كتبت صحيفة النهار تقول: لعل الذين راهنوا مجددا في الأيام الأخيرة على ان تحمل الحركة الديبلوماسية الاستثنائية التي قامت بها سفيرتا الولايات المتحدة وفرنسا في لبنان بالإضافة الى بعض التحركات والمواقف الداخلية معالم انفراج ما أعادوا النظر بسرعة في رهانهم امس وعادوا الى مربع التشاؤم . ذلك ان الهجوم المقذع الذي بادر به رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الرئيس المكلف سعد الحريري ذاهبا الى اتهامه وتحميله تبعة ما وصفه بذبح البلد لم يكن امرا عابرا اطلاقا بل متعمدا ومقصودا وهادفا الى إعادة تفجير المناخ السياسي والإعلامي مع الحريري وتيار المستقبل . ولا يحتاج المراقبون الى تدقيق كبير في مغازي هذا التفجير سواء كان باسيليا باسم التيار فقط او مشتركا باسم العهد وتياره لان التوقيت يكشف الأهداف باعتبار ان باسيل الذي كان بادر قبل يومين فقط الى اصطناع لهفته على الحريري والزعم ان التيار ال عوني سيكون الخاسر الأكبر من اعتذار الحريري انقض على كلامه وعلى الحريري سواء بسواء بعد اقل من 48 ساعة وأشعل جولة سجالات متفجرة مع “المستقبل” بدا انه كان يتعمدها . في التفسير الأكثر رجحانا لدى أوساط معنية واكبت هذه الجولة السجالية في الساعات الأخيرة ان فريق العهد والتيار الوطني الحر تعمد لدى بدء التحرك الديبلوماسي الثنائي الأميركي الفرنسي في اتجاه السعودية اظهار حسن النيات خشية منه من ان تدور الدوائر عليه بتحميله تبعات التعطيل كاملة كما تحسبا لجديد ما قد يحصل في الملف الحكومي . ولكن الهجوم السريع الذي حصل امس قد تقف وراءه خشية اكبر من معطيات تستبعد اقدام الرئيس الحريري على الاعتذار بل وتحدثت معلومات مساء امس عن امكان قيام الحريري بتقديم تشكيلة حكومية جديدة الى رئيس الجمهورية في الأسبوع المقبل كفرصة أخيرة . عند هذا المفترق كان الهجوم الحاد وسيلة واضحة لاعادة تفخيخ الأجواء بجولات سجالية يريد منه الفريق المصعد ان يظهر للخارج المعني بوضع لبنان استحالة التوافق بين العهد وفريقه والرئيس المكلف . فهل تكشف الأيام القليلة المقبلة معطيات إضافية تتصل بالملف الحكومي من شأنها ان تضيء عن ابعاد أخرى تقف وراء افتعال التصعيد من جانب فريق العهد وتياره ؟
بدأ التصعيد بهجوم كلامي حاد شنه النائب جبران باسيل على الرئيس الحريري قائلا “اذا أردنا أن ننتظر هوى الرئيس المكلف نكون نتفرّج على النحر اليومي للبنان أكان في موضوع الأدوية أو المحروقات أو غيرها ونحن نناشده منذ أن كُلّف بأن يؤلّف واليوم عناصر التأليف باتت متوافرة ونحن ذلّلنا كل عقبات التشكيل الداخلية وعلى حسابنا” . وقال ان “على الحريري تخطّي المشكلات الخارجية حتى نلاقيه ونحن لن نختار يوماً الخارج على حساب الداخل ولكن اذا كان كل ما قمنا به غير كاف بالنسبة اليه لتذليل المشكلة الخارجية و”مقرر يعتذر” فلماذا يقوم بذبح البلد ويسهم في نزيفه أكثر فأكثر؟ ومن أراد حرق العهد إنما حرق البلاد بأكملها”.
