كتبت صحيفة “النهار” تقول: مع ان الحدث المصرفي – القضائي ظل متقدماً واجهة المشهد الداخلي ولو ان المصارف ستعاود عملها اليوم بعد انتهاء الاضراب التحذيري الذي نفذته يومي الاثنين والثلثاء، فان مفارقة لافتة تقدمت امس مع معالم انفراج في العلاقات اللبنانية – السعودية بفعل الموقف الذي اعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اول من امس معبرا عن الرغبة في إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الى طبيعتها، الامر الذي لاقى صدى فورياً لافتاً من الرياض. هذا التطور بدا مؤشراً الى شيء ما يطبخ لإنضاج عملية إزالة الآثار المسيئة للعلاقات اللبنانية السعودية عقب حركة استثنائية حصلت على خط الرياض – باريس أيضا، وكلام عن اقتراب عودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت. وفي انتظار مزيد من التطورات الإيجابية التي ترتبط بحرص متجدد لدى فرنسا والسعودية على منع انزلاق لبنان نحو متاهات إضافية خطيرة من الانهيار، بدا واضحاً ان ميقاتي دخل في ندائه الخليجي – السعودي قبل يومين على هذا الخط، فجاءه الرد امس عبر ترحيب وزارة الخارجية السعودية عبر حسابها على “تويتر”، بما “تضمنه بيان رئيس الوزراء اللبناني من نقاط ايجابية”، آملة أن “يسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيا ودوليا”، مؤكدة “تطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والنماء والازدهار”. كذلك أصدرت وزارة الخارجية الكويتية بيانا مماثلا رحبت فيه ببيان ميقاتي.
وبالتزامن مع هذا التطور تحدثت معلومات عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان لبيروت بعد زيارته لدمشق.
اما المفارقة الاشد اثارة للاستغراب التي واكبت هذا التطور، فبرزت في المواقف السياسية اللافتة التي اطلقها امس رئيس الجمهورية ميشال عون من روما غداة لقائه البابا فرنسيس واجتماعه مع الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا ولا سيما منها دفاعه عن “حزب الله” وتبرئته لسلاح الحزب وممارساته من أي تدخل او تأثير داخلي وحصر وظيفته بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الجنوب. اذ ان هذا الموقف بدا بمثابة اثبات للشكوك التي أثيرت حول اهداف زيارة عون للفاتيكان في هذا التوقيت ومنها التطوع مجددا للتغطية على “حزب الله” وسلاحه وسياساته وتوفير التغطية الرسمية – المسيحية له على خلفية التحالف معه قبيل الانتخابات النيابية كما ضمن اهداف العهد وتياره حيال الاستحقاق الرئاسي المقبل.
فقد اعتبر عون في حديث الى صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية ان “موقف حزب الله في الداخل اللبناني مختلف بصورة كاملة عن نظرته الى الخارج”. وقال “ليس لحزب الله من تأثير، بأي طريقة، على الواقع الامني للبنانيين في الداخل. اما بالنسبة الى الحدود الجنوبية فالتعاون قائم بين الجيش وقوات “اليونيفيل”. ان حزب الله، حزب يملك السلاح وهو قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي، وهو مكون من لبنانيين من الجنوب عانوا من الاحتلال الاسرائيلي، ومقاومة الاحتلال ليست إرهابا”. وأكد من جهة اخرى انه “يعرف ان البابا سيقوم بمبادرة لمساعدة لبنان، وأن بإمكان إيطاليا التي تقدم المساعدات الاقتصادية دعم الأطراف اللبنانيين للتلاقي والتوافق على حل، لافتا في ما خص الحرب الدائرة في أوكرانيا الى ان مخاطر النزاع شاملة، والحل الوحيد هو السلام والامثل يكون من خلال مفاوضات تقودها الأمم المتحدة”. وعن انفجار مرفأ بيروت، اعرب عون عن ثقته في ان العدالة ستتحقق لا سيما وان جميع اللبنانيين ينشدونها، مؤكدا مطالبته بإزالة كل العوائق التي تمنع تحقيقها، لافتا في مجال آخر، الى السعي الى تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة التي من شأنها ان تساهم في تطبيق افضل للدستور اللبناني“.
