اشارت صحيفة “صدى الوطن” الاميركية الناطقة باللغة العربية، الى انه في السياسة، كما في الحياة، عندما يعتبر الآخرون أن وقوفك الى جانبهم أمرٌ مفروغ منه، فسوف لا يتورّعون عن إبداء عدم اهتمامهم بك، أو ربما الإساءة إليك إذا ما اقتضت مصالحهم ذلك. ومن هذا المنطلق، على مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون أن لا تفترض أن تصويت العرب الأميركيين لصالحها في انتخابات الرئاسة الأميركية أمر مضمون، لمجرد أن خصمها -بكل بساطة- هو دونالد ترامب.
واشارت صحيفة العرب الاميركيين، الى إن المضايقات التي يتعرض لها العرب والمسلمون الأميركيون في المطارات والمنافذ الحدودية وعبر قائمتي “مراقبة الإرهاب” و”حظر الطيران” والمراقبة الإلكترونية الجماعية والتمييز من قبل الدوائر المحلية والفدرالية وجرائم الكراهية وغيرها، جميعها تعكس الأزمة التي يواجهها العرب والمسلمون في الولايات المتحدة. لقد بات واضحاً أنهم يعانون من مشاكل شبه حصرية في المجتمع الأميركي، وإذا كان مرشّحا الرئاسة، كلينتون وترامب، يرغبان بكسب أصوات العرب والمسلمين، فعليهما التحدث حول هذه المشاكل والإفصاح عن رؤيتهما لحلها، تماماً كما فعل المرشح بيرني ساندرز الذي فاز بأصوات العرب والمسلمين في ميشيغن، مما مكنه -حينها- من التفوق على كلينتون وإكمال السباق الديمقراطي وكذلك منحه فرصة إضافية للتعبير عن رؤيته السياسية والاقتصادية لمستقبل البلاد.
وتابعت الصحيفة الاميركية في افتتاحيتها، “بينما في المقابل، نرى أن كلينتون تستمر بتجاهل مجتمعنا مكتفية بإدانات شفهية لتنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في سياق المعركة الانتخابية ضد ترامب، وقد بات واضحاً للجميع، أن تلك التصريحات المجامِلة لا تفيد بشيء، وأننا بحاجة ماسة إلى تغيير عميق في النهج السياسي والأمني لتحقيق العدالة والمساواة وضمان حرية وحقوق جميع المواطنين على قدم المساواة. وكانت بادرة لطيفة أن تتم دعوة همايون خان، والد الضابط المسلم الأميركي الذي قتل في العراق، للحديث خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي، فقد ساهم ظهوره في “أنسنة” المسلمين الأميركيين الذين لا يبخلون بتقديم التضحيات من أجل بلدهم، ولكن ذلك يجب أن لا يساهم في تخديرنا وهدهدة مشاعرنا، فمن المعروف أن دعوة العائلة المسلمة جاءت أيضاً في سياق سباق انتخابي محموم، وقد تم توظيفها من قبل حملة كلينتون الى أقصى الحدود ضد ترامب الذي دُفع الى خوض سجال مع هذه العائلة المعطاءة، مما انعكس عليه سلباً في استطلاعات الرأي”.
واوضحت انه رغم التعاطف غير المسبوق الذي حصل عليه المسلمون في أميركا خلال السباق الانتخابي، علينا أن لا نخدع أنفسنا بالمظاهر والشكليات والشعارات الانتخابية، بل علينا أن ندرك أن عائلة خان تشاركت منبر الحزب الديمقراطي مع آخرين يكنون مشاعر التمييز والعداء ضد المسلمين، ومن بينهم رئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبيرغ الذي كانت شرطة مدينته ترسل مخبرين متخفين للتجسس على المجتمعات الإسلامية حصراً في المدينة وضواحيها. الخميس الماضي، أطلت كلينتون من مدينة وورن المحاذية لمدينة ستيرلنغ هايتس التي منعت بلديتها إنشاء مسجد فيها بناءً على مبررات واهية، فيما لم تتطرق رئيسة الخارجية السابقة لأي من المشاكل التي تقض مضاجعنا وتنغص حياتنا، في وطننا الجديد. وتغريدة على تويتر بـ”رمضان كريم” لا تعني أن كلينتون مهتمة حقاً بالمسلمين ومشاكلهم، فكتابة عبارة كهذه، لا تستغرق من وقتها الثمين أكثر من بضع ثوانٍ.
واشارت الصحيفة الى انه فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، فإننا ندرك أنه من الصعب علينا أن نطالب المرشحين الرئاسيين بالأخذ بعين الاعتبار تطلعات العرب للسلام في بلدانهم، لاسيما وأن العرب أنفسهم منقسمون حول المشاكل التي تعصف في الشرق الأوسط. لكننا نجمع على أن قضية الشعب الفلسطيني وصراعه المرير مع الاحتلال الاسرائيلي هي قضية حق لطالما طالبنا الإدارات الأميركية المتعاقبة بإيجاد الحلول المناسبة لها لكن دون جدوى، فرأينا الرئيس تلو الآخر يقف بكل انحياز الى جانب الكيان الغاصب.. أما كلينتون فلا تبشرنا بعكس ذلك على الإطلاق، بل تصر على أنها ستكون إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين أنفسهم. إننا نفهم أن لدى سياسيي واشنطن هامش ضيق عندما يتعلق الأمر بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل، واننا في الوقت ذاته نفهم أن الاعتراف بالحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني ودعم التوجهات الأميركية المعارضة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية ليست بالمهمة السهلة، لكن كلينتون -كمرشحة رئاسية ووزيرة خارجية سابقة- تجاهر بتأييد شرس للدولة الصهيونية حتى ولو كان ذلك الدعم على حساب مصالح الشعب الأميركي. وفي اجتماع لأحد لجان الحزب الديمقراطي لكتابة البرنامج السياسي للحزب، أصرّ مندوبوها على منع أنصار ساندرز من إدخال اقتراح يحث على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. هو الولاء لإسرائيل الذي تؤكده كلينتون عند كل منعطف.
في المقابل إن السياسات الجمهورية الكارثية خلال الـ15 سنة الماضية لاسيما في تحييد وتجاهل العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، قد تجعل من مهمة الديمقراطيين وكلينتون في الحصول على الصوت العربي والمسلم أمراً مفروغاً منه لاسيما مع بروز خطاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يتهمه البعض بمعاداة الأقليات والمسلمين تحديداً، حتى أن بنيامين نتنياهو نفسه شجب مواقفه وأعلن عن تعاطفه مع المسلمين الأميركيين في الخريف الماضي. وفي الواقع علينا أن لا نندفع بحماسة إلى معسكر كلينتون، التي يجب ألا يكون دعمنا لها بلا مقابل سياسي. فإن التصويت الأعمى للديمقراطيين لا يعني فقط وضع كل البيض في سلة واحدة، بل التنازل عن البيض كله مجاناً.
واكد الصحيفة الاميركية الناطقة باللغة العربية انه لا يمكن لكلينتون الاعتماد على ترامب فقط لنيل تأييد جالياتنا في ميشيغن وعموم الولايات المتحدة، فهناك مرشحون مستقلون من ضمنهم الدكتورة جيل ساين، مرشحة حزب الخضر، من الممكن لهم أن يستقطبوا الصوت العربي.
وختمت صحيفة “صدى الوطن” بالتوجه الى لكلينتون بالقول: لا تعتبري أصوات العرب والمسلمين في “جيبك”.