لم يعد مسار العقوبات الغربية على لبنان ملفاً يمكن تجاهل تداعياته القريبة والبعيدة المدى، بعدما بدأت المعطيات والتطورات المتصلة بهذا المسار تنذر بنتائج كارثية عليه تحت وطأة تعنت سلطة سياسية استنفدت كل ما يمكن ممارسته عليها من ضغوط، ولم تبدل حرفاً في نمط تعطيلها لقيام حكومة جديدة. الجديد الطارئ الذي برز في هذا السياق امس هو استعداد بريطانيا لملاقاة مسار العقوبات الأميركية والأوروبية على معرقلي الحل والضالعين في الفساد في لبنان بما يكمل سلسلة مترابطة غربية لهذا المسار على نحو غير مسبوق.
وتتخذ الخطوة البريطانية أهميتها اللافتة في ظل ما كشفه رئيس البعثة والقائم بالاعمال في السفارة البريطانية في بيروت مارتن لنغدن في حديث لـ” النهار” من انه ومع “استمرار تدهور الوضع في لبنان وعدم تحرك الاطراف الرئيسية من اجل منع حصول ذلك، فان المملكة المتحدة تراجع راهناً مقاربتها تجاه لبنان وفقا لذلك”. فالمملكة المتحدة شأنها شأن المجتمع الدولي “تشعر بقلق متزايد من الوضع الخطير في لبنان، فيما ان الاجراءات اللازمة من اجل عكس هذا الاتجاه الحالي واضحة ومعروفة جيداً وهي تبدأ من تشكيل حكومة ملتزمة وقادرة على القيام بالاصلاحات الاقتصادية والسياسية الرئيسية التي يمكن ان تجعل لبنان اولا مستداماً ومستقراً ومن ثم امناً ومزدهرا”.
وكانت بريطانيا اقرت أخيراً “نظام عقوبات عالمي لمكافحة الفساد” من شأنه ان يلاحق مرتكبي الفساد. ويقول لنغدن “تشارك المملكة المتحدة الدول الاخرى مخاوفها واحباطاتها ايضا ازاء لبنان والمسؤولين عن الوضع الراهن فيما نقف متضامنين مع شعب لبنان الذي يستحق الافضل بصراحة”. ويشرح مفاعيل نظام العقوبات الجديد فيؤكد انه “سيسمح بفرض تجميد الاصول وحظر السفر على المتورطين في الفساد الخطير في جميع انحاء العالم”. ).
“القرض الحسن”
وتشاء المصادفة ان يتزامن كشف الخطوة البريطانية مع اعلان وزارة الخزانة الأميركية، فرض عقوبات على 7 لبنانيين على صلة بمؤسسة “القرض الحسن” التابعة لـ”حزب الله”. وهي المرة الأولى التي تعلن دفعة عقوبات أميركية في ظل الإدارة الأميركية الجديدة.
ووفق ما جاء في الموقع الرسمي لوزارة الخزانة الأميركية، فإن اللبنانيين السبعة هم: عزت بوسف أكار، إبرهيم علي ضاهر، عباس حسن غريب، مصطفى حبيب حرب، حسن شحادة عثمان، وحيد محمود سبيتي، أحمد محمد يزبك.
ويؤدي إدراج الخزانة الأميركية الأفراد والكيانات على لائحة العقوبات إلى عزلهم فعليا عن النظام المالي العالمي، وتجميد أي أصول لهم تحت الاختصاص القضائي الأميركي، وتحذير المؤسسات غير الأميركية من التعامل معهم.
ودعا وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن دول العالم إلى “اتخاذ خطوات لتقييد أنشطة “حزب الله” اللبناني وتعطيل شبكات التيسير الخاصة به، لما يشكله من تهديد على الولايات المتحدة وحلفائها ومصالحها في الشرق الأوسط”.
وأشاد بلينكن في بيان، بالدول في أوروبا وأميركا الجنوبية والوسطى التي اتخذت إجراءات ضد “حزب الله” في السنوات الأخيرة ودعا الحكومات الأخرى في جميع أنحاء العالم إلى أن تحذو حذوها.
وعلق في السياق على إدراج وزارة الخزانة الأميركية سبعة أشخاص لبنانيين على صلة بمؤسسة “القرض الحسن” التي تمول “حزب الله”، وقال: “بينما تزعم مؤسسة القرض الحسن أنها تخدم الشعب اللبناني فإنها تقوم بنقل الأموال بشكل غير قانوني من خلال حسابات وهمية”، مؤكدا أن ذلك يعرض المؤسسات المالية اللبنانية لمخاطر العقوبات. وعلاوة على ذلك، ومن خلال تخزين السيولة النقدية التي يحتاجها الاقتصاد اللبناني بشدة، تمكن “القرض الحسن” الحزب من بناء قاعدة دعم خاصة به وتعرض استقرار الدولة اللبنانية للخطر.
وختم بلينكن أن “هذه التصنيفات تعزز الإجراءات الأميركية الأخيرة ضد ممولي حزب الله الذين قدموا الدعم أو الخدمات للحزب. وأكد أن الولايات المتحدة ستستمر في اتخاذ إجراءات لتعطيل عمليات حزب الله”.
وكانت الإدارة الأميركية الجديدة اكدت في أكثر من مناسبة أنها ستواصل فرض العقوبات ومحاسبة “حزب الله” ومن لهم صلة به .
أزمات الخدمات
اما على الصعيد الداخلي فان البلاد تنزلق بسرعة نحو تصاعد متاهات الفوضى التي تتسبب بها أزمات الخدمات وفقدان السلع والأدوية واستفحال ازمة توزيع البنزين والمحروقات فيما تنذر ازمة الكهرباء بتطورات خانقة دراماتيكية ما لم يتم تدارك الامر باجراءات عاجلة استثنائية. وفيما يتفاقم الشلل السياسي وتبدو افق معالجة الازمة الحكومية كأنها سدت تماماً مع سقوط كل محاولات الوساطات لجمع رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف زادت مظاهر الفوضى المعيشية والخدماتية امس عشية اليوم الأول من عيد الفطر غدا الخميس. ولليوم الثالث على التوالي، امتنع العديد من المحطات في مختلف المناطق عن تزويد السيارات بمادة البنزين باستثناء قلة قليلة اصطفت امامها السيارات في طوابير امتدت عشرات الأمتار مع ان ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا اكد ان “لا رفع للدعم عن المحروقات حتى اليوم في ضوء الاتصالات التي نقوم بها
الوسومالأميركية الأوروبية النهار بريطانية عقوبات القرض الحسن