لم يكن ينقص مسار العلاقات المتوتّرة بين لبنان ودول الخليج سوى “شعرة” موقف وزير الخارجية شربل وهبة لتقصم ظهر البعير. فعوض ان يطل رئيس الدبلوماسية اللبنانية بكلام منمّق مختار بدقة، يرطب الاجواء بعد ازمة ”الرمّان وكبتاغونه” التي حرمت لبنان نعمة تصدير منتجاته الزراعية الى المملكة العربية السعودية، في لحظة هو في أمسّ الحاجة اليه، اطلق، عن انفعال بعدما استُدرج على الارجح، ( والانفعال ليس من صفات الديبلوماسيين) ما يمكن وصفه بغير المناسب في زمانه ومكانه في حق دول وقفت الى جانب لبنان في السراء والضراء وشكلت الشريان الحيوي لانعاشه على مدى عقود، فكان ان سدد الضربة القاضية لهذه العلاقات، بحيث لم تنفع كل بيانات الاستنكار ولا سلسلة التوضيحات التي صدرت من رئاستي الجمهورية والحكومة ومن الوزير وهبة تكررا، في سحب فتيل الغضب الخليجي الذي لم ينطفئ بعد جراء الاساءات المتكررة والمتتالية من مكونات لبنانية حزبية ورسمية، فترجم استدعاء وزارة الخارجية السعودية لسفير لبنان في المملكة فوزي كبارة وتحميله مذكرة احتجاج رسمية، معتبرة ان التصريحات المسيئة هي تطاول على المملكة وشعبها. على امل ان تتوقف ردة الفعل عند هذا الحدّ، وتنجح الاتصالات التي اجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع اكثر من طرف معني بالموضوع مؤكدا حرصه على افضل العلاقات مع دول الخليج العربي واعتباره ما صدر عن وزير خارجية لبنان مجرد خطأ.
موقف سعودي
موقف وهبة الذي اطلقه اول امس وأساء فيه الى السعودية والدول الخليجية من دون ان يسمّيها، استحوذ على الاهتمام الشعبي والسياسي الداخلي امس، وسط مخاوف شديدة من اي يصب الزيت على نار العلاقات اللبنانية – السعودية الملتهبة اصلا … وافادت مصادر قريبة من القصر الجمهوري ان رئيس الجمهورية لم يكتف بالبيان الذي اصدرته الرئاسة انما اكد للمعنيين بالموضوع ان الخطأ الذي صدر عن الوزير انما هو نتيجة ردة فعل على اهانة وجهت الى رئيس البلاد، وهو صحيح تجاوز الحدّ غير ان لا نية له بتعكير العلاقات مع دول نكنّ لها كل الاحترام والمودّة ونعوّل على الوعي والحكمة لدى القيادات بأنها لن تسمح بمضاعفات للحادثة من شأنها ان تؤذي اللبنانيين والخليجيين وتجعل جهات كثيرة تصطاد في الماء العكر.
الرئاسة تتبرّأ
وكانت رئاسة الجمهورية سارعت الى التبرّؤ من كلام وزير الخارجية واعتبرت في بيان “ان ما صدر عن وهبة من مواقف يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون”. وأكدت الرئاسة ”عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة وحرصها على استمرار هذه العلاقات وتعزيزها في المجالات كافة، وحرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على رفض ما يسيء الى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج خصوصاً”.
وهبه يوضح
من جانبه، أدلى وهبة بتصريح وزّعه على الاعلام قال فيه ” يهمني التأكيد، مرة جديدة ،أن بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت عني في معرض الإنفعال رفضا للإساءات غير المقبولة الموجهة إلى فخامة رئيس، الجمهورية، هي من النوع الذي لا اتردد في الإعتذار عنه.
مجلس التعاون الخليجي:
لاعتذار وهبة رسمياً
طالب مجلس التعاون الخليجي وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، بتقديم اعتذار رسمي لدول الخليج.
واعتبر في بيان، امس، أن “تصريحات وزير الخارجية اللبناني تتنافى مع أبسط الأعراف الديبلوماسية”.
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف، عن رفضه لتصريحات وزير الخارجية اللبناني المشينة.
رسالة عون
سياسيا، خرقت الجمود الحكومي، رسالة وجهها الرئيس عون الى الأمانة العامة لمجلس النواب ، تطرح مسألة الوقت المُتاح أمام رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لتشكيل الحكومة. ويفترض برئيس مجلس النواب، نبيه بري،بحسب الدستور، أن يدعو إلى جلسة عامة لمناقشة الرسالة.
اوساط بعبدا اكدت ان رئيس الجمهورية وجه الرسالة الى المجلس بواسطة رئيسه عارضا لمسار عملية التشكيل منذ لحظة تكليف الرئيس سعد الحريري، وهو يعود الى البرلمان كونه أمّ السلطات ومنطلق شرعية اللبنانيين والجهة التي اوكلت الى رئيس البلاد واجب تكليف سعد الحريري استنادا الى الاستشارات النيابية الملزمة. ونظرا الى ان المُكلف تجاوز المهلة المعقولة ولم يُشكل، فطبيعي ان يعود رئيس الجمهورية الى من اوكل اليه التكليف ليضع بين يديه المعطيات كاملة ويترك له ان يقرر او يفتي او يحدد الموقف والاجراء المناسبين. واضافت: الرسالة مثابة تنبيه الى المرجعية الدستورية بما تمثل، لاعلامها بتفاصيل هذا المسار بعد اكثر من سبعة اشهر على انطلاقه من دون بلوغ اي نتيجة.
جنبلاط اتصل ببخاري
متضامناً مع السعودية
أجرى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط اتصالا بسفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، مستنكرا ”الكلام المسيء وغير المسؤول الذي صدر عن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه”، مؤكدا رفضه وإدانته لـ”مثل هذا الكلام الذي لا يعبر على الإطلاق عن عمق العلاقة الأخوية التاريخية التي تجمع اللبنانيين بالخليج العربي”، معربا عن التضامن مع المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا.
فرنجية والكيدية
الى ذلك، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية والنائب فريد هيكل الخازن. بعد اللقاء، قال فرنجيه اننا “نعيش عصر النكايات والكيدية وليس عصر التسويات فيما نحن في حاجة لإيجاد دولة، وان المرحلة ليست مرحلة الاشتباك إنما مرحلة الجلوس معاً لنجد حلاً لبلدنا ولكن أن نجلس معاً بات إنجازاً”. واضاف “خائفون على لبنان والوضع لا يطمئن.. لن نحمّل المسؤولية لأحد فكل منا يتحمل مسؤولية وطنية في التنازل لنصل إلى تسوية”.