كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: “مصير الشعوب تقرّره أنابيب النفط”، هكذا اختصر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المشهد اللبناني القائم، بكل ما يختصره من بؤس اللبنانيين، وتحوّلهم إلى وقودٍ لصراع الآخرين على الأرض اللبنانية، الأمر الذي من شأنه تعقيد الأمور أكثر، وفي طليعتها طبعاً موضوع تشكيل الحكومة، ويضع حقيقة الأزمة في موضعها الطبيعي بعيداً عن تفاصيل الحقائب والأسماء التي لم تكن يوماً في لبنان هي السبب الرئيسي لولادة حكومة من عدمها.
فكل ما في البلد هو عبارة عن حفلة جنون كارثية. وبعد أسبوع من الاستعراض المسرحي السخيف على أوجاع الناس وإذلالهم على محطات المحروقات، والادّعاء برفض قرار حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، برفع الدعم جاء اجتماع بعبدا الطارئ أمس ليقبل برفع أسعار المحروقات في نصف رفع للدعم، وفق سعر صرف 8,000 ليرة للدولار بانتظار آخر أيلول، الموعد الأخير لرفع الدعم بشكلٍ كامل، وهذه المرة ستكون برعاية رسمية، على أمل أن تصدق الوعود بأن يتزامن القرار بوضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ في الأول من تشرين، وإنّ غداً لناظره قريب.
وأمّا الحديث عن قرب موعد تشكيل الحكومة فقد تراجع كثيراً، بحجة الخلاف على الوزراء والحقائب، وتشديد فريق العهد على الثلث المعطّل إن من خلال توزيع الحقائب، أو من خلال بعض الأسماء المطروحة للتوزير. وقد كشفت مصادر سياسية لجريدة “الأنباء” الإلكترونية عن بروز عراقيل جديدة أدّت إلى تأجيل اللقاء الذي كان مقرراً عقده بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي عصر الأول من أمس إلى الأسبوع المقبل.
ولفتت المصادر إلى دخول أكثر من سبب على خط التأخير في التأليف. وقد يكون الحديث عن الباخرة الإيرانية، التي أعلن عنها الأمين العام لحزب اللّه، السيّد حسن نصرالله، السبب في إعادة خلط الأوراق وتراجُع منسوب التفاؤل الذي تظهّر في اليومين الماضيين، وهو ما أدّى إلى تأجيل اللقاء الثالث عشر بين عون وميقاتي.
في هذا السياق، أشار عضو تكتل لبنان القوي النائب، ماريو عون، إلى أنّه “لم يطرأ ما يدعو إلى التفاؤل بقرب الانفراج الحكومي، ولم نعرف أين مكمن العقدة، ما يعني انّ الوضع “راوح مكانك”، والحلول على ما يبدو ليست في متناول اليد رغم الوضع المأساوي الذي نعيشه”، عازياً السبب إلى ما أسماه بالنكد السياسي القائم من جميع الجهات. وما حصل في الجلسة النيابية أثناء مداخلة رئيس التكتل، النائب جبران باسيل، وحديثه عن البنود الخمسة لإنقاذ لبنان من هذه الأزمة، ورد الرئيس نبيه بري عليه وكأن هناك شيء في نفس يعقوب، معتبراً أنّ هذا خير دليل على عمق الخلاف السياسي بين القوى السياسية كافة، ولذلك جاءت مقررات مجلس النواب بعيدة كل البعد عن النقاط الخمسة التي طرحها باسيل.
وقال عون في حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية: “إذا لم تكن هناك مساعٍ جدية لتشكيل الحكومة فلا مهرب من الانفجار الكبير. أما في حال نجحت مساعي التشكيل فمن الممكن الحصول على بعض المساعدات من قِبل البنك الدولي التي وعدنا بها، ما قد يبعث إلى الراحة النفسية في صفوف المواطنين”.
من جهةٍ أخرى، وتعليقاً على قرار اجتماع بعبدا بما يتعلّق بدعم المحروقات، سأل عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب أنيس نصار، عبر الأنباء الإلكترونية عن المال الذي سيُنفق على دعم المحروقات، ولو على سعر 8000 ليرة، قائلاً: “من أين سيأتي مصرف لبنان، بها، وهل ستكون من الاحتياط الإلزامي بعد أن رفض مجلس النواب إصدار قانون في هذا الشأن؟ وهل ما يجري أمرٌ قانوني؟”
وقال: “نحن نعرف أنّ عينهم على أموال الناس لإنقاذ سمعة العهد، فالذي أساء للعهد هو تيار العهد ولا أحد سواه. كفاهم ظلماً وتجنٍ على الناس الأبرياء”، متوقعاً إلّا يكفي مبلغ الـ15 مليار دولار، قيمة الاحتياط الإلزامي، حتى نهاية العهد، لأنّه بخلال شهر واحد تم إهدار 820 مليون دولار لدعم المحروقات والناس في الطوابير، مكرراً اتّهامه العهد وحكومة تصريف الأعمال بإعطاء الناس إبر “مورفين” حتى نهاية العهد.
نصّار سأل عن أسباب تأخّر اعتماد البطاقة التمويلية التي أقرّت من حوالي الشهر في مجلس النواب، كاشفاً أنّ من جملة الخلاف على تشكيل الحكومة تمسّك فريق العهد بوزارة الشؤون الاجتماعية، لأنّهم يريدون اعتماد البطاقة التمويلية بمثابة بطاقة انتخابية، مستبعداً تشكيل الحكومة، وحتى ولو شكّلت ستكون نسخة طبق الأصل عن حكومة حسان دياب.