في انتظار عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، يستمر الغموض حول إمكانية سير الأخير بتسوية انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية والحريري رئيساً للحكومة. غير أن أكثر من طرف يحمّل التنافس على رئاسة لحكومة داخل المستقبل، مسؤولية فشل التسوية حتى الآن
على الرغم من التشاؤم الذي يطبع التيار الوطني الحرّ والبلاد بشكل عام، حول استحالة الوصول إلى اتفاق على رئاسة الجمهورية بالشكل الذي يوصل رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إلى كرسي الرئاسة، ويعيد الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، بدا كلام النائب نوّاف الموسوي لافتاً أمس، مع تأكيده أنه «لم نعد بعيدين عن الحل السياسي الذي يخرج اللبنانيين من أزماتهم الدستورية».
واستند الموسوي في كلامه إلى أن «المسار الذي بدأه رئيس تيار المستقبل لا يزال قائماً (القبول بعون رئيساً)، وقوبل منا جميعاً في فريقنا السياسي، ولا سيما التيار الوطني الحر، واتخذنا تجاهه مواقف بينها سماحة الأمين العام لحزب الله (السيد حسن نصرالله)».
لكنّ الموسوي، حذّر ممّا سمّاه «فصول رواية الإخوة الأعداء، الذين يتقاتلون في تيار المستقبل على من يكون رئيساً للحكومة»، مشيراً إلى أن هذا الأمر هو «أحد أسباب عدم حسم الموقف (من قبل الحريري للسير بعون رئيساً للجمهورية)».
كلام الموسوي ردّته مصادر نيابية بارزة في قوى 8 آذار، إلى أنه «نستشعر أن ثمّة تحوّلات في الموقف السعودي لجهة الاستعجال لإيجاد تسوية في لبنان، وبالتالي القبول بعون رئيساً». وقالت المصادر إنه «في الفترة الأخيرة، لم يصل التواصل العوني ــ المستقبلي إلى تفاهم واضح، وتبيّن لاحقاً أن هذا الأمر تمّ من دون رضى سعودي، لكن المستقبل سمع كلاماً واضحاً حول مسألة رئاسة الحكومة من قبل حزب الله». إلا أن المصادر أثنت على ما قاله الموسوي، مؤكّدةً أن «التقاتل داخل تيار المستقبل بين أكثر من رأس، يمنع السير بعون رئيساً وبالتالي يعرقل وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة»، ولفتت إلى أن «الرئيس نبيه برّي على طاولة الحوار تحدّث إلى الرئيس فؤاد السنيورة أمام الجميع، مشيراً إلى أنه يحاول هو الوصول إلى رئاسة الحكومة وقطع الطريق على الحريري».
مصادر بارزة في التيار الوطني الحرّ قالت لـ«الأخبار» إن «أكثر من طرف في تيار المستقبل ينتظر عودة الحريري من إجازته إلى بيروت هذا الأسبوع، وما وصل إلينا، أن هؤلاء يتوقعون أن يكمل الحريري بالمسار الذي بدأه في آخر تواصل بين القنوات في المستقبل والتيار». إلّا أن المصادر لا تبالغ في التفاؤل، خصوصاً حول ما يتردّد عن «سوء علاقة الحريري بالسعودية»، وانتظار الحريري للإشارات السعودية، في وقت يزداد فيه «الجفاء» بين الطرفين أو «ارتفاع منسوب عدم الاكتراث السعودي للحريري ولبنان».
من جهتها، تؤكّد مصادر وسطية لـ«الأخبار» أنه «لم يطرأ أي تعديل على موقف الحريري أو السعودية»، لافتةً إلى أن «السعوديين منشغلون عن لبنان، والحريري ليس مقيّداً بموقف السعودية فحسب في ما خصّ موضوع الجنرال عون». وتؤكّد المصادر أن «الحريري يحتاج إلى الدعم السعودي طبعاً للسير بعون رئيساً، لكنه لن يسير بالتسوية وحده، إذا لم يجد أن كل القوى السياسية تدعمه في هذا الخيار، فضلاً عن تحضير شارعه لخطوة كهذه، وهذا عكس الواقع الآن». وتضيف المصادر أن «الاتصالات الأخيرة بين وسطاء الحريري وعون كانت هامشية، ولا يمكن أن تنتج تسوية». وتلمّح المصادر إلى أنه «فضلاً عن غياب الرضى أو الرفض السعودي لعون، لدى الحريري أزمة داخل التيار حول عون ولديه أزمة برّي والنائب سليمان فرنجية والنائب وليد جنبلاط، الذي وإن أعلن أنه يؤيّد عون لكسب الوقت وفضّ أي اشتباك مع الجنرال، لكنّه وقت الجدّ سيكون في الفريق الآخر».
هي إذاً أزمة مركّبة لدى فريق الحريري وتيار المستقبل، تمنع اللبنانيين من اقتناص فرصة التسوية الداخلية اللبنانية والوصول إلى ملء الشغور في رئاسة الجمهورية، في الوقت الذي تنشغل فيه الدول الكبرى والإقليمية بإدارة الحرب على الأرض السورية والعراقية واليمنية، وصولاً إلى… أوكرانيا!
أمنياً، أعلن الجيش اللبناني أمس قيام مواقعه في وادي حميّد في جرود بلدة عرسال المحتلة من قبل الجماعات الإرهابية، بإطلاق النيران على مسلحين حاولوا التسلّل من الجرود باتجاه البلدة، من دون إعلان تفاصيل أخرى.