كتبت صحيفة الجمهورية تقول: لاحظ مواكبون للاتصالات حول الشأن الحكومي، انّ الإيجابيات التي سادت امس الأول لم تصمد طويلاً، بل انخفض منسوبها أمس تحت وطأة التجاذبات المستمرة حول بعض الاسماء والحقائب. واشار هؤلاء الى انّ أزمة الثقة والخصومة الحادة بين بعض القوى السياسية المعنية بالتأليف، تتسببان في تحسس زائد وارتياب مبالغ فيه احياناً حيال هذا الاسم او ذاك، الأمر الذي يؤدي إلى إحاطة عملية التشكيل بضغوط وهواجس من أكثر من جهة داخلية.
واستبعد المواكبون للاتصالات عبور الأمتار الاخيرة وتشكيل الحكومة هذا الأسبوع كما كان يؤمل، الّا اذا حصلت مفاجأة سارة قبل نهايته، لافتين الى انّ الحسم سيؤجّل على ما يبدو حتى الأسبوع المقبل، استناداً الى المؤشرات الأخيرة. واستغربت مصادر قصر بعبدا ما رُوّج له في بعض وسائل الاعلام، من أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون يتمسك بعشرة وزراء، وغير ذلك من اجواء اعتبرتها كاذبة، وقالت لـ”الجمهورية: “لقد فوجئنا بتعديلات أجراها الرئيس المكلّف، وهي تعديلات شبه انقلابية، حيث عدّل في نحو 10 أسماء مسيحية ولم نعرف الاسباب التي أملت عليه ذلك”. واضافت: “انّ الرئيس عون ملتزم بكل ما تمّ الاتفاق عليه مع الرئيس ميقاتي”.
غداة اللقاء الحادي عشر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، لم ينعقد اللقاء الثاني عشر بينهما أمس، وشاعت اجواء سلبية ردّت اوساط معنية بالاستحقاق الحكومي اسبابها الى خلافات بين المعنيين حول اسماء وزراء العدل والداخلية والطاقة، والى اشتباه البعض بسعي البعض الآخر للاستحواذ على “ثلث وزاري معطّل” يتخفّى خلف اسماء مطروحة لتولّي هذه الوزارات الثلاث ووزارات اخرى غيرها.
وحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ البعض يعتبر انّ من اسباب التعثر إصرار ميقاتي على اسم اللواء مروان زين لوزارة الداخلية، الذي كان تمسك به الرئيس سعد الحريري ايام تكليفه تأليف الحكومة، فيما الأسماء المطروحة لوزارتي العدل والطاقة من الجانبين لم ترسُ على برّ بعد.
لكن مصادر أخرى مطلعة ذهبت الى أبعد من ذلك، بحيث ردّت الاسباب التي تعوق التأليف الحكومي، الى سعي فريق من السياسيين يعارض رئيس الجمهورية، لإحباط مهمة ميقاتي بغية إصطياد عصفورين بحجر واحد: إعاقة عهد عون لأنّه (في رأي هذا الفريق السياسي) يلفظ أنفاسه الاخيرة، وبالتالي لا يجوز مدّه بالاوكسيجين الذي تؤمّنه له حكومة ميقاتي في حال تأليفها. كما أنّ هذا الفريق يسعى لإفشال ميقاتي وعدم تمكينه من تأليف حكومته، لأنّه لا يريد له أن ينجح حيث فشل من سبقه. ذلك أنّ ميقاتي في حال نجاحه في تأليف الحكومة وتحقيق بعض الخطوات التي تلجم الانهيار وتدفع البلاد على سكة الاصلاح، فإنّه سيكتسب قوة دفع سياسية على المستوى الوطني وضمن بيئته، من شأنها ان تعبّد امامه الطريق لإقامة طويلة في السرايا الحكومية قد تمتد الى عهد رئيس الجمهورية المقبل.
موعد لم يكن محسوماً
والى ذلك، وإذ لم يُعقد اللقاء الثاني عشر بين عون وميقاتي امس، فإنّ كل الأجواء لم تكن قد حُسمت مثل هذا الموعد. وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّه عندما انتهى اللقاء بينهما اول امس، اتفقا على استكمال الاتصالات التي تعهّد بها كل منهما، على ان يتمّ التواصل بينهما بعد 24 ساعة. ولمّا لم تصل هذه المفاوضات الى نتيجة حاسمة تُرك الموعد الى الايام المقبلة، مع استبعاد ان ينعقد اللقاء اليوم الخميس، لتزامنه مع ذكرى عاشوراء. وربما تجاوز الموعد غداً الجمعة ايضاً إن لم تتقدّم الاتصالات في السرعة المطلوبة، لانشغال المسؤولين بجلسة المجلس النيابي التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري بعد الظهر، لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المجلس، في شأن قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان برفع الدعم عن المحروقات، قبل إطلاق البطاقة التموينية واتخاذ الإجراءات التي تحمي ذوي الدخل المحدود والمتوسط والفئات المهمشة.
