كتبت صحيفة النهار تقول: لا تبدو المعطيات الجازمة بأن لبنان لن ينزلق هذه المرة إلى التورط في مواجهة محتملة مع إسرائيل كافية للطمأنة في ظل ما بدأت تشهده نقاط حدودية جنوبية على الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل من أحداث وتطورات تنذر في أي لحظة بإمكان حصول شيء ما يخرج عن السيطرة.
من دون شك العالم يشاهد مذهولاً “مجزرة الأبراج” التي تعمد من خلالها إسرائيل إلى تدمير مبرمج ومنهجي للأبراج القائمة في قطاع غزة وسط تصاعد السخط حيال هذا الإفراط الخيالي في استعمال القوة ضد مبان ومنشآت مدنية وضد وسائل إعلام مستقلة كتلك التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية في تدميرها لأبراج غزة. ووسط هذا الاحتدام التصعيدي بدأ توافد أعداد من الفلسطينيين أمس إلى كفركلا وبوابة فاطمة وتكثيف محاولات اختراق الشريط الشائك وتصاعد التوتر الأمني والعسكري على جانبي الحدود يتخذ طابعاً تصعيدياً يصعب معه الركون إلى مقولات أن لا خطر توريط في مواجهات مع إسرائيل الآن لأن تمادي واقع المواجهات الشديد الخطورة والشرسة المتصاعدة بين إسرائيل وغزة خصوصاً إلى مزيد من الوقت سيزيد منسوب التوتر والسخونة والاحتدام على الحدود الجنوبية للبنان إذا تحول الخط الحدودي إلى ساحة توافد واحتشاد ومحاولات متواصلة لخرق الخط الفاصل مع تحفز إسرائيل على الرد بأساليب مختلفة لا بد من التحسب لها. حتى أن بعض الأوساط المتخوفة من تفلت الأمور وانزلاقها نحو الأسوأ تحذر من استباحة الحدود الجنوبية في مكان ما بما يشكل خطراً كبيراً للغاية على لبنان بأسره وعلى كل مناطقة وأبنائه وترى ضرورة أن يتبع حزم أمني أشد وأكثر تشدداً حيال النقاط الحدودية ولو أن التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أمر طبيعي ومطلوب وإنما ضمن الحفاظ على الاستقرار اللبناني وعدم تعريض لبنان لمتاهات مخيفة في ظروفه الدراماتيكية الحالية.
في أي حال بدت المنطقة الحدودية اأس عرضة لتشدد ومرونة في مناطق مختلفة. ففي منطقة مرجعيون اتخذت تدابير أمنية صارمة وأغلق الجيش كل الطرق المؤدية إلى سهل مرجعيون قبالة مستعمرة المطلة في الداخل المحتل. وشهد حاجز الجيش اللبناني في منطقة القاسمية زحمة سير خانقة بسبب الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي يتخذها الجيش حيث يدقق بهويات المواطنين المتوجّهين إلى الحدود الجنوبية للمشاركة في الأنشطة التي تقام تضامناً مع فلسطين.
وحصل تدافع وتضارب بين المتظاهرين الفلسطينيين والقوى الأمنية والجيش عند بوابة فاطمة، بعد محاولتهم اجتياز الحاجز الموضوع هناك لمنعهم من المرور عبر الطريق المؤدية إلى سهل مرجعيون حيث الحد الفاصل بين البلدين عبارة عن شريط شائك. وقد أرسلت قيادة الجيش تعزيزات إضافية إلى المكان.
وبعد الظهر انطلق 13 باصاً من مخيمي نهر البارد والبداوي في الشمال، متوجهين إلى الحدود اللبنانية – الفلسطينية، تضامناً مع القدس وقطاع غزة في وجه الاعتداءات الإسرائيلية. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات داعمة للقضية الفلسطينية. وتسللت مجموعة من الفلسطينيين إلى محاذاة الحائط الفاصل بين العديسة والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث حاول الشبان تحطيم السياج الشائك بالمطرقة، رافعين الأعلام الفلسطينية وأعلام “حزب الله” وإيران.
كما عمد بعض المتظاهرين إلى تسلق الجدار الفاصل في كفركلا وأقدموا على تكسير كاميرات المراقبة التابعة للقوات الإسرائيلية الموضوعة هناك ورشق الحجارة. وحصل تدافع بين المتظاهرين والقوى الأمنية عند بوابة فاطمة بعد محاولتهم اجتياز الحاجز الموضوع هناك لمنعهم من المرور عبر الطريق المؤدية إلى سهل مرجعيون حيث الحد الفاصل بين البلدين عبارة عن شريط شائك.
بالمقابل، أطلق الإسرائيليون النار على متظاهرين قاموا بتسلّق الجدار الفاصل. وسقط جريح من بين المتظاهرين بين العديسة وكفركلا برصاص الإسرائيلين، بعد تسلّقهم الجدار الإسمنتي الفاصل، وقد تمّ نقله إلى مستشفى مرجعيون الحكومي للمعالجة كما أصيب لاحقاً عدد من المتظاهرين جراء سقوطهم عن الجدار أو بفعل القنابل المسيلة للدموع التي أطلقها الإسرائيليون.
وأفيد مساء أن وحدات من الجيش وقوة اليونيفيل حضرت إلى مكان تجمع المتظاهرين الذين أخلوا المكان.
وكان فلسطينيون نظموا صباحاً تحرّكاً في مارون الراس في ذكرى النكبة وتضامناً مع غزة. وأوقف الجيش اللبناني ? فلسطينيين حاولوا اجتياز الشريط الشائك.
أما في الداخل ووسط انعدام أي أفق حيال أزمة تشكيل الحكومة الجديدة ومواجهة سيل الأزمات الخدماتية والحياتية والمالية والاقتصادية المتراكمة على نحو مقلق للغاية، برز أمس تحركان لافتان. التطور الأول تمثل في تسليم رئيس الجمهورية ميشال عون السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو رسالة خطية إلى الرئيس إيمانويل ماكرون تتناول التطورات الاخيرة والعلاقات اللبنانية الفرنسية. وتأتي الرسالة غداة إعلان القصر الجمهوري، أن رئيس الجمهورية “ليس في وارد إرسال موفد إلى باريس، لمتابعة زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان لبيروت، وأن موقف الرئيس عون واضح وأبلغه إلى لودريان خلال وجوده في بيروت”.
أما التطور الثاني فتمثل في إعلان المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري أن الحريري تلقى اتصالاً من وزير الخارجية المصري سامح شكري تناولا خلاله تطورات الوضع المتأزم في لبنان وجهود الرئيس الحريري لتشكيل حكومة قادرة على الخروج بلبنان من الوضع الاقتصادي الحرج الذي يعاني منه. وأكد الوزير شكري حرص مصر على التنسيق مع الرئيس الحريري والقيادات السياسية اللبنانية من أجل تجنيب الشعب اللبناني الكثير من المشكلات في حال لم يتم تشكيل حكومة قادرة تشمل ذوي الاختصاص في مجالاتهم.
وقد تناول الوزير شكري مع الرئيس الحريري تطورات الوضع الإقليمي في ضوء المواجهات العسكرية في الأراضي الفلسطينية والجهود التي تبذلها مصر لإنهائها.