وسارع “تيار المستقبل” الى الرد على باسيل بعنف بالقول: “قد لا نكون في حاجة للرد او التعقيب على كلام جبران باسيل، لأن صهر العهد كفيل بتقديم أسوأ صورة عن العهد، ويتقن فن اهانة نفسه ورئاسة البلاد كلما نطق بتصريح يستهدف فيه الرئيس سعد الحريري … يتحدث باسيل عن النحر اليومي للبنان أكان في الادوية او المحروقات او غيرها، ويوجه تهمة النحر للرئيس الحريري، وتغيب عن عبقريته السياسية ان المسلخ الوطني مقره الرئيسي في بعبدا، وان رئيس البلاد هو مؤسس التيار الوطني الحر المعني الاول بمآسي اللبنانيين، وان ملائكة جبران في الحكومة يصولون ويجولون في كافة الوزارات، وان وزارة المحروقات أحرقت سنسفيل البلاد منذ تربعه هو شخصياً على عرشها، وان مجلس الدفاع الاعلى الذي يقوده رئيس الجمهورية، هو القائم مقام مجلس الوزراء في ادارة شؤون البلاد واهانة العباد، وهو الذي يصدر الاوامر، خلافاً للقانون والدستور، الى اصحاب الاختصاص في الصحة والاشغال والكهرباء والمولدات ومستوردي المحروقات، وهو الذي يراقب بعيون القصر، ارتال التهريب على الحدود وعلى عينك يا تاجر. فمن اين لجبران باسيل هذا التجرؤ على الحقيقة عندما يقول انه ذلل كل عقبات التأليف، فيما القاصي والداني من اصحاب المبادرات يشيرون اليه باصابع الاتهام بالتعطيل من الداخل والخارج. مسكين جبران باسيل. وقع الشاب ضحية لسانه، واوقع معه العهد القوي في مستنقع لا نجاة منه.المهم ان نحمي البلد من ان يغرق في مستنقع الشالوحي، ومن الذبح على الطريقة العونية … وان يكون انفجار مرفأ بيروت آخر ضحايا العهد العظيم.”
بدورها انضمت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد إجتماعها برئاسة باسيل الى الهجوم فاعتبرت انه “ليس أمراً عادياً ولا طبيعياً أن يصبح تشكيل الحكومة في لبنان موضوع بحث متنقل بين العواصم فيما المعني الأول يتجاهل واجبه الدستوري على الرغم من مرور ما يقارب تسعة أشهر على تكليفه. وإذا كان الوقت المُستنزف لا يكفي لهزّ الضمير، ألا يهزّ الضمير مشهد الناس الخائفين على حياتهم، الواقفين بغضب وقهر أمام المحطات بحثاً عن الوقود والصيدليات وعن الدواء المفقود؟ إن الهيئة السياسية التي تعتبر تشكيل الحكومة شأناً سيادياً، تتوقف عند قيام السفراء المعتمدين في لبنان بزيارات الى الخارج للمساعدة على تأليف الحكومة وإخراج لبنان من أزمته المالية، وتسأل الهيئة الذين أصرّوا طويلاً على إنكار البُعد الخارجي في عرقلة التشكيل، ماذا يقولون اليوم وقد سقطت كل الإفتراءات التي حمّلت زوراً وعلى مدى أشهر رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر مسؤولية العرقلة؟ وعلى الرغم من ذلك فإن التيار يدعو رئيس الحكومة المكلّف الى أن يحسم أمره سريعاً رأفة باللبنانيين ويقوم بتشكيل الحكومة، بعدما ذلّلت كل العقبات الداخلية من أمام تشكيلها”.
وسط هذه الاجراء نفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، مسيرات سيارة انطلاقا من ساحة الشهداء، وصولا إلى أمام مجلس النواب ثم وزارة الداخلية كما تجمعوا امام منزل النائب والوزير الأسبق نهاد المشنوق، في قريطم . وكان ختام المسيرات امام منزل وزير الداخلية محمد فهمي في قريطم حيث اصر المعتصمون على مطالبته بالخروج للاستماع اليهم وأحضرت تعزيرات امنية الى محيط منزل فهمي الذي طلب من المعتصمين ان يدخلوا الى منزله فاوفدوا وفدا عنهم الى داخل المنزل حيث استقبلهم فهمي واستمع الى مطالبهم . ولكن الوفد اعلن بعد اللقاء انه رفض طلب فهمي العودة الى لقاء اخر الاثنين لأننا شعرنا ان الامر لن يتغير وسنستمر في التصعيد.
وكان المتحدث باسم أهالي الضحايا ابراهيم حطيط، اعلن أنهم حضروا أنفسهم “لمعركة مع الهيئة العامة، وقلنا لهم بالأمس من لا يصوت معنا سنعتبره عدواً لقضيتنا وشريكا في الجريمة”. وتابع، “هم بالأمس كذبوا علينا. رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر مستشاره، كذب علينا، وما حدث معيب جدا”. وأكد أنهم لن يجلسوا في بيوتهم بعد اليوم، “ولا يمكننا الصبر بعد، وسنكون موجودين في الشارع بأي مكان وبأي زمان”. أضاف: أمس اظهروا وجوههم المجرمة ومتأكدون ان القاضي بيطار “بكّلن ياها” تماما لذلك بدوا بالامس مربكين. وأضاف أن “تحركاتهم أضحت يومية، وألا سقف لها وهي ستكون تصاعدية، وان دماء شهدائهم لن تذهب هدرا”، منتقدين “ما حصل في مجلس النواب في موضوع رفع الحصانة”.