العِقَد على حالها
وفي هذه الأجواء، قالت مصادر مواكبة للاتصالات لـ”الجمهورية”، ان لا شيء تغيّر منذ ان انتهى اللقاء الأخير بين عون وميقاتي، وبقيت العِقَد المتحكمة بأسماء وزراء العدل والداخلية والطاقة معلّقة الى أمد غير محدّد، كما بالنسبة الى حقيبة وزارة المال، بعدما انتهى الرئيسان من البت بعدد من الحقائب الأخرى لجهة توزيعها المذهبي وأسماء الاشخاص الذين ستُسند اليهم.
شقير موفداً
وعلمت “الجمهورية”، انّ عون أوفد أمس المدير العام للقصر الجمهوري الدكتور انطوان شقير الى ميقاتي، حاملاً رسالة مفصّلة تتصل بأسماء بديلة من تلك التي وقع الخلاف في شأنها، ومن بينها حقيبتا الداخلية والعدل، كذلك تضمنت الرسالة اسماء جديدة لحقيبتي الاقتصاد والطاقة، وهو ما لم يشكّل حلاً نهائياً كما استنتجت مراجع مراقبة.
مخاوف من ثلث معطّل ملغوم
وكشفت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ الملاحظات التي سلّمها شقير الى ميقاتي نسفت تشكيلة سابقة، واستنتج ميقاتي منها انّها ستؤدي الى توفير “ثلث معطّل”، لأنّه وبعد درس الأسماء المقترحة بدقة وخلفيات اختيارها قد يكون عون ضمن 10 وزراء من التشكيلة وليس 9 ليتجاوز ثلث التركيبة بوزيرين وليس بوزير واحد، وخصوصاً انّ حصة عون و”التيار الوطني الحر” فيها بقيت خارج حصة الوزير الدرزي الارسلاني ووزير الطاشناق.
وليلاً نفت مصادر مطلعة مقرّبة من قصر بعبدا عبر “الجمهورية”، ما تداولته وسائل اعلام من “سيناريوهات ومعلومات خاطئة ومضلّلة”، واكّدت “ان لا صحة لما سُرّب من انّ الرئيس عون طالب بعشرة وزراء. واكّدت ان لا تبديل في الحصة الرئاسية المتفق عليها من الأساس”.
واشارت الى “انّ الرئيس ميقاتي طرح اسماء لوزراء مسيحيين في حقائب من حصّة الرئيس عون، في الوقت الذي لم يسمِ عون اي اسم من حصّة الرئيس المكلّف”.
صمت ميقاتي
وتجدر الإشارة الى انّه الى جانب الصمت المطبق الذي تلتزمه اوساط ميقاتي لأسباب تتصل بالسرعة المطلوبة لتشكيل الحكومة، فقد تردّد انّ خلافه مع عون حول الاسماء المطروحة لبعض الحقائب، وفي مقدّمها وزارة العدل، سببه أنّ أصحابها من الحزبيين ومن اوساط “التيار الوطني الحر”، فيما هو يفضل ان يكون هذا الوزير تحديداً ومعه وزير الداخلية، من المستقلين، لتكون مهمة الإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة في عهدة حياديين غير حزبيين.
مواقف لنصرالله
والى ذلك، علمت “الجمهورية” انّ الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله سيعلن اليوم في خطاب له في ذكرى العاشر من محرم، جملة مواقف لافتة من القضايا المطروحة، من الاستحقاق الحكومي الى الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي وصولاً الى النفط الايراني والاوضاع العامة في لبنان والمنطقة والتهديدات الاسرائيلية.
وكان “حزب الله” قرّر عدم تنظيم مسيرة عاشورائية لهذه السنة، التزاماً بإجراءات السلامة العامة، على أن يقتصر إحياء ذكرى عاشوراء على مجلس عزاء مركزي يُقام في “باحة عاشوراء” في محلة الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت، مع مراعاة كافة الإجراءات الصحية من تباعد إجتماعي وإرتداء كمامات، على أن يُختتم بكلمة للسيد نصرالله.
الموقف الروسي
في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان لها، إنّ نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، التقى أمس مستشار رئيس الجمهورية اللبناني أمل أبو زيد. وخلال اللقاء، تبادل بوغدانوف، الذي يشغل أيضاً منصب الممثل الخاص للرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، مع ضيفه اللبناني “بنحو مفصّل وعميق وجهات النظر والآراء حول تطورات الوضع في الشرق الأوسط، مع التركيز على الوضع في لبنان. وتمّ التركيز خصوصاً على أهمية إنجاز تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، في أسرع وقت ممكن، من أجل التغلّب على الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية”. وقال البيان: “جدّد الجانب الروسي موقفه الثابت في دعم سيادة الجمهورية اللبنانية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، وحل كل القضايا المطروحة على جدول الأعمال الوطني للبنانيين أنفسهم من دون تدخّل خارجي.
وتمّ خلال اللقاء كذلك، بحث ومناقشة عدد من الجوانب الآنية، لزيادة تعزيز التعاون الروسي- اللبناني المتعدّد الوجوه، بما في ذلك إمكانية توفير الأدوية والمعدات الطبية من روسيا، والمساعدة في علاج ضحايا الانفجار في عكار بشمال لبنان”.