كتب ايمن شحادة
للعام الثالث على التوالي، يستقبل المسلمون حول العالم ولا سيما في العالم العربي والاسلامي، شهر رمضان المبارك، في ظل فيروس كورونا بالاضافة هذا العام الى تداعيات اقتصادية واجتماعية جراء الحرب في اوكرانيا، ومع ان تأثير كورونا خلال شهر رمضان السابق كان شديدا، فهو في هذا العام اقل تأثيرا نظرا لتخفيف القيود في العديد من البلدان العربية ورفعها في بعضها الاخر كما العديد من الدول في العالم.
يستقبل المسلمون شهر رمضان هذا العام وقد فقدو العديد من الأحبة بسبب الجائحة، وسط تداعيات لم تنتهي حتى الساعة، في ظل استمرار حملة التلقيح والتوعية لمواجهة الفيروس.
ولطالما كان شهر رمضان شهر التوبة والغفران، حيث يعمل المسلمون الى التقرب إلى الله بالصوم والصلاة، فضلا عن العادات الاجتماعية خلال أيام الصوم كإقامة ولائم الإفطار الجماعية، كما انه فرصة لاجتماع العائلات وغيرها. وهذه العادات كلها في عامها الثالث ستكون مخففة نظرا للظروف الراهنة لا سيما في البلدان الأشد تأثرا من أزمة كورونا ومن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية.
إلا أن هناك بعض البلدان العربية خففت الكثير من إجراءات الحجر، وبدأت بعض الدول بالتحضير لتزيين الشوارع بالفوانيس الرمضانية وزينة شهر رمضان، كما ان المسحراتي (الشخص الذي يقوم بالتجول بالشوارع في الليل لإيقاظ النائمين لتناول وجبة السحور) بدأ يهيء نفسه لإحياء شهر رمضان هذا العام ككل عام، ويوحي الوضع الى عودة التقاليد الرمضانية والتي تختلف من بلد الى آخر.
موائد شهر رمضان والتي لا يغيب عنها يوميا التمر والحساء والسلطة (تختلف من بلد الى آخر) إلى جانب الطبق الرئيسي، وأطباق أخرى تختلف باختلاف البلدان وعاداتها، سواء في الإفطار أو السحور. وقد بدأ التجار بعرض منتجاتهم الرمضانية والتحضير للحلويات التي تزين السفر ما بعد الافطار في هذا الشهر الفضيل.
تحضيرات شهر رمضان
تشكو فاطمة (من لبنان) “من الأثار الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي يعاني منه بلدها، لا سيما جراء ازمة المواد الغذائية وارتفاع اسعارها واسعار المحروقات”، وأملت ان” يمر هذا الشهر بخير وسلام وطمآنينة على الجميع، واكدت بانها ستحاول وعائلتها احياء الشهر بأكبر قدر ممكن من العبادات، مع التقليل من الزيارات والاخذ بالحيطة والحذر جراء كورونا”، بالرغم من إنخفاض أعداد الإصابات في الاونة الأخيرة في لبنان.
أسعد من لبنان أيضا، يعتبر بأن الأزمة الاقتصادية في لبنان حاليا اشد فتكا من كورونا، لا سيما للسكان الذي لا يعيشون في العاصمة، وذلك بسبب ارتفاع كلفة النقل بعد ارتفاع اسعار المحروقات بشكل كبير في لبنان وارتفاع اسعار الكثير من المواد الغذائية، مما أدى الى إرتفاع كلفة المائدة الرمضانية بشكل كبير، وهي أشبه بالأزمة للعائلات الفقيرة.
بدوره، نعمة (صاحب سوبر ماركت في ضواحي بيروت) الذي تمنى الخير والبركات للجميع في هذا الشهر الفضيل، أكد بأن الصعوبات الاقتصادية كبيرة جدا، لا سيما مع انقطاع عدد من المواد الغذائية جراء الازمة في اوكرانيا (زيت وسكر وطحين)، وتوقف العديد من الدول عن تصدير المواد الغذائية ما اثر بشكل كبير على الاسعار كما على تواجدها، لافتا الى تهافت المواطنين بشكل كبير على تخزين البضائع في المنازل خوفا من انقطاعها.
أحمد (من البحرين) شدد على “ضرورة إحياء شعائر شهر رمضان، وضروة إقامة المناسبات الدينية كما فتح المساجد، وأمل أن يتم إيجاد حل لإقامة الصلوات في المساجد، مع اخذ التدابير الوقائية التي تمنع انتشار المرض في المجتمع”.
بدوره، محمد (من الكويت) اكد استمراره بالالتزام بالحجر الصحي خوفا من الاصابة بفيروس كورونا، واكد بانه لن يقيم ولائم الإفطار كما أنه لن يشارك بأي افطار خارج المنزل، مؤكدا “اتباعه الحيطة والحذر في هذا الشأن”، بالرغم من تخفيف القيود الى حد بعيد في الكويت.
وفي الكويت، اكد اسامة بان صلاة التراويح ستعود هذا العام بعد انقطاع دام عامين بسبب جائحة كورونا، وهناك عودة للمساجد بعد رفع اجراءات كورونا، موضحا بان الاجراءات حاليا هي فقط في التشديد على اخذ اللقاح، ما يعني عودة الروح الى شهر رمضان بعد اجراءات صارمة اتخذتها الكويت في العامين الماضيين في وجه الجائحة للسيطرة عليها.
نصائح للصائمين
شهر رمضان الذي يبدأ في الأسبوع الأول من نيسان ويستمر حتى الإسبوع الأول من أيار يأتي في ظروف أفضل من الأعوام السابقة على صعيد أعداد المصابين بكورونا في الدول العربية، كما بالنسبة الى انخفاض عدد الوفيات، مع توسعة رقعة الملقحين.
