كتبت صحيفة “الديار” تقول: الازمة اكبر من الحكومة واستقالة الوزير جورج قرادحي، وتحقيقات الطيونة وابعاد المحقق القاضي طارق الببطار عن انفجار المرفأ، بل مواجهة سياسية كبرى بين محورين على الارض اللبنانية، الاول بقيادة واشنطن والرياض والثاني يضم حزب الله وايران وسوريا امتدادا الى روسيا لان من يحكم هذه المنطقة يحكم العالم، والمحطة الاساسية لهذه
المواجهة ستكون الانتخابات النياببة في 27 اذار لتكوين السلطة السياسية الجديدة في لبنان، وحتى ذلك التاريخ فان اجراءات الحصار والعقوبات العربية والخليجية تحديدا سترتفع وستتجاوز كل السقوف، وستشمل اجازات العمل والاقامات والتحويلات المالية ومنع المجيء الى لبنان والسفر منه حتى الحسم النيابي وضرب الاكثرية النياببة واضعاف حزب الله كما تعتقد وتراهن هذه القوى كمقدمة لحكم البلد؟ وتؤكد المصادر المتابعة، ان المسؤولين اللبنانيين تبلغوا جميعا قرارا عربيا بحجب المساعدات قبل الانتخابات النياببة الا في مجال الكهرباء والغاز من العراق والاردن عبر سوريا، مما يؤمن 12 ساعة كهرباء يوميا مع بداية العام الجديد، وخلاف ذلك لا اموال للبطاقة التمويلية ولا 90 دولارا للمعلمين ولا زيادة للاجور بل موجة غلاء جنونية ستشمل كل ما يمس حياة المواطنين، مما سيؤدي الى شلل عام في البلاد سيصيب كل المؤسسات الرسمية مع اضراب شامل لموظفي القطاع العام يبدأ في 23 تشرين الثاني بعد تراجع الدولة عن كل تعهداتها، ولذلك تؤكد المصادر ان اللبنانيين تنتظرهم سنة قاسية معيشيا وماليا وامنيا ونفطيا وصحيا مع ارتفاع جنوني للدولار وازمات يومية حتى 22 تشرين الثاني 2022 موعد استلام رئيس الجمهورية الجديد، وعلى اللبنانيين ان يستعدوا لاسوأ ازمة تواجهها البلاد منذ الاستقلال، مفتوحة على كل الاحتمالات، وتكشف المصادر، ان الصراع الحالي محوره شكل ولون السلطة السياسية القادمة وتوجهاتها وخياراتها، وليس قضايا مطلبية واصلاحية، واهداف واشنطن والرياض ودولا اوروبية وعربية تتلاقى حول ضرب نفوذ حزب الله و”تشليحه” الاكثرية النياببة بكل الاساليب المشروعة وغير المشروعة، وقد تحدث عن هذا التوجه رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في تصريحاته الاخيرة بالدعوة للنضال من اجل التغيير الديموقراطي للسلطة الحالية، كاشفا ان” ابواب التغيير هي في الانتخابات النيابية والمواجهة السياسية، ونقل الاكثرية النياببة من حزب الله الى القوى السيادية “. وحسب المصادر، فان كلام جعجع يعبر عن توجهات المملكة العربية السعودية، كونه راس الحربة لهذا المشروع، لكن ذلك لا يعني حسم رئاسة الجمهورية لمصلحته مع تقدم اسم قائد الجيش العماد جوزف عون حتى الان كونه يشكل الغطاء لنيل ثقة كل اللبنانيين واستقرار البلد .
