كتبت “النهار” تقول: تشكل مشاركة لبنان تحديدا اليوم في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الكويت محطة مفصلية بارزة تتجاوز المحطات الروتينية العادية نظرا إلى ان حيزا أساسيا من الاهتمامات المطروحة على هذا الاجتماع تتصل بالرد اللبناني الرسمي على المذكرة الخليجية التي نقلها وزير الخارجية الكويتي احمد ناصر المحمد الأحمد إلى المسؤولين اللبنانيين في مطلع الأسبوع وطلب جوابا رسميا عليها قبيل انعقاد الاجتماع الوزاري العربي في الكويت. ذلك ان أحدا لا يجهل الاحراج الذي يواجهه لبنان في تبرير أجوبته على نقاط حساسة تعكس عجز السلطة خصوصا عن ترجمة سياسة النأي بالنفس بما يلزم “حزب الله” وقف تورطه في الصراع اليمني وتنفيذ القرار 1559. ولذا ستكون الساعات المقبلة محفوفة بالكثير من الترقب.
وعلى رغم التكتم الشديد الذي احيطت به عملية وضع الرد اللبناني التي تولاها وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب في مشاورات مكوكية اجراها في الأيام الأخيرة بين رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري والحكومة #نجيب ميقاتي علمت ” النهار” ان الجواب وضع بورقة من صفحتين مستندا في أبرز نقاطها على البيان الوزاري للحكومة وعلى ثوابت أبرزها اتفاق الطائف واجراء الانتخابات في مواعيدها. والجملة المفصلية في ورقة الحكومة اللبنانية تنص على “احترام كل قرارات الشرعية الدولية وجامعة الدول العربية واستكمال تنفيذ مندرجات الورقة ضمن ما يؤدي إلى تحصين الاستقرار في لبنان، مع تأكيد الحكومة اللبنانية التزامها سياسة النأي بالنفس قولاً وفعلاً”. اما طرح “تشكيل لجنة مشتركة لمأسسة العلاقات بين لبنان ودول الخليج” فان هذه العبارة بقي النقاش مستمراً حولها قبل بتها باعتبار ان لبنان ودول الخليج اعضاء في الجامعة العربية وتربطهم العلاقات الدبلوماسية. وبقي الجواب محط تشاور بين بعبدا وعين التينة والسرايا الحكومية إلى ان تمّ التوصل إلى صيغة اخيرة من وحي هذا التشاور وضعها الوزير عبدالله بو حبيب انطلاقا من ورقة كان اعدها الرئيس ميشال عون. وفي هذه الورقة ترحيب بالمبادرة الكويتية المتفاهم عليها خليجيا واستعداد للتجاوب مع كل ما هو ممكن الالتزام به لاسيما الالتزام بـ”اتفاق الطائف” وسياسة النأي بالنفس كما ورد في البيان الوزاري، و”احترام القرارات الدولية وميثاق جامعة الدول العربية ، مع الاشارة إلى ان القرارات الدولية ليست فقط لها التزامات لبنانية بل هناك ايضا ارتباط بمواقف خارجية مثل القرار ١٧٠١ ، فلبنان ملتزم تنفيذه لكن اسرائيل غير ملتزمة وهي تخرقه يوميا برا وبحرا وجوا وتواصل تهديداتها ، واستطرادا تنفيذ القرار ١٥٥٩ له ابعاد تتعلق بأمن لبنان وسيادته ووقف الاعتداءات الاسرائيلية وتحرير الاراضي اللبنانية المحتلة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا والقسم الشرقي من بلدة الغجر ، اضافة إلى عدم الوصول إلى نتائج عملية في ما خص ترسيم الحدود البرية والبحرية ، ناهيك عن الاجواء الاقليمية والحالات غير الآمنة والمستقرة حول لبنان.
وبالنسبة إلى اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية ثمة التزام لبناني كامل بإجرائها. وتنص الورقة ايضاً على “تأكيد التعاون في المجالات الامنية ومكافحة التهريب إلى دول الخليج ومعالجة الأوضاع الاقتصادية وغيرها من النقاط”. ويقترح الجواب اللبناني “تشكيل لجنة او لجان مشتركة لبنانية – خليجية- عربية لمتابعة البحث في النقاط التي تحتاج إلى متابعة لبنانية وخليجية وعربية اضافة إلى بعدها الدولي من خلال المسؤولية الدولية في تنفيذ القرارات الدولية لاسيما تلك التي تتصل بالأوضاع الاقليمية وهي ليست لبنانية صرف “. ويطلب لبنان في الورقة “مساعدة الدول العربية لاسيما تلك التي تربطها علاقات جيدة مع الدول الكبرى ودول القرار، للضغط من أجل استكمال تنفيذ القرارات الدولية وليس تحميل لبنان وحده مسؤولية التنفيذ”. ووفق المصادر المعنية فان لبنان حرص في الصياغة الجوابية على الاستقرار ومنع اهتزاز السلم الأهلي وان هذه النقطة كانت الأهم لأنه من غير الوارد افتعال مشاكل داخلية.
ونقلت رويترز” عن مصادر مطلعة ان الحكومة اللبنانية تقول في رسالتها إلى دول الخليج إن لبنان لن يكون منطلقاً للتحركات التي تمس بالدول العربية وان الحكومة ملتزمة قولا وفعلا سياسة النأي بالنفس وان الحكومة اللبنانية ستبلغ دول الخليج العربية بأنها ستعزز الإجراءات لمنع تهريب المخدرات.
