كان من المتوقع ان تنعقد جلسة الحكومة أمس رغم غياب وزيري “التيار الوطني الحر” نظرا الى تصميم الرئيس تمّام سلام على انعقادها بعدما تلقى دعماً كبيراً من الرئيس نبيه بري الذي يعتبر التئام مجلس الوزراء أمراً أكثر من طبيعي، وخصوصا في مثل هذه المرحلة التي تمر بها البلاد.
وسيطر موضوع الميثاقية على الجلسة، ولا سيما من طرف الوزراء المسيحيين المشاركين الذين لا يلتقون بالطبع مع زملائهم المقاطعين، ما عدا الوزير ميشال فرعون الذي عمل على مراعاة الطرفين في الحضور ثم في الانسحاب.
وكان للوزير رشيد درباس مطالعة تميزت بصراحته المعهودة عندما ترحم في البداية على المرجعيات السنية الراحلة، بدءا من الرئيس رشيد كرامي. وخاطب الوزراء، بعدما استأذن سلام، بأنه وزميله محمد المشنوق لا يمثلان “درجة تمثيل أولى” لدى السنّة، ولا سيما في غياب الوزيرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي، في إشارة الى “تيار المستقبل”. وخلص الى القول، ممازحاً، إن الميثاقية السنية غير موجودة، وليسمح لي وزراء التكتل بالحجج والاعتراضات التي يقدمونها”.
ومن هنا تأمل جهات عدة في الحكومة عدم تكرار العونيين هذه التجربة في الجلسات المقبلة، وتتوقف عند مشاركة حليفهم “حزب الله” في الجلسة، ولو تغيب وزيراه لكان هناك كلام آخر. وترى أن ما فعله الحزب قبيل الجلسة كان من باب رفع العتب لا أكثر ولا أقل، وقد ساهم مع الآخرين في عدم إصدار قرارات كبيرة بحجم تعيينات إدارية أو سواها.
أما على ضفة بري، فيبدو انه مرتاح الى ما حصل، علما أنه ليس مسرورا بتغيب مكون عن أي جلسة في السرايا. وينطلق من مبدأ استمرار الحكومة التي تنتظرها جملة من الملفات والمواضيع تشغل المواطنين وحياتهم اليومية. وعندما كان يتناول هذه النقطة، حضر الى عين التينة وفد من المتطوعين في الدفاع المدني، فأجرى على الفور اتصالات سريعة للعمل على وقف اعتصاماتهم المتنقلة في المناطق ومباشرة متابعة ملفهم. ويبقى هذا الملف العالق في الحكومة عيّنة عن مواضيع لم تبت في مجلس الوزراء ولم تصل الى البرلمان بفعل الشلل الذي يلفه.
وكان من الملاحظ ان بري لا يريد تضخيم ما تواجهه الحكومة أخيرا، الا انه يوضح لـ”النهار”، ويطرح سؤالاً: “اخبروني ما هي الفائدة التي يمكن ان تُجنى من تعطيل الحكومة سوى وقف أعمال المواطنين وقضاياهم الحياتية اليومية التي لا تعالج بالشكل المطلوب بسبب الخلافات؟”. وفي هذا السياق، يعتبر الحكومة واستمرارها “القشرة الاخيرة” لوجه الدولة.
ولسان حال بري أنه ما دام يرفض الشغور في قيادة الجيش، فمن الاحرى الحفاظ على الحكومة لتستمر في تنفيذ الحد الادنى من المهمات المطلوبة منها والمسؤوليات الملقاة على عاتقها.
أما على خط العونيين، فيبدو أنهم يسيرون بخطة متدرجة ويخوضون معركة لا تقوم على المساومة ولا المقايضة، إلا إذا حققوا ثمناً سياسيأ كبيراً، من دون التقليل من أخطار فتح اشتباك سياسي مع “تيار المستقبل”، وان “حزب الله” سيبقى في موقع تجسير العلاقة بين “التيار الوطني الحر” والحكومة، وسيعمل في الايام المقبلة على التوفيق في السرايا، ولا سيما بعد إنجاز التمديد للعماد جان قهوجي على رأس المؤسسة العسكرية.
وفي موازة ذلك، يستغرب العونيون تقدم بري المدافعين عن الحكومة، ليأتيهم الرد من عين التينة: “هل من الاجدى اغراق الحكومة في داء الشلل ايضا؟”.
في أي حال، رسائل يوم أمس ستدرسها الرابية بعناية، بدءاً من مشاركة “حزب الله” وصولا الى حماسة بري الحكومية، مع ادراكها جيداً ان المفتاح الداخلي لرئاسة الجمهورية يبقى في جيب رئيس المجلس.