المواجهة المصرفية – القضائية
الى ذلك وفي انتظار ما يمكن ان تحمله جلسة مجلس الوزراء اليوم في السرايا من مقررات على خط النزاع القضائي – المصرفي، انهت المصارف إضرابها وأعلنت انها ستفتح أبوابها وماكينات السحب أمام الناس كالمعتاد اليوم. وفي حين قررت إدارة فرنسبنك إبقاء عملية سحب الرواتب والمعاشات من المصرف عالقة في انتظار صدور قرار قضائي عن المحكمة المختصة يقضي برفع الحجز عن جميع موجودات المصرف في مختلف الفروع بما فيها الخزائن والأموال وفَكّ أختام الشمع الأحمر، سجلت تطورات جديدة في قضية المصرف اذ رفعت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الأختام عن المصرف وتقرّر قبول الاستئناف شكلاً وأساساً، وفسخ القرار المستأنف، والحكم مجدداً بوقف التنفيذ في المعاملة التنفيذية رقم 1103/ 2021، إضافة إلى إعادة التأمين الاستئنافي.
ولكن رئيسة دائرة التنفيذ بيروت القاضية ماريانا عناني ردت طلب المصرف فضّ الأختام عن صناديقه. وأوضح مصدر معني بهذا التخبط أنّ “محكمة الاستئناف أوقفت تنفيذ القرار السابق إلى حدّ المرحلة التي وصلت إليها القضية، الأمر الذي خلق إشكالية، لأن القرار لم يبتّ بالأساس ما يعني أنّ الملف عاد إلى نقطة الصفر”. وقال أنه “لم يعد لأي مرجع ولاية أو صلاحية بفض الأختام إلا بصدور القرار بالأساس، وأي أمر بخلاف ذلك يصبح غير قانوني لأن الولاية استقرت بعد قرار الاستئناف على البحث بالأساس“.
وبازاء هذا الوضع، اعلن مصرف “فرنسبنك” مساء انه “امام هذا الوضع القانوني وفي ضوء تبلغ قرار محكمة الإستئناف أصولاً، ولأن المصرف يسعى دائماً للوقوف إلى جانب عملائه تحقيقاً للمصلحة العامة سيعمد إلى تلبية حاجات عملائه من سحوبات عبر صرافاته الآلية في كل الفروع التي سيتم تغذيتها من سائر صناديق الفروع الأخرى التي لم تختم بالشمع الأحمر وذلك بالقدر اللازم ريثما يصار إلى البت بالطعن الذي سيتقدم به المصرف بشأن قرار القاضي ماريانا عناني برد طلب فض الأختام“.
اما في شأن المواجهة بين القضاء وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه وشقيقه رجا، فأفيد امس ان المحامي العام المالي القاضي جان طنوس استجوب رجا سلامة في قصر عدل بيروت في ملف شركة “فوري”، فيما لم يمثل أمام القاضي نقولا منصور بسبب إصابة الكاتب بوباء كورونا.
الى ذلك، تقدمت الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد اصلاح النظام”، بإخبار جديد للنيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان “ضد كل من يظهره التحقيق من المصارف والأشخاص المعنويين والطبيعيين بجرائم الاثراء غير المشروع وتبييض الأموال وإساءة الأمانة ومخالفة أحكام قانون النقد والتسليف ومخالفة القرارات الإدارية، على خلفية ما يعرف بأموال “الرئيس صدام حسين” المجمدة والتي تقدر بمليارات الدولارات تم وضعها في مصارف لبنانية بأسماء موالين للنظام العراقي السابق وقد توافرت معلومات عن استعمال هذه الودائع في العمليات المصرفية في لبنان ثم تبخرت بفعل الازمة التي ضربت القطاع المصرفي في لبنان.