وتؤكد المصادر، ان تحذيرات وجهت للمسؤولين من قبل السفارات الكبرى من اي توجه رسمي لتاجيل الانتخابات النيابية بعد التسريبات الاعلامية في هذا الشان والا سيعتبر لبنان دولة فاشلة وسيفرض عليه حصار شامل، وان مسؤولين في هذه السفارات يتابعون مع المسؤولين اللبنانيين وتحديدا وزير الداخلية بسام المولوي التحضيرات للانتخابات، والمستلزمات اللوجيستية للاستحقاق، وتامين التغطية المالية من البنك الدولي، واستفسروا من اعلاميين واكاديميين عن الطعن المقدم من التيار الوطني الحر وتاثيره في اجراء الانتخابات دستوريا، وتضيف المصادر، ان واشنطن والرياض متفقتان على ان اي مساعدات للبنان في الظرف الحالي ستصب في مصلحة السلطة السياسية الحاكمة التي يديرها حزب الله، واي حلول للازمة القائمة سيستفيد منها حزب الله في الانتخابات النيابية، ولا بد من تعميق ازمة السلطة الحالية وكشفها امام الناس لان ذلك قد يؤدي الى تغيير مزاج اللبنانيين والانقلاب انتخابيا على الطبقة الحالية، وبالتالي فان الرياض لن تتحدث مع اي مسؤول لبناني قبل الانتخابات، كونهم جميعا يدورون في فلك حزب الله ويخدمون مشروعه بمن فيهم ميقاتي والحريري وجنبلاط، فالولايات المتحدة والرياض تريدان تغييرا شاملا وانقلابا جذريا في السلطة السياسية يشمل كل المواقع ويشمل اللون السياسي للرؤساء الثلاثة وكل القيادات الادارية والامنية، والمعركة لا تحتمل اللون الرمادي مطلقا ” اما ابيض او اسود “، وهذا هو جوهر الصراع الحالي، وقاله بوضوح مسؤولون اميركيون لقيادات لبنانية واعلاميين وغيرهم ووضعوهم في اجواء التوجهات الجديدة.
لكن المصادر تؤكد، ان واشنطن والرياض تعرفان صعوبة الانقلاب الشامل واستحالة اضعاف حزب الله في الحياة السياسية والنيابية نتيجة قوته الشعبية، واذا كان الانقلاب الشامل متعذرا حاليا، فانهما سيعملان للحصول على كتلة نيابية من 46 نائبا تعطيهما الثلث الضامن في المجلس النيابي لتعطيل قرارات حزب الله ومنعه من تسمية رئيس الجمهورية القادم واختيار المواقع الاخرى في الدولة، لان كل الاهداف الاميركية السعودية تتلاقى حول اضعاف حزب الله وتقييد حركته وقراراته مهما كان الثمن عبر الانتخابات او عبر استقدام قوات دولية تنتشر على الحدود اللبنانية السورية وفي بيروت الكبرى، لان حزب الله في نظر واشنطن والسعودية هو المعرقل الاول لسياسة الدولتين في الشرق الاوسط وللتسوية الكبرى في الصراع العربي الاسرائيلي.
الانتخابات النيابة
وتتابع المصادر، ان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع هو راس الحربة للمشروع الدولي العربي، وتحديدا الاميركي السعودي، لاضعاف حزب الله والنواب المستقلين وشخصيات سياسية واعلامية وبقايا 14 اذار وجمعيات المجتمع المدني الذين يواصلون اجتماعاتهم اليومية وسيشكلون لوائح انتخاببة في كل الدوائر النياببة امتدادا الى الجنوب وبعلبك رغم فشلهم في توحيد منظمات النبطية المدنية بعد رفض” مدنيو النبطية ” تحويل شعار المعركة من مواجهة فساد الدولة الى مواجهة حزب الله، وتراس الاجتماعات في النبطية نائبان مستقيلين، فيما تمكنت هذه الجمعيات من ازالة كل التباينات في زغرتا والتوافق على خوض الانتخابات موحدين وحسم الاسماء في ظل محاولات لتعميم نموذج زغرتا في كل لبنان، هذا مع العلم ان القوات اللبنانية تعيش قناعة مطلفة بان الانتخابات ستزيد حجم كتلتها النياببة على حساب التيار الوطني الحر وبانها ستكون الاقوى على الساحة المسيحية.
وتؤكد المصادر، ان تيار المستقبل خارج الحسابات السعودية مع تاكيدات سعد الحريري انه سيخوض الانتخابات النيابية في كل المناطق وسيعود الى لبنان قريبا، ويتابع كل التفاصيل الانتخاببة وحركة ماكيناته، وتحالفات المستقبل ستكون على “القطعة “ولن يكون مع فريق ضد فريق، ففي البقاع الغربي سيتحالف مع ايلي الفرزلي وحركة امل، وفي الشوف مع جنبلاط وجعجع وفي بيروت مع الثنائي الشيعي وسيكون لطرابلس تحالفاتها الخاصة، وفي الجنوب مع حركة امل وربما تكون توافقية، اما رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الذى اوحى بالتحالف مع القوات اللبنانية في الشوف وعالية، لكن هواجسه من لعبة الامم تجعله يعيد حساباته باستمرار وعدم حسم خياراته النيابية حاليا وينتظر اللحظة الاخيرة، وهو مرتاح في الموقع الوسطي، ورسالته الاخيرة الى الرياض لم تترجم على ارض الواقع بشكل عملي، رغم ان المعلومات تؤكد ان قيادات لن تستطيع تحريك اموالها في الخارج قبل الانتخابات اذا لم تحسم خياراتها النياببة الى جانب جعجع وحلفائه.
