طفح كيل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ويكاد يفيض. صحيح هو لن يذهب الى حيث سبقه اسلافه من رؤساء الحكومات المتعاقبة، جازما بأن الانتخابات فقط تقف حائلا دون انسياقه الى الاستقالة، لكنه هزّ العصا ودقّ “جرس إنذار لكل الأطراف من خطورة ما قد يحصل، في حال استمر التعاطي مع المعالجات المطلوبة على النحو الحاصل”. فاجأ ميقاتي النواب ورئيسهم بصعقة طلب تحويل الجلسة التشريعية الى مناقشة عامة لطرح الثقة بحكومته، وخرج غاضباً متوجها الى النواب “كفى تغليبا للمصالح الشخصية على الوطنية… الوطن يدفع الثمن”. هو مصير قانون الكابيتال كونترول والانتقادات النيابية التي وجهت في شأنه الى الحكومة، الذي اثار حفيظة رئيسها فاستغل الجلسة النيابية ليوجه موقفا حادا الى القوى السياسية، محذرا من مغبة الاستمرار في النهج المصلحي الانتخابي. وعلى قاعدة ”لقد اعذر من انذر” اوصل رسالته ومضى، فهل يستكمل اليوم هجماته المرتدة من حلبته الحكومية ام يكتفي بتبليغ اليوم؟
لماذا طرح الثقة؟
وفي مستهل جلسة مجلس النواب طلب ميقاتي أن يتم تحويل الجلسة التشريعية إلى جلسة مناقشة عامة وعلى ضوء ذلك تُطرح الثقة بالحكومة. عندها، ردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً: “هذه جلسة تشريعية”. وقد شرحت مصادر حكومية معنيّة خلفيات موقف ميقاتي فقالت “منذ قبول الرئيس ميقاتي تسلم المهمة الحكومية عقد العزم على العمل مع الفريق الحكومي وفق أولويتين هما الحدّ من الانهيار عبر وضع لبنان على سكة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وسائر الهيئات الدولية المعنية واجراء الانتخابات النيابية. وعلى هذا الاساس نالت الحكومة الثقة وانطلقت في عملها. لكن منذ فترة، لاحظ رئيس الحكومة أنّ الأمور بدأت تسلك منحى آخر يتمثل بعودة المناكفات السياسية لدى طرح أي خطوة إصلاحية من كل الاطراف ولا سيما التي أعلنت دعمها للحكومة، إضافة إلى تأخير واضح في تنفيذ الخطوات الاصلاحية المطلوبة كشرط اساسي من الجهات الدولية التي عبرت عن دعمها للبنان وحذرت من تداعيات التأخير في اقرار الاصلاحات”.
وأضافت المصادر “ان اللقاءات الخارجية التي يعقدها رئيس الحكومة بهدف تجييش الدعم للبنان في كل المجالات، أظهرت إرادة دولية وعربية قوية لدعم لبنان مشروطة بتنفيذ اللبنانيين ما هو مطلوب منهم من خطوات اصلاحية، الا ان الاداء الذي بدأ يظهر في مقاربة الملفات يوحي أنّ أولوية الكثيرين هي الاستثمار الانتخابي لكل شيء فيما أولوية رئيس الحكومة معالجة الملفات المطروحة وتنفيذ الاصلاحات ووضع الأمور على سكة المعالجة”. وشدّدت المصادر الحكومية على أنّ ما طرحه ميقاتي في الجلسة النيابية هو جرس إنذار لكل الأطراف من خطورة ما قد يحصل في حال استمر التعاطي مع المعالجات المطلوبة على النحو الحاصل”.
وحذرت المصادر “من خطورة التأخير في مواكبة المعالجات الحكومية المطلوبة ودعمها، خصوصًا حياتيًا وماليًا واقتصاديًا”. وأكّدت المصادر “إصرار رئيس الحكومة على عقد جلسة مناقشة عامة للحكومة يصار خلالها الى طرح كل الملفات علنًا وعرض كل المواقف والتوجهات، ومن ثم طرح الثقة بالحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه لأن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو”.
لا استقالة
ولدى مغادرته مجلس النواب اثر الجلسة التشريعية السريعة التي طار نصابها قال ميقاتي: من مهمات الحكومة اليوم اجراء الانتخابات النيابية ولا يمكن ان انساق الى الاستقالة كي لا تكون مبررا لتعطيل الانتخابات، ولن اكون سببا لتعطيل الانتخابات، ولهذا السبب لن اقدم على الاستقالة.
الاوضاع المالية
وسط هذا التخبط، الاوضاع المعيشية على حالها من التدهور. واذ ارتفع اسعار المحروقات من جديد امس، وفي وقت مخزون الادوية ينفد، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في قصر بعبدا ستتطرق الى الامن الغذائي والوضع المالي والاقتصادي وسيغيب عنها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ليس بعيدا، عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقائه في قصر بعبدا، رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير ورئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب، الأوضاع المالية والمصرفية في البلاد ودور المصارف في المرحلة الراهنة.
لا لجنة
الى ذلك، أفادت المعلومات أنّ وزير العدل هنري خوري ليس بصدد ترؤس أي لجنة قضائية مصرفية، كما يهمّه نفي أنّ يكون قد تقرر خلال جلسة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة إنشاء أي لجنة من هذا القبيل. كما اكد الوزير أنّه يرفض مبدأ اجتماعات القضاة مع المقررين المصرفيين أو السياسيين وفق قاعدة استقلالية القضاء والقضاة.
