لم تهدأ بعد «العاصفة الدبلوماسية» الناجمة عن التصريحات «غير اللائقة» والتي تخرج على آداب «التخاطب الدبلوماسي»، لا سيما بين الأشقاء أو الأصدقاء، والتي اعترف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، بوقوعه في الخطأ بالتفوه بها، مع إصرار خليجي وعربي على ان تبدأ المعالجة للأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين لبنان ودول مجلس التعاون بزيارة يقوم بها وهبة إلى السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في منزله، ويقدم اعتذاره خطياً ورسمياً من دول المجلس، كمقدمة للمعالجة.. قبل ان ترفع دول المجلس هذه الأزمة إلى مجلس جامعة الدول العربية، والاعتذار الرسمي خطوة ضرورية بسبب الإهانات غير المقبولة.
وكانت تصريحات وهبة احدثت أزمة جديدة في العلاقات مع دول الخليج العربي، بعد أزمة تهريب المخدرات في شاحنة الرمان المصدرة إلى المملكة، وبقيت في واجهة الاهتمام، على الرغم من تنصل رئيس الجمهورية من تصريحات «الوزير وهبة»، معتبراً انها تعبر عن «رأيه الشخصي» ولا تعبر عن موقف الرئيس ميشال عون ولا الدولة اللبنانية، لجهة رفض «ما يُسيء إلى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج خصوصاً»، ومسارعة الرئيس المكلف سعد الحريري ليل أمس الأوّل إلى وصف كلام وهبة بأنه «لا يمت للعمل الدبلوماسي بصلة»، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد، وتسببت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح أبنائه في البلدان العربية.
وبعد بيان اول توضيحي أصدر وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه بياناً ثانيا ضمنه اعتذارا عما صدر منه وقال فيه: «يهمني التأكيد، مرة جديدة أن بعض العبارات غير المناسبة، التي صدرت عني في معرض الإنفعال رفضا للإساءات غير المقبولة الموجهة إلى فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون، هي من النوع الذي لا اتردد في الإعتذار عنه».
وأضاف: «كما ان القصد لم يكن لا أمس ولاقبله ولا بعده، الإساءة إلى اي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة التي لم تتوقف جهودي لتحسين وتطوير العلاقات معها، لما فيه الخير والمصلحة المشتركين، ودوما على قاعدة الإحترام المتبادل».
إلى ذلك، أكدت معلومات موثوقة ان الوزير وهبة سيدور اليوم السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، حيث سيعلن تنحيه عن ممارسة مهامه الوزارية.
وفيما يُخشى ان تتخذ المملكة إجراءات اخرى بحق لبنان ومواطنيه المقيمين فيها، نددت الخارجية السعودية بشدة، بتصريحات وزير الخارجية اللبناني المسيئة للمملكة ودول الخليج.وقالت الخارجية السعودية في بيان:إشارة إلى التصريحات المسيئة لوزير خارجية الجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية، والتي تطاول فيها على المملكة وشعبها، فإن وزارة الخارجية إذ تعرب عن تنديدها واستنكارها الشديدين لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات مشينة تجاه المملكة وشعبها ودول مجلس التعاون الخليجية الشقيقة، لتؤكد مجدداً على أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين.
اضافت: ونظراً لما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين فقد استدعت الوزارة سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفض المملكة واستنكارها للإساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص».
واوضحت مصادر رسمية لـ«اللواء» ان السفير فوزي كبارة تسلم الرسالة بطريقة دبلوماسية هادئة ومن دون اي موقف متوتر، وتبلغ ضرورة ان يتخذ لبنان الاجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه المواقف المسيئة للمملكة ولدول الخليج.
وذكرت وكالة الانباء الكويتية «كونا» أن الكويت تستنكر وتستهجن «الإساءات البالغة» الواردة في مقابلة وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية، واستدعت القائم بأعمال السفارة اللبنانية وسلمته مذكرة إحتجاج رسمية.
كذلك استدعت البحرين سفير لبنان وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات وزير الخارجية شربل وهبة المسيئة للسعودية ودول الخليج.
وأعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات عن استنكارها واستهجانها الشديدين إزاء التصريحات المشينة والعنصرية التي أدلى بها وهبة، والتي أساءت إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول مجلس التعاون الخليجي.
واستدعت الوزارة امس، سفير الجمهورية اللبنانية لدى الإمارات وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تستنكر فيها هذه التصريحات، مؤكدة أنها تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية التي تجمع لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، وفق وكالة الأنباء الإماراتية (حسب ما ذكرت وكالة وام).
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، نايف فلاح مبارك الحجرف، عن رفضه واستنكاره لما تضمنته تصريحات وهبة، وما فيها من إساءات مشينة بحق دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها وكذلك الإساءة بحق المملكة العربية السعودية.