8 اذار
اما على صعيد قوى 8 اذار، فان التحالفات لن تتبدل، والثنائي الشيعي يعمل على مدار الساعة انتخاببا في كل المناطق، وحزب الله مرتاح جدا، وهو الحزب الاكبر في لبنان باعتراف خصومه لجهة حجم الاصوات التفضيلية التي سينالها من كل المناطق، ومرتاح لتحالفه مع امل، ووضع حلفائه جيد جدا من التيار الوطني الحر الى المردة والقومي وارسلان والتوحيد العربي وفيصل كرامي وعبد الرحيم مراد وصولا الى اسامة سعد وشخصيات عديدة، وتكشف المصادر، ان التحضيرات بدأت باجتماعات في كل الدوائر، و 8 اذار واثقة من الفوز بالاكثرية النياببة، وتؤكد ان حزب الله سيتدخل لتوحيد الحلفاء في جزين وزغرتا والشمال رغم صعوبة المهمة بين امل والتيار الوطني الحر مع استمرار التراشق العشوائي بينهما اعلاميا، اما بالنسبة لاجراءات الحصار العربية والدولية على لبنان فهي تستهدف حلفاء واشنطن والرياض قبل 8 اذار، وساحات الاستقطاب للمجتمع المدني محصورة في مناطق نفوذ 14 اذار وهذه القوى ستاكل من رصيد بعضها بعضا كما تؤكد 8 اذار.
الاجتماعات الحكومية
على صعيد اخر، وفي ما يتعلق باوضاع الناس الاقتصادية، تؤكد مصادر متابعة، ان الحلول للازمات المستعصية سياسية بالدرجة الاولى، والصيغة الاخيرة للخروج من النفق تقضي باستقالة الوزير جورج قرداحي مقابل الحصول على ضمانات سعودية وكويتية بالتراجع عن اجراءاتهما ضد اللبنانييين، وهذه الضمانات لم تصل بعد من الرياض في ظل غياب الوسيط العادل بين الدولتين، والامور ستبقى ” معلقة ” وصعبة حتى نهاية العهد، وميقاتي لن يدعو لجلسة للحكومة في حضور قرداحي مدعوما من رئيس الجمهورية ميشال عون حفاظا على “شعرة معاوية ” مع الرياض بانتظار انفراجات اقليمية، علما ان استقالة قرداحي ليست العقدة المستحيلة وحلها سهل نسبيا امام مشكلة كف يد القاضي طارق البيطار عن تحقيقات المرفأ التي تتداخل فيها عوامل اقليمية ودولية رغم ان مذكرات التوقيف التي اصدرها لن تأخذ طريقها الى التنفيذ.
وحسب المصادر، فان الحكومة” للديكور ” وادارة الفراغ والاستقبالات، وميقاتي يسعى لتامين عودة جلسات مجلس الوزراء وتحدث عن حلول قريبة، “لكن ما باليد حيلة ” والوزراء ” مكبلون ” ولاقدرة لهم على حل موضوع ” القرطاسية ” في وزاراتهم نتيجة عدم توافر الاموال، وظهر عجز الدولة وترهلها بشكل واضح خلال الحرائق الاخيرة، ولولا التعاضد الاجتماعي لكانت الكوارث اكبر، حيث امن المواطنون المحروقات لسيارات الدفاع المدني وما يحتاجون اليه، كما ان وعود الوزراء للمعلمين وموظفي القطاع العام تبخرت ولن تنفذ بسبب عدم توقيع الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي نتيجة عدم انعقاد مجلس الوزراء، والسؤال: هل تواجه حكومة ميقاتي السيناريو نفسه الذي واجهته حكومة حسان دياب لجهة عدم انعقاد مجلس الوزراء وتعطل اعمالها، وحصر مهمة ميقاتي باجراء الانتخابات النيابية فقط، في ظل التوافق على ان المرحلة الجديدة ومعالجة الاستعصاء يبدأ بعد الانتخابات النيابية؟ ومن يفوز بحكم البلد ويأتي بالرئيس القادم ويشكل الحكومة الجديدة على اسس تنهي عصر الحكومات التواففية التي سادت بعد الطائف؟