المبادرة الكويتية
على صعيد العلاقات اللبنانية – العربية – الدولية، قال وزير الخارجية الفرنسي امس: نثمن الوساطة الكويتية للسماح للبنان بالخروج من الأزمة التي ألمت به.
مجلس النواب يمدّد ولاية المجالس البلدية والاختيارية
ويقرّ تمويل الانتخابات النيابية وقانون الدولار الطالبي
هي جلسة سريعة ومقتضبة حتّمها غياب مشروع الكابيتال كونترول الذي سقط اول امس بضربة اللجان النيابية، وفقدان النصاب الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى رفع الجلسة التشريعية قرابة الأولى ظهرا، بعدما انعقدت في الحادية عشرة صباحاً في قصر الأونيسكو، وغابت عنها النقاشات الحادّة، الا انها شهدت مفاجأة من جانب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي تمنى على الرئيس بري تحويل الجلسة الى مناقشة عامة لطرح الثقة بحكومته نزولا عند طلب احد النواب فرفض. واقتصر التشريع المهم على إقرار القانون الطالبي وتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية حتى ?? ايار ????.
وترأس الرئيس بري الجلسة التشريعية، امس في قصر الاونيسكو، في حضور الرئيس ميقاتي وعدد من الوزراء والنواب، وتغيب عنها بعذر النائبان تيمور جنبلاط وفؤاد مخزومي.
وطلب ميقاتي في مستهل الجلسة ان تتحول الى جلسة مناقشة عامة وطرح الثقة بالحكومة، فرفض الرئيس بري، وقال: “هذه جلسة تشريعية مخصصة للمشاريع واقتراحات القوانين”. فرد ميقاتي بالقول: “هناك طلب في هذا الموضوع من احد النواب”. فرد بري: “لم يصلني هذا الطلب”.
وأقر مجلس النواب، في الجلسة 13 مشروعا واقتراح قانون، أبرزها المرسوم المتعلق بالدولار الطالبي للطلاب الذين يدرسون في الخارج للعام 2020 – 2021، وأقر ايضا تمويل الانتخابات النيابية في الخارج عبر مشروع فتح اعتماد اضافي استثنائي في الموازنة العامة لعام 2022. ومدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية حتى 31-5-2023، وأقر تعديل انشاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي، وكذلك حماية المناطق المتضررة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت واعطاء تعويضات ومعاشات لذوي الضحايا في تفجير التليل – عكار.
ولم تطرح اقتراحات القوانين المعجلة المكررة بسبب رفع الجلسة بعد فقدان النصاب.
ولدى مغادرته مجلس النواب اثر الجلسة التشريعية السريعة التي طار نصابها وبعد توزيع معلومات من مكتبه الاعلامي في شأن امتعاضه مما يجري، خرج الرئيس ميقاتي مصرّحا للاعلام: في ضوء المؤشرات الخارجية التي تصلنا والجولات الخارجية التي أقوم بها نلمس دعما كبيرا للبنان وسعيا لمساعدته، فيما داخل البلد نرى تخبطا وسعيا من قبل البعض لاستثمار كل الامور في الحملات الانتخابية، تارة من قبل فريق يعارض العهد وتارة من قبل فريق يعارض الحكومة ويتهجم عليها. والخاسر الاكبر من هذه الحملات هو البلد. وبدل ان نتعاون، حكومة ومجلسا نيابيا، للخروج من الازمة التي نحن فيها، نرى تهجما لا فائدة منه، وبالامس سمعت كلاما يتعلق بالحكومة وبطرح الثقة بها، فقلت لم لا، طالما ان اوراقنا مفتوحة ونحن على استعداد لعرض ما لدينا بكل شفافية، ولتوضيح المشكلات التي نعاني منها، واذا كان المجلس النيابي مستعدا للتعاون معنا، فهذا امر اساسي لان البلد يتطلب تضافر كل الجهود. لا يمكن حل المشكلات التي نعاني منها بالطريقة الشعبوية التي نشهدها، والوطن يدفع الثمن اليوم.وكما قلت في أكثر من مناسبة الوضع غير سليم ولكن اذا لم نتحد جميعا لايجاد الحلول فلا يمكننا الخروج من الازمة التي نمر بها. وعن ملف ” الكابيتال كونترول”، قال “هذا الموضوع مطروح امام المجلس النيابي منذ شهرين كاقتراح قانون والمجلس هو من طلب ملاحظات صندوق النقد الدولي، وقد اضفناها على الاقتراح المعروض على المجلس،فطلبوا مجددا ان نحيله كمشروع قانون من قبل الحكومة، وهذا ما سيحصل. نحن مستعدون للمحاسبة على اي عمل نقوم به واكرر الدعوة للتعاون الكامل بيننا وبين السادة النواب والمجلس النيابي الكريم، ومع احترامي لكل الاراء ، ولكن يجب ان تطرح على اساس المصلحة الوطنية. كفى تغليبا للمصالح الشخصية على المصالح الوطنية ، لان الوطن هو من يدفع الثمن.
وقال ردا على سؤال: من مهمات الحكومة اليوم اجراء الانتخابات النيابية ولا يمكن ان انساق الى الاستقالة كي لا تكون مبررا لتعطيل الانتخابات، ولن اكون سببا لتعطيل الانتخابات، ولهذا السبب لن اقدم على الاستقالة.