا يعقوبيان عقب إطلاق حملة لائحتها الانتخابية في دائرة بيروت الأولى.
وفي المقابل، أتت عظة “الفصح” لتصوّب بالعمق على عقم الطبقة السياسية الحاكمة في إنتاج الحلول اللازمة لانتشال اللبنانيين من أزمتهم، فكان البطريرك الماروني بشارة الراعي واضحاً، على مسامع رئيس الجمهورية ميشال عون، في دعوة الناخبين إلى انتفاضة ديمقراطية في صناديق الاقتراع لكسر قيود “الهيمنة والتسلط… فلا يبقى سوى جمهورية واحدة وشرعية واحدة وسلاح واحد وقرار واحد وهوية لبنانية جامعة”، مبدياً في هذا السياق أعلى درجات التصميم على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها تمهيداً لتأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية والشروع في رحلة الإصلاح “كممر ضروري للنهوض بالبلاد”، مع التشديد على أنّ “الإصلاحات لكي تأخذ كامل مداها تحتاج إلى أن يرافقها بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وتوحيد السلاح والقرار، عملا بقرارات مجلس الأمن، واعتماد الخيارات الاستراتيجية التي تعزز علاقات لبنان مع محيطه العربي والعالم الديمقراطي“.
وعلى هامش قداس العيد في بكركي، عقد الراعي خلوة مع رئيس الجمهورية ركزت في جوهرها على “ثلاثة مواضيع أساسية” كما نقلت مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن”، موضحةً أنّ “موضوعها الأول تمحور حول وجوب ضمان حتمية إجراء الانتخابات النيابية في 15 أيار أياً كانت الظروف والاعتبارات، لأن ذلك سيكون بمثابة مؤشر الانطلاق نحو المرحلة المقبلة، والتأكيد على عدم وجود أي نوايا للإخلال بروزنامة مواعيد الاستحقاقات الدستورية، وتحديداً إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده“.
كما ركزت الخلوة من ناحية ثانية على ضرورة “الإسراع في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس مكلف تأليف الحكومة الجديدة بعد انتهاء الانتخابات النيابية، كون الحكومة الحالية ستكون بحكم المستقيلة من تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، وانتخاب رئيس مجلس نواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس، والعمل على أن تبصر الحكومة النور في وقت قياسي لا يتجاوز تاريخ الثاني عشر من حزيران المقبل”، وانطلاقاً من ذلك، لفتت المصادر إلى أنّ الموضوع الثالث الذي تم التشديد عليه خلال خلوة بكركي هو “أن تكون زيارة البابا فرنسيس يومي 12 و13 حزيران إلى بيروت مكتملة الواجبات الدستورية اللبنانية، بحيث يكون هناك مجلس نيابي جديد وحكومة جديدة، في رسالة لبنانية واضحة إلى الحبر الأعظم تؤكد وجود إرادة لبنانية بتغيير سلوك التمييع والتعطيل وهدر الوقت، الأمر الذي سيشجع حتماً على نيل المزيد من الإحاطة البابوية للبنان“.
وختمت المصادر بالإشارة إلى أنّ “زيارة البابا فرنسيس هي بمثابة مظلة دولية ومعنوية كبيرة للبنان في ظل المخاطر التي تتهدد الكيان، ومن الواجب بالتالي تحويل هذه الزيارة الى مناسبة للتلاقي الحقيقي بين جميع مكونات وقوى الطيف اللبناني، والانطلاق وفق نهج جديد من شأنه أن يخفف عن كاهل الشعب اللبناني بعضاً من الويلات والمآسي التي أوصلت معظم أبنائه إلى حالة الفقر المدقع“.