كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: رغــم كــل التـحـضـيـرات والتطمينات والتأكيدات، الحقيقة أنّ أحداً لا يملك في لبنان الخبر اليقين حيال إجراء الاستحقاق الانتخابي من عدمه في 15 أيار، فالبلد مفتوح على كافة الاحتمالات و”بين ساعة وأخرى يخلق الله ما لا تعلمون” حسبما شخّصت مصادر سياسية واقع الحال اللبناني “المتقلب”، مشيرةً إلى أنّ المخاطر المحدقة بالساحة الداخلية تتدرج من “احتمال اشتعال فتيل الانفجار الاجتماعي، مروراً بإمكانية حصول أحداث أمنية متنقلة على الأرض، وصولاً إلى فرضية توتر الأوضاع الحدودية مع إسرائيل تنفيذاً لأجندات إقليمية”، سيما وأنّ وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لم يستبعد هذه الفرضية حين أكد أمس أنّ “هناك خطر (اتساع رقعة) التصعيد” ليشمل شن حملة عسكرية واسعة في غزة “أو بعض الأحداث في لبنان“.
وبانتظار ما سيتكشف على شريط الأحداث في المرحلة الراهنة والداهمة، من معطيات طارئة على المشهد اللبناني عموماً، والانتخابي خصوصاً، خصّص الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الحيّز الأكبر من إطلالته المتلفزة مساءً لتعميم أجواء إعلامية قاطعة للشك بوجود أي نية لدى فريقه السياسي في “تطيير” استحقاق أيار… وإن كان أبقى على “ربط النزاع” مفتوحاً مع احتمال التشكيك بالنتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع في حال لم تسفر عن إبقاء “الغالبية النيابية” في قبضة قوى 8 آذار، وذلك من خلال التصويب على بدء “ضخ المال الانتخابي في البلد بحجة المساعدات الانسانية”، في اتهام واضح للمملكة العربية السعودية غداة عودة سفيرها إلى بيروت، سيّما وأن نصرالله حذر من تكرار تجربة انتخابات العام 2009 “حين دفع السعوديون مئات ملايين الدولارات لتأمين فوز قوى 14 آذار“.
وبهذا المعنى، لاحظت أوساط مراقبة أنّ الإفطار الذي أقامه السفير السعودي وليد بخاري في دارة السفارة في اليرزة غروب الأمس وجمع فيه قيادات وشخصيات من القوى الوطنية والسيادية أتى لـ”يمغص” على ما يبدو نصرالله، فسعى في المقابل إلى “التنغيص” على أجوائه الإيجابية، عبر تخصيص الجزء الأخير من خطابه لـ”فتح النار مباشرةَ على حكّام السعودية”، متهماً المملكة بأنها السبب في “تخريب العلاقات العربية – العربية جراء حربها على اليمن وقتالها الحوثيين، كما عاد بالزمن إلى بدايات اندلاع الثورة السورية في العام 2011 ليعيد اتهام السعودية بتمويل عملية إسقاط نظام بشار الأسد“.
وكان بخاري قد قام نهار أمس بجولة على المراجع الروحية الإسلامية والمسيحية، استهلها في دار الفتوى، مروراً بالمجلس الإسلامي الشيعي ودار طائفة الموحدين الدروز، واختتمها في بكركي، قبل أن يولم على شرف رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ورؤساء جمهورية وحكومات سابقين بالإضافة إلى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ورئيس حزب “الكتائب اللبنانية” سامي الجميل، والنائب بهية الحريري. وأكد السفير السعودي بعد الإفطار في كلمة مقتضبة للإعلاميين أن “المملكة العربية السعودية لطالما أبدت حرصها على استقرار لبنان ووحدته الوطنية والحفاظ على الانتماء العربي، وانطلاقا من هذه الرؤية كانت العودة إلى لبنان”، مشدداً على أنّ “السعودية لم تقطع علاقتها بلبنان بل كان الأمر بمثابة إجراء ديبلوماسي للتعبير والتشاور بشأن موقف كان مسيئاً”، مع إشارته في الوقت الراهن إلى الاتجاه لدعم لبنان من خلال وضع “آلية ولجنة لمتابعة وتنفيذ المشاريع” بموجب صندوق المساعدات السعودية الذي تم الإعلان عنه بالتعاون مع باريس.
بدوره، عبّر رئيس الحكومة إثر لقائه بخاري عن بالغ سروره بعودة العلاقات الديبلوماسية مع المملكة ودول الخليج، معرباً عن أمله بأن تشكل هذه العودة “صفحة جديدة نحو تنمية العلاقات وتطويرها بين البلدين”. ورداً على سؤال، أجاب ميقاتي: “لم أشعر يوماً أن المملكة العربية السعودية أغلقت أبوابها أمامي وأمام أي لبناني، وأنا بإذن الله سأقوم بزيارة إلى المملكة قريباً جداً خلال شهر رمضان المبارك”، علماً أنّ مصادر واسعة الاطلاع لم تستبعد أن يكون رئيس الحكومة بصدد القيام بزيارة الرياض “عشية التماس هلال عيد الفطر، على أمل بأن يكون إلى جانب خادم الحرمين في صلاة العيد“.
حكومياً، كشف مصدر وزاري لـ”نداء الوطن” أنّ التأخير الذي طرأ على توجيه الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء بعد غد الخميس ناجم عن “احتدام الخلاف على المحاصصة في سلة التعيينات المطروحة على طاولة المجلس، لا سيما في التشكيلات الدبلوماسية وعمداء الجامعة اللبنانية، الأمر الذي دفع ميقاتي الى إجراء مشاورات بعيدة من الاضواء لتدوير الزوايا حول التعيينات الملحة جداً والتي من الواجب إقرارها بمنأى عن المنازلات السياسية المستمرة بين قصر بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة وعين التينة من جهة أخرى”، وأِشار المصدر إلى أنه “في حال تمكن رئيس الحكومة من الوصول إلى حلول وسطية في المواقع المطروح ملؤها، فإن جلسة مجلس الوزراء ستعقد حينها في القصر الجمهوري، أما إذا فشلت المساعي الجارية فستنعقد الجلسة في السراي الحكومي“.