يذكر بان منظمة الصحة العالمية، عملت العام الماضي على تنبيه المسلمين إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر، في ظل استمرار مخاطر انتشار الفيروس، وضمن إرشادات أصدرتها تتعلق بالممارسات الرمضانية، أكدت المنظمة على ضرورة الأخذ بتدابير التباعد البدني، الواجب اتباعها أثناء الصلاة، والإفطار الجماعي، والعُمرة، وغيرها من الفعاليات الاجتماعية أو الدينية.
وفيما خص صوم المصابين بالجائحة في شهر رمضان، اكد الدكتور محمد عبيد بأنه “لا يوجد اي نصيحة طبية توصي بعدم الصوم بسب فيروس كورونا. أما بالنسبة للمصابين بالجائحة فهذا يعود لكل حالة بحالتها، وعليه يجب على المريض المتابعة مع طبيب مختص وهو الذي يحدد حالته الصحية.”
بدورها، خبيرة التغذية ريم الايوبي نصحت “بعدم الاكثار من الاكل غير الصحي في هذا الشهر، ودعت لتناول الوجبات الصحية خلال فترتي الفطور والسحور، وشرب السوائل بكثرة لتعويض الجسم عن السوائل التي خسرها خلال فترة الصيام بالنهار”.
الأعمال الخيرية
وقبيل شهر رمضان، وككل عام تنطلق الحملات الخيرية في البلدان العربية والاسلامية لمساعدة المحتاجين، وهناك حملات على صعيد الأحياء والبلدات وهناك حملات أوسع لا سيما الحملات الرمضانية العالمية التي تعمل إلى جمع مبالغ مالية لتوفير الدعم كالمأوى والغذاء والمياه الصالحة للشرب والمساعدة النقدية للاجئين والنازحين لا سيما في سوريا واليمن والعراق ومخيمات النازحين السوريين في لبنان واللاجئين الفلسطينيين.
وقد ناشدت العديد من الجمعيات الامم المتحدة وجمعياتها التحرك سريعا لتوفير الامن الغذائي، وفي وقت سابق أطلقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا نداء طارئا لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وهدف النداء الذي أطلقته “أونروا” خلال المؤتمر، إلى “جمع الأموال لتقديم المساعدة الإنسانية الحيوية للاجئين الفلسطينيين في لبنان وإلقاء الضوء على متطلبات تمويل الوكالة الدولية وأولوياتها لعام 2022”.
كما انه سبق للبنك الدولي وأن أعلن أن قرابة 90% من اللاجئين السوريين في لبنان عاجزون عن تأمين ما يعد الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة، وعلى وقع الأزمة الاقتصادية الحادة وسياسات الحكومة اللبنانية بترشيد أو رفع الدعم عن المواد الأساسية، يشهد لبنان شحّاً في الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، ومسكنات الألم العادية. أما بالنسبة لحليب الأطفال فأنواع الحليب المركب رقم /١/ و/٢/، وهما اللذان يستخدمان للأطفال دون سن السنة الواحدة، ليسا متوفرين، وفي حال العثور عليهما يكونان بأسعار باهظة، والأمر ذاته فيما يتعلق بالأدوية، مايضع المزيد من الأطفال في مواجهة الجوع، لعدم قدرة أسرهم على شراء الطعام من الأسواق المحلية، حيث يعيش العديد منهم على الحد الأدنى من الغذاء، مع ما يرتبه سوء التغذية المستمر من آثار خطيرة على صحتهم، وعلى نموهم البدني والعقلي، لا سيما خلال الأعوام الأولى من حياتهم.
وفي العديد من البلدان العربية، بدأ تركيب المطابخ التي تجهز وجبات الافطار للصائمين، كما ان صناديق المساعدات والاعلانات عنها تملء وسائل التواصل الإجتماعي لتأمين أكبر قدر من الاموال لتغطية اكبر شريحة من المحتاجين في هذا الشهر الفضيل، حيث يتم توزيع صناديق تحوي على تموين للشهر الفضيل، بناء على إحصائيات يتم العمل عليها للعائلات الأكثر فقرا.
جاد الرمح، من جمعية خيرية في بيروت والتي تحضر آلاف وجبات الإفطار للعام الرابع على التوالي، اكد بأنه كما في الاعوام السابقة تم تجهيز مطابخ نعمل من خلالها على تأمين آلاف الوجبات الجاهزة التي يتم توزيعها على الأسر المتعففة من خلال جيش من المتطوعين.
واوضح الرمح بأن هناك 3 فرق تعمل على مدار الساعة، الاول يعمل على شراء المواد الاولية وتغسيل الخضار والفواكه وتجهيزها في النهار، وفريق بعد الظهر يعمل على تحضير الطعام وتوزيعه، وفريق الليل يعمل على التنظيف والتحضير لليوم التالي، لافتا الى ان العمل لا يتوقف على مدار الساعة في شهر رمضان المبارك.
وقبيل شهر رمضان بأيام تنطلق التحضيرات على كافة الصعد لإستقباله، من حيث التموين او تنظيف المنازل وغيرها من العادات الشعبية في إستقبال هذا الشهر الفضيل، على أمل ان ينطلق مدفع الإفطار هذا العام في الدول العربية والإسلامية ونكون قد شارفنا على الانتهاء من أزمة جائحة كورونا التي ضربت العالم أجمع، وتعود الحياة الى سابق عهدها لا بل أفضل من ذلك.