إلى ذلك، تترقب الاوساط السياسية محطة بارزة الاسبوع المقبل تتصل بملف ترسيم الحدود مع اسرائيل من خلال زيارة الوسيط الاميركي في الملف آموس هوكشتاين إلى بيروت في الثاني من شباط إثر زيارة يقوم بها لتل ابيب، لاستئناف ترسيم الحدود. وأفادت معلومات ان هوكشتاين سيصل إلى بيروت مزودا باقتراح حل بحثه مع المسؤولين الاسرائيليين وسيعرضه على المسؤولين اللبنانيين، اذ ان الاسرائيليين يستعجلون حسم الخلاف قبل الانطلاق في اذار في التنقيب عن النفط في المنطقة المتنازع عليها.
لا مقاطعة سنية
على صعيد المشهد السياسي الداخلي برز أمس التحرك الذي اتخذ طابعا سنيا بعد أيام قليلة من اعلان الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي وامتناعه وتيار المستقبل عن الترشح للانتخابات النيابية. وأدرج هذا التحرك الأول من نوعه في إطار رسالة مفادها المسارعة إلى تأكيد منع الفراغ على الساحة السنية وبدء البحث في الوسائل للحؤول دون نشؤ تداعيات سلبية واسعة في ظل الارتباك الذي خلفه انسحاب الحريري. وتمثل هذا التحرك بقيام مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان بزيارة السرايا ولقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومن ثم لقاء قيادات سنية خلال صلاة الجمعة في المسجد العمري الكبير، التي حضرها الرئيس ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة، وما تخلل ذلك من اعلان مواقف بان لا مقاطعة سنية للانتخابات النيابية. واكد المفتي دريان من السرايا ان” دار الفتوى هي حاضنة لجميع اللبنانيين ورمز الاعتدال”، مشيدا بأداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “الذي يقارب في هذه المرحلة الحساسة، المواضيع الوطنية والداخلية بروح المسؤولية العالية، وبما يتناسب مع الدور الوطني الجامع لرئاسة مجلس الوزراء”. وكان تشديد مشترك خلال خلوته بميقاتي، على اهمية ان يكون الرد الرسمي اللبناني على الافكار الخليجية ايجابيا بما يتوافق مع الثوابت الوطنية وعلاقات لبنان التاريخية مع محيطه العربي. كما ان ميقاتي شدد بدوره على ان “لا مقاطعة سنية للانتخابات لما فيه خير الطائفة وان الاستحقاق سيحصل في موعده”. ورداً على سؤال، أجاب “صحيح أن الرئيس سعد الحريري أعلن عزوفه عن الترشح وخوض الانتخابات النيابية، لكن نحن حتماً لن ندعو إلى المقاطعة السنية لما فيه خير الطائفة، ومن يرغب بالترشح فليترشح، والانتخابات حاصلة في موعدها المحدد في ١٥ أيار المقبل”.
وفي هذا السياق وزع أمس شريط مصور وجه عبره رجل الاعمال بهاء الحريري رسالة أكد فيها أنه “سيستكمل مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري”، معتبرا “أن أي تضليل أو تخويف من فراغ على مستوى أي مكوّن من مكوّنات المجتمع اللبناني يخدم فقط أعداء الوطن فما بالكم التخويف بالفراغ في أكبر طائفة في لبنان التي لي شرف الانتماء اليها”. وقال “يجب التأكيد أن لا دين ولا أخلاق ولا تربية أبناء الرئيس الشهيد رفيق الحريري تسمح لهم بالتخلي عن مسؤوليتهم بوضع جميع امكانياتهم في سبيل نهضة لبنان الرسالة لبنان الرمز لبنان الوطن وأن عائلة الشهيد رفيق الحريري الصغيرة كما عائلته الكبيرة لم ولا ولن تتفكك بالشراكة والتضامن”، مشيرا إلى أنه “سيخوض معركة استرداد الوطن واسترداد سيادة الوطن من محتليها”.
الموازنة والكهرباء
على صعيد جلسات مجلس الوزراء لإنجاز درس الموازنة وإقرارها يعقد المجلس جلسة صباح اليوم تستمرّ حتّى الاولى بعد الظّهر وستركز الجلسة اليوم على سلفة الكهرباء وموضوع المساعدات الاجتماعية للمتقاعدين وغيرها من البنود العالقة.
وكان وزير الطاقة وليد فياض أكّد “أنّنا أمام خيارَين إمّا أن تقرّ هذه السلفة أو نرفع تعرفة الكهرباء للتمكّن من زيادة ساعات التغذية”. وقال” لا أريد سلفة للكهرباء وتكفي زيادة التعرفة على الفواتير لشراء المحروقات وفرض توازن مالي”.
وقد حدد مشروع موازنة العام 2022 اعتمادا يوازي حوالي 225 مليون دولار فيما تؤكد أوساط وزير الطاقة والمياه ان الحاجة الفعلية لهذه السنة لا تقل عن 400 مليون دولار ما يعني إما رفع العرفة او الاتكال على سلفة جديدة تأتي من مصرف لبنان وهو الامر المستبعد في هذه الظروف. وتتساءل هذه المصادر عن مصدر الاموال التي يجب تأمينها ايضا لتمويل شراء الفيول من العراق وكهرباء الاردن والغاز المصري، فهذه قروض ويجب تغطيتها بالعملة الصعبة، مما يعني ان مشكلة اساسية تواجه وزارة الطاقة في العام المالي الحالي في حال لم يتم رفع تعرفة الكهرباء، متسائلة عن الالية التي وضعت لتحديد التعرفة الجديدة التي تؤمن التوازن المالي بالنسبة لمؤسسة #كهرباء لبنان في هذه الظروف.