وأكد الحجرف الثلاثاء على «المواقف الثابتة والراسخة التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي لدعم الشعب اللبناني الشقيق، تلك المواقف والتي يشهد التاريخ لها والتي تهدف إلى سلامة لبنان ودعم استقراره وأمنه»، مشدداً على أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين دول المجلس ولبنان، وفق وكالة الأنباء السعودية «واس».
كما طالب وهبة بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق.
ويستقبل السفير بخاري المتضامنين مع المملكة اليوم، من رؤساء كتل نيابية ونواب ورؤساء أحزاب وشخصيات سياسية ووطنية واعلامية واقتصادية، فضلاً عن الجمعيات والهيئات الشعبية.
واستنكرت رابطة لبنان لرجال الأعمال في دولة قطر ما صدر عن وهبة، من افتراءات وادعاءات «بحق أهلنا واخوتنا في الخليج العربي»، معتبرة كلامه كأنه لم يكن كونه صدر عن شخص غير ذي صفة ولا يمثل أحداً.
ويعقد مجلس التنفيذيين اللبنانيين مؤتمراً صحافياً حول التطورات الاخيرة المتعلقة بكلام الوزير شربل وهبه، بعد غد الجمعة الواقع الساعة الثانية عشر ظهرًا في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان.
ونظمت جمعية «لي بيروت» وقفة تضامنية أمام السفارة السعودية، شارك فيها عدد من المواطنين، مطالبين وزير الخارجية بتقديم إعتذار إلى السعودية، مشددين على عمق العلاقات اللبنانية- السعودية.
وترددت معلومات عن اتجاه لدى وهبة للتخلي عن مهامه في الخارجية وملازمة منزله.
وتفاعل الموقف داخل نواب محسوبين على التيار الوطني الحر، فغرد النائب الياس أبو صعب: انتظرت اليوم ان اسمع اعتذاراً مباشراً من الوزير وهبة للكلام المهين بحق لبنان قبل الدول العربية الصديقة، ولأن حجم خطيئته كبير بحق لبنان أولاً واقل ما عليه القيام به هو التنحي.
رسالة عون مشكلة إضافية
وقبل ان تهدأ عاصفة «الازمة الدبلوماسية» وتأخذ طريقها إلى المعالجة، دفع الرئيس عون بمشكلة جديدة إلى الواجهة، عبر توجيه رسالة عبر الرئيس نبيه برّي إلى مجلس النواب «لاتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب بشأنها».
وبانتظار القرار في ما خص الرسالة، ذكرت محطة «N.B.N» في نشرتها المسائية «أن هناك من قرأ في متن الرسالة عملية ضرب لاتفاق الطائف، وسيعيد لبنان إلى الوراء، ولن تؤدي إلى نتيجة، لا سيما وان الحل ليس بمثل هكذا رسائل، بل بالمسارعة إلى تشكيل حكومة لإنقاذ البلد من الغرق»..
وسارع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى وصف الرسالة الرئاسية بأنها «إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب إلى الامام، والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي»، وللحديث صلة في البرلمان..
ووفقاً لمصادر مراقبة، فإن الرئيس الحريري سيشارك مع كتلته في الجلسة التي سيدعو إليها الرئيس برّي.
وعلمت «اللواء» ان دوائر المجلس لم تتسلم حتى مساء أمس نسخة عن هذه الرسالة، وأوضحت مصادر برلمانية انه وفق النظام الداخلي انه عند توجيه رئيس الجمهورية رسالة مباشرة يُبادر رئيس المجلس إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية، وبعد استماع المجلس إلى رسالة رئيس الجمهورية يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ المواقف أو الاجراء أو القرار المناسب.
اما إذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس، فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب، وذلك وفقاً للمادة 145.
ووصفت مصادر نيابية رسالة الرئيس عون إلى المجلس النيابي بانها لزوم مالايلزم لانها لن تؤدي إلى تحقيق الغاية التي ارسلت من أجلها لاخراج ازمة تشكيل الحكومة من دوامة الجمود، بل ستؤدي بما تضمنته من مغالطات وتجاوزات دستورية وقلب للوقائع والتفافات وافخاخ لتعديل دستوري لاطاحة صلاحية رئيس الحكومة المكلف لصالح رئيس الجمهورية إلى تسعير الخلاف السياسي وزيادة التعقيدات حول تشكيل الحكومة الجديدة. وتوقعت المصادر ان يحصد رئيس الجمهورية مزيدا من العزلة والخيبة لان معظم الكتل النيابية لن تتجاوب مع مضمون رسالته، بل سترفضها لانها تخالف الدستور وستشكل مناسبة لشن حملة من الانتقادات الحادة ضد ممارسات واسلوب رئيس الجمهورية في ادارة الحكم وما اوصل اليه البلد من ازمات تهدد وجوده.
وليلاً، علقت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية، لـ«اللواء» تعليقا على الإجراء المتوقع بعد الرسالة «أنه متروك لتقدير المجلس النيابي».
لكن أوساط مراقبة لاحظت أن رسالة رئيس الجمهورية كانت فكرة تدرس ولدى انسداد الافق الحكومي قام بالاجراء الدستوري المتاح له تاركا الكرة في ملعب المجلس.
وأوضحت أن مصيرها يقرره المجلس.وافادت أن الدستور في المقابل واضح بنصوصه حول التكليف ومقتضياته وبالتالي أي قرار يعود إلى الرئيس المكلف وحده.
ورأت أنه يفترض ان تشكل الرسالة محور أخذ ورد في الأيام المقبلة.
رسالة عون
وفي الرسالة وهي الثانية من نوعها منذ بدء ولايته، التي وجهها عون إلى مجلس النواب، عبر الرئيس نبيه برّي، رأى فيها ان «أسباب التأخير في استيلاد السلطة الإجرائية لا يجوز أن تبقى موضع التكهن أو الالتباس أو الاجتهاد، داخلية كانت أم خارجية، كما أنها لا يجوز أن تأسر التأليف إلى أفق زمني غير محدد فتؤبد التصريف، لا سيما أن الحكومة المنتظرة إنما هي حكومة إنقاذ لبنان من أزماته الخانقة المذكورة، وأن تأليف الحكومة هو عمل دستوري وجوبي وليس من قبيل الاستنساب والترف، فضلا عن أن الأعراف الدستورية إنما ينشأ جلها في سياق استحقاقات دستورية محورية ومفصلية، بحيث يجب على رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور السهر على أن لا تنشأ أعراف دستورية خاطئة عند إنشاء السلطات الدستورية».
أصبح من الثابت أنّ الرئيس المكلّف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبيّة والصناديق الدوليّة والدول المانحة، لوضع برامج المساعدات التي من شأنها إنقاذ الوطن النازف دماً غالياً على جميع الصعد، ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبّده كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معاً رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلاً كلّ مهلة معقولة للتأليف، وفي زمن أحوج ما نكون فيه إلى حكومة إنقاذ من دون أيّ إبطاء متعمّد.
وبعدما اكد الرئيس عون في رسالته على انه مؤتمن، بصفته رئيسا للجمهورية، «ليس فقط على احترام المبادئ أعلاه في آلية تأليف الحكومات، بل أيضا على ضرورة تأمين الثقة لها في مجلس النواب، كي لا تنتقل البلاد والعباد من حكومة تصريف أعمال إلى حكومة تصريف أعمال أخرى»، قال: ان الرئيس المكلف «يصر حتى تاريخه على عدم التقدم بتشكيلة حكومية تحظى باتفاقنا وتتوافر معها الثقة المطلوبة من مجلس النواب وفق النص الدستوري، فضلا عن انقطاعه عن إجراء الاستشارات النيابية اللازمة مع مختلف الكتل النيابية (…) والأدهى أنه منقطع عن التشاور المستمر والواجب مع رئيس الجمهورية للاتفاق على تشكيلة حكومية تتوافر فيها ثقة مجلس النواب واللبنانيين والمجتمع الدولي».
وطلب الرئيس عون مناقشة رسالته في الهيئة العامة للمجلس النيابي وفق الأصول «واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها لمنفعة الشعب الذي يئن ألما وهو ينتظر حكومته الجديدة التي طال انتظارها، الأمر المتاح فيما لو تخلى السيد رئيس الحكومة المكلف عن مقولة أنه هو من «يشكل» الحكومة على أن «يصدر» رئيس الجمهورية المرسوم، في حين أن المادة 53 الفقرة 4 من الدستور صريحة لناحية «الاتفاق» قبل إصدار مرسوم تشكيل الحكومة، وأن تسلسل الفقرات 2 و 3 و 4 و 5 من المادة المذكورة وصراحة نصوصها إنما يدلان على أن الدستور، نتيجة التعديلات التي أدخلت عليه بعد إقرار وثيقة الوفاق الوطني من مجلسكم الكريم، يولي رئيس الجمهورية اختصاصا صريحا في معرض استيلاد الحكومات وإنشائها بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف، فتغدو صلاحيته غير مقيدة ولا يكون مجرد موثق لتشكيلة رئيس الحكومة المكلف، وإلا انتفت المشاركة واندثر الاتفاق ولم تتحقق ميثاقية التشكيل ودستوريته».
536556 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي 600 إصابة جديدة بفايروس كورونا و10 حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 536556 مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.