كتبت صحيفة النهار تقول: على كثير من الحذر والمناخات المشوشة والمربكة انحسرت امس أجواء التوتر الشديد التي واكبت التدهور الأمني في الجنوب خلال الأيام السابقة فيما بدا مستبعدا ان تتدهور الأمور في اتجاه مواجهة واسعة بين إسرائيل و” حزب الله ” بعد تبادل القصف المدفعي والصاروخي الجمعة الماضي . وعادت الى الواجهة غداة التصعيد جنوبا الازمات الحياتية والمعيشية الخانقة التي يعاني منها اللبنانيون وسط اقسى الظروف التي لم يشهدوا مثيلا لها حتى إبان حقبات الحروب فيما بدا من الصعوبة الكبيرة اطلاق التوقعات حول عملية تاليف الحكومة وما اذا كان كلام الإيجابيات الذي انتهت عليها لقاءات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيكون قابلا عمليا للترجمة القريبة ام ان مماحكات التاليف قد عادت الى سابق عهدها كما انتهت اليه قبيل اعتذار الرئيس سعد الحريري . وفي اعتقاد أوساط متابعة ووثيقة الصلة بالأجواء التي واكبت اللقاءات الستة بين عون وميقاتي ان أسبوعا او عشرة أيام على الأكثر ستكون فترة كافية بل وحاسمة لاستكشاف ما اذا كان قرار الحكم قد تغير مع ميقاتي وتاليا فان حلحلة العقد تغدو معقولة وواردة بما يفصح عن كلمة سر من شانها ان تطلق الحكومة الجديدة من أسرها . او ان تمضي الفترة ولا يسجل أي جديد إيجابي فعلا وتبقى عملية التأليف قيد الشروط والعقد والمطالب المتشددة وعندها سيكون التثبت من وجود توزيع إدوار لن يكون ممكنا اقناع احد بعدم وجوده بين العهد وحزب الله لدوافع تتقاطع عند تعطيل تاليف الحكومة الجديدة كما فعلوا مع سعد الحريري . ومع ان أي جديد معلن لم يبرز امس في الملف الحكومي فيبدو ان عدم الاتفاق بعد على موعد اللقاءالسادس بين الرئيسين عون وميقاتي لا يشكل مؤشرا عاجلا على تحرك استثنائي للسلطة وربما تتفاقم الأمور في اتجاهات اكثر سلبية .
وفي غضون ذلك وغداة تقديم لبنان شكوى الى مجلس الامن الدولي ضد اسرائيل مدينا القصف على اراضيه، حذرت تل ابيب من أن هجمات “حزب الله” عليها ستقود إلى “كارثة ودمار كبير” في لبنان. ووجه السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، جلعاد إردان، شكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، دان فيها بشدة إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية على إسرائيل. وقال إردان في الرسالة إن “إسرائيل تعتبر حكومة لبنان مسؤولة عن كل ما يحدث في أراضيها، وقد تؤدي هجمات “حزب الله” الإرهابية إلى كارثة ودمار كبير في لبنان”.وتابع إن “حزب الله” يحاول صرف الانتباه عن مسؤوليته عن انهيار البلاد. وعلى المجتمع الدولي أن يضمن عدم استغلال “حزب الله” لأي مساعدات تصل لبنان لأغراضه الإرهابية”، مؤكداً أن “الهجوم الإرهابي لـ “حزب الله” وعدم كفاءة الحكومة اللبنانية سيتسببان بكارثة كبيرة لكل لبنان. ولن تسمح إسرائيل بإلحاق الأضرار بمواطنيها، ولن تتردد في الرد وتدمير البنية التحتية لـ “حزب لله” المنتشرة في أنحاء لبنان والتي تهدد إسرائيل وموطنيها”.
كما دانت الولايات المتحدة، بأشد العبارات هجمات حزب الله على إسرائيل. وحضت وزارة الخارجية الأميركية، الحكومة اللبنانية على منع عناصر حزب الله من إطلاق صواريخ نحو إسرائيل، قائلة إن العنف يعرّض الإسرائيليين واللبنانيين للخطر، ويهدد استقرار لبنان وسيادته. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، “ندعو الحكومة اللبنانية بشكل عاجل إلى منع هجمات كهذه وبسط سيطرتها على هذه المنطقة”، وتسهيل مهمة قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل في جنوب لبنان، مضيفاً: “نشجع بشدة كل الجهود للحفاظ على الهدوء”،.وأكد برايس أن واشنطن على اتصال مع المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين ومع الجيش اللبناني
وفي المقابل اعتبر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في كلمة القاها لمناسبة حرب تموز 2006 “أن أهم إنجاز تاريخي استراتيجي للحزب هو توفير الردع مع العدو وتثبيت الطمأنينة للناس وأيضا الأمن والأمان خلال خمسة عشر عاما”. وأكد “أن أهم مسؤولية تقع على عاتق الجميع هي الحفاظ على انتصارات حرب تموز، لأنها أتت بتضحيات جسام، رابطا بينها وبين ما تم انجازه في انتصار سيف القدس”. وتوجه بالسؤال للناس: “لماذا اسرائيل لم تقم بشن غارات على لبنان خلال السنوات الماضية “. وأجاب: “انها بسبب المقاومة والخشية من حصول معركة معهم وتدحرجها الى حرب يخشى العدو نتائجها، وليس لاحترامهم القوانين الدولية أو لأخلاقياتهم التي تجعلهم يرتكبون المجازر”. وأعلن ان “العدو خائف على وجوده بسبب تصاعد المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرها، وبسبب الانقسامات في اوضاعه الداخلية”. وأبدى أسفه “لمساعدة بعض اللبنانيين لتحقيق العدو اهدافه لجهة سعيهم لاضعاف لبنان وقوته، متوقفا عند قلق العدو الوجودي من امتلاك المقاومة صواريخ دقيقة، كاشفا عن ان جميع اهداف غارات العدو الاسرائيلي في سوريا لم تتحقق”.
وتطرق الى ما حصل قبل ايام، واصفا إياه بالخطير جدا، وقال أن العدو شن غارات جوية على منطقة الشواكير قرب مخيم الرشيدية وفي الجرمق في منتصف الليل لإرعاب الناس، ظنا منه أن الغارات ستمر من دون رد وهذا يعني تغيير قواعد الاشتباك، ولذلك كان لا بد من أن نرد”. وأضاف: “لو تأخر ردنا على غاراتهم الجوية لكان بلا معنى، ولذلك قررنا أن يكون ردنا سريعا”، مبددا تحليلات من أسماهم ب”فلاسفة السياسة عندما أخضعوا ردنا لعوامل اقليمية ودولية، نافيا أن يكون للعامل الايراني أي دور”.
وقال ان ” ما قامت به إسرائيل من عدوان قبل أيام خطير جداً ولم يحصل خلال 15 عاماً وقررنا الرد فوراً ، أردنا بالفعل في الميدان أن أي غارة جوية لسلاح الجو الإسرائيلي سيتم الرد عليها حتما ولكن بشكل مناسب ومتناسب”
وقال مخاطبا إسرائيل “لا تراهن يا عدو على تشرذم بيئة “حزب الله” وكل المساحة اللبنانية ممنوع أن تتعرض لها بغارة جوية حتى في الأرض ، “تقصف بنقصف”. نحن لا نبحث عن حرب ولكننا جاهزون لها واكبر حماقة يرتكبها العدو عندما يقرر الحرب مع لبنان والرد ليس محصوراً في مزارع شبعا
ووصف الحادثة في شويا لانها ” كانت مشينة وخطيرة وشبابنا التزموا الصبر وهم ضمانة لبنان ومن اعتدوا عليهم هم من غير عالم وما حصل لم يكن شيئا بسيطا ولا عابرا وله دلالات خطيرة “.
على خط آخر، أطلقت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، خطة “الاستجابة للطوارئ” بقيمة 378.5 مليون دولار “لدعم الأشخاص الأكثر ضعفا” في لبنان. وبموجب بيان من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ستوفر هذه الخطة “الدعم الإنساني المنقذ للحياة لـ1.1 مليون من اللبنانيين الأكثر ضعفا والمهاجرين المتأثرين بالأزمة المستمرة”، مضيفا ان “لبنان يعاني حاليا من الانهيار الاقتصادي والمالي، ومن جائحة كورونا، فضلا عن الآثار الكارثية لانفجار مرفأ بيروت الذي وقع قبل عام وتأثير الأزمة السورية”. وعرّفت الخطة الأشخاص “الأكثر ضعفا” بأنهم فئات من اللبنانيين والمهاجرين المتضررين من الأزمة، حيث سيتم تقديم “المساعدة المباشرة للنساء والأطفال والرجال الذين هم بأمس الحاجة إلى مساعدتنا”.وتعتبر الخطة الجديدة مكملة لبرامج الأونروا ولخطة لبنان للإستجابة للأزمة السورية، بما فيها اللاجئين السوريين والفلسطينيين والمجتمعات المضيفة.وبحسب الأمم المتحدة، فإن “الخطة تم تطويرها لمدة 12 شهراً بقيادة منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان نجاة رشدي والفريق القطري للعمل الإنساني”.