كتبت صحيفة نداء الوطن تقول: في الكواليس كما في العلن، الكل لا يزال قابضاً على سلاحه واضعاً إصبعه على الزناد يتحيّن اقتناص الفرصة المؤاتية لإطلاق “رصاصة الرحمة” على رأس الخصم… وإذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون يضع نصب عينيه مهمة قنص رئاسة الحكومة من قبضة الرئيس المكلف سعد الحريري، وفريقه يعمل جهراً وخفاءً لإقصاء الحريري عن التأليف إنفاذاً لمعادلة “سعد وجبران برّا”، فإنّ مصادر مواكبة لأجواء الملف الحكومي لا تزال تؤكد أنّ “الحريري ليس في وارد الاعتذار ومن ينتظر اعتذاره يبدو أنه سينتظر طويلاً!”.
وفي هذا السياق، تنقل مصادر مقربة من عين التينة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه “يبدي تمسكاً حاسماً بتكليف الحريري ولا يرى بديلاً عنه في رئاسة حكومة المهمة الإنقاذية”، وكشفت أنّ “تواصلاً حصل بين بري وقيادة “حزب الله” أكد في خلاله رئيس المجلس وجوب عدم التخلي عن دعم تكليف الحريري باعتباره الخيار الأمثل لتجاوز الأزمة، فكان توافق بينه وبين الحزب على الموضوع”، مشيرةً إلى أنّ “الكلام نفسه سمعه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من بري، اللذين يجمعهما حلف استراتيجي تاريخي لا يحيد عنه جنبلاط أبداً”.
لكن ورغم صلابة موقفه في التصدي للسياسة العونية القائمة على “إحراج الحريري لإخراجه”، تجزم المصادر بأنّ بري لم يتحرك في الأيام الماضية كما تردد إعلامياً “لأنه ببساطة لم يلمس أي نية جدية بعد لتشكيل حكومة”، ولذلك فهو لم يبادر مؤخراً نظراً لكونه “ليس مبتدئاً في علم السياسة ولن يحاول ليفشل”، مشددةً على أنه “عندما يشعر بالجدية والنيّة لن يتأخر في إطلاق محركاته”.
وفي الإطار نفسه، أكدت أوساط سياسية أنّ رسائل متقاطعة تلقاها الحريري لحثه على عدم الإقدام على خطوة الاعتذار باعتبار أنّ “بري ومعه “حزب الله” وجنبلاط و”تيار المردة” و”الطاشناق” وأغلبية مجلس النواب متمسكون بتكليفه، والرغبة ذاتها عبّر عنها رؤساء الحكومات السابقون”، وأضافت: “حتى البطريرك الماروني بشارة الراعي لا يبدي حماسةً لاستبدال الحريري والمخاطرة بالعودة إلى مربع التكليف الأول”، مشيرةً إلى أنّ “الراعي كان صريحاً ومباشراً في الإعراب أمام رئيس الحكومة السابق تمام سلام حين زاره في بكركي، عن أهمية الإسراع بتشكيل حكومة يرأسها الحريري للنهوض بالبلد والإتيان بالمساعدات المطلوبة”.
وعليه، تؤكد المصادر أن “البطريرك الراعي ليس لديه أي مبادرة جديدة أو تحرك جديد بعدما حاول مراراً وتكراراً رعاية حل وسطي يرتكز على الأصول الدستورية في عمليات التأليف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لكنه اصطدم بعدم رغبة فريق الرئاسة الأولى ورئيس “التيار الوطني الحر” بتسهيل مهمة التأليف والخروج من دائرة التصلّب في المواقف”.
تزامناً، وبعدما تردد في أوساط دوائر بكركي صدى امتعاض كبير من “الخطيئة” التي ارتكبها وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان عبر استثنائه الصرح البطريركي من جدول لقاءاته في لبنان، استدرك على ما يبدو لودريان حجم خطيئته التي أوحت بأنّ باريس تضع بكركي في مصاف الطبقة السياسية المغضوب عليها فرنسياً لاتهامها بعرقلة الحلول، فبادر إلى إيفاد سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو إلى بكركي أمس حاملةً رسالة شفهية من وزير الخارجية الفرنسية إلى البطريرك الماروني أكد فيها “تقديره الكبير للجهود والمبادرات التي يقوم بها في سبيل إنقاذ لبنان من الإنهيار”.