كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بخلاف ما تشتهي السلطة، لم يسلك موضوع “قبع” المحقق العدلي طارق البيطار مساره المطواع على السكة القضائية، حيث ما لبث بالأمس أن اصطدم بـ”حائط صد” جديد أمام محكمة التمييز المدنية بعد محكمة استئناف بيروت، مع تسجيل سرعة قياسية هذه المرة في رد طلب رد البيطار “لعدم الاختصاص”، الأمر الذي باغت المدعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر عشية جلسة استجواب كل منهما اليوم وغداً… فما كان منهما إلا المسارعة إلى تقديم طلب “معجّل مكرّر” لرد المحقق العدلي أمام المحكمة نفسها بحلول نهاية الدوام الرسمي أمس، تمهيداً لإحالته صباح اليوم على مجلس القضاء الأعلى وإيداعه الغرفة المدنية في محكمة التمييز.
وبينما سيرتكز خليل على طلب الرد الجديد للتملص اليوم من المثول أمام القاضي البيطار باعتباره طلباً موجباً لكف يده عن الملف إلى أن تبت المحكمة مجدداً به، سار وزير الداخلية بسام مولوي على خطى سلفه محمد فهمي في رفض إعطاء المحقق العدلي الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وكذلك سيخضع مجلس الدفاع الأعلى اليوم إلى “الفيتو” العوني نفسه الذي سبق أن حجب إذن المجلس لملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا… في وقت بدت السلطة برمتها تسير مساءً على إيقاع المواجهة المفتوحة التي يشنها “حزب الله” ضد البيطار، مع ارتقاء “الحزب” في هذه المواجهة إلى مستويات متقدمة بلغت حدّ مصادقة أمينه العام السيد حسن نصرالله على وجوب “قبعه” من منصبه، لأنّ الموضوع وصل معه إلى مكان “ما عَش ينحمل”!
ففي إطلالته المسائية، رفع نصرالله الصوت والنبرة تهديداً وتوبيخاً في وجه السلطتين القضائية والتنفيذية، محملاً بشكل خاص مجلس القضاء الأعلى ومجلس الوزراء مسؤولية “إيجاد الحل” للتخلص من المحقق العدلي، لأنّ القضية أصبح لها “تداعيات على مستوى البلد” وهذا الموضوع “ما راح يكمل هيك”. وإذ توجه بدايةً إلى مجلس القضاء داعياً إياه إلى تدارك الموضوع وكفّ يد البيطار عن ملاحقة النواب والوزراء المدعى عليهم بالشكل المناسب، خلص الأمين العام لـ”حزب الله” إلى رمي الكرة في مرمى مجلس الوزراء للإقدام على سحب ملف التحقيقات في جريمة المرفأ من يد المحقق العدلي، على اعتبار أنّ مجلس الوزراء هو الجهة التي أحالت هذا الملف أساساً إلى التحقيق العدلي.
وفي “خلاصة القول”، جزم نصرالله لأهالي شهداء 4 آب بأنّ قضية أبنائهم لن تصل إلى أي مكان “مع هذا القاضي”، باعتبار أنه يكمل في “أخطاء” سلفه القاضي فادي صوان و”عم يطلع بالعالي كمان”، متهماً إياه بأنه يوظف القضية “في خدمة استهدافات سياسية”، وطارحاً تحت هذا العنوان جملة أسئلة في معرض التشكيك بأداء القاضي البيطار: “لماذا لم يستمع إلى رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس السابق ميشال سليمان الذي دخلت باخرة النيترات في عهده؟ ولماذا لم يستمع إلى رؤساء الحكومات السابقين وذهب حصراً باتجاه إصدار مذكرات استدعاء “وجلب وملب” بحق الرئيس حسان دياب؟ لماذا لم يستمع إلى وزراء حاليين ولماذا لم يستمع إلى كل الوزراء السابقين؟… لينتهي إلى تحميل القضاة “مسؤولية أكبر” من مسؤولية الوزراء والأجهزة الأمنية في انفجار المرفأ باعتبارهم هم من منحوا الإذن لرسو وتفريغ شحنة نيترات الأمونيوم. وعلى هذا الأساس، وضع الأمين العام لـ”حزب الله” صيغة مقفلة للقضية تقوم على المعادلة التالية: “كما أنّ محاكمة القضاة لا تكون إلا أمام مجلس القضاء الأعلى، كذلك مساءلة الرؤساء والوزراء لا تكون إلا أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
أما في ملف الطاقة ومشتقاتها النفطية، فلم يتأخر نصرالله في “حشر” حكومة نجيب ميقاتي في زاوية العروضات الإيرانية، فشدد على وجوب أن تباشر العمل على عقد الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومة الإيرانية سواءً بالنسبة لقوننة عملية استيراد النفط الإيراني، أو في ما يتعلق بملف الكهرباء، مصوّباً في هذا المجال على المليار ومئة مليون دولار التي تسلمها لبنان من حصة اشتراكاته في البنك الدولي، فطالب باستعمالها لتمويل “العروض” الإيرانية لإنشاء معامل كهرباء في لبنان، مع التشديد في الوقت عينه على ضرورة استحصال الجانب اللبناني من الولايات المتحدة على “استثناءات” من حظر التعامل مع طهران أسوةً بما حصل في العراق وأفغانستان، مؤكداً أنّ “حزب الله” يعتزم رفع الصوت على طاولة مجلس الوزراء لأنه “يمثل شريحة كبيرة ومن حقه أن يطلب وضع هذا الموضوع على جدول أعمال المجلس لحلّه جذرياً”.
وفي الغضون، يتواصل الهريان في بنية المنشآت النفطية، وقد تسبب بالأمس باندلاع حريق هائل في أحد خزانات المحروقات في منشأة الزهراني، حيث أكد مصدر مطلع أنّ سبب الحريق هو “إهمال في الصيانة الدورية فكانت النتيجة خسارة 6 آلاف برميل بنزين”.
وأوضح المصدر أنّ “أجهزة إطفاء الحرائق معدومة في المنشأة والمسؤول عنها تكلّف “بالواسطة” ولا يملك الخبرة اللازمة”، كاشفاً أنّ “هذه الأجهزة لا تعمل منذ 5 سنوات ولم تخضع لأي صيانة فأصبحت بالية تماماً، علماً أنها لو كانت تعمل وقت اندلاع الحريق لأخمدته في بداياته لأنها مجهّزة بالرغوة المضادة للحرائق”.