لا تؤشر الاجواء والمناخات ان عدّاد جلسات انتخاب رئىس الجمهورية سيتوقف عند الجلسة 44 المقررة في 7 ايلول المقبل، لا سيما ان البعض مصرّ على تجاهل حجم الازمة ورفض اي صيغة تضمن اتفاقا شاملا يبدأ بالرئاسة.
فبعد ايام على انعقاد طاولة الحوار لم يحضر جلسة انتخاب الرئيس من الكتل غير المقاطعة سوى 31 نائبا، وهو ادنى رقم يسجل في سلسلة الجلسات منذ الشغور الرئاسي حتى الان. وهذا ان دلّ على شيء فإنه يدل اولا على تراجع الاهتمام حتى في الحضور الى المجلس من هذه الكتل، وثانيا عمق ازمة الرئاسة وانسداد آفاق حلّها من دون الانصراف الى العناصر الاخرى للازمة وخصوصا قانون الانتخاب.
وكما درجت العادة فإن هذه الجلسة تحولت لدى قلّة من النواب لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة الى مناسبة لتكرار المواقف المملّة والمكررة حول الاستحقاق الرئاسي، واستغلالها ايضا في «تكبير حجر» الكلام يمينا وشمالا لمجرد ترجمة ما لديهم من هواجس وطموحات شخصية ضيّقة لا علاقة لها برئاسة الجمهورية بقدر ما لها علاقة بالتطلع الى مواقع سياسية مرتبطة بأحلامهم وارهاصاتهم.
ولا شك ان مثل هذه المواقف والتصريحات تضيف الى المشهد البرلماني في هذا اليوم رتابة، فبدلا من ان يفتش اصحابها على ما يساعد في تحسين فرص اختتام هذا المسلسل من الجلسات فإنهم يمارسون «رياضة الكلام» متجاهلين حقيقة الازمة وتفاقمها ومكتفين بتسجيل حضور رتيب لا يقدم ولا يؤخر.
وفي قراءة للاجواء التي سجلت داخل قاعة الحوار وبعدها ترى مصادر سياسية بارزة ان استمرار هذا المسار من المواقف والنهج، يعني ان اول ايلول لن يحمل اية متغيرات ايجابية، لا بل سيساهم اكثر في قتل الوقت لحساب اتساع مساحة الفراغ والفوضى.
وتضيف المصادر ان الرئيس بري الذي يجيد سياسة استيلاد ارانب الحلول من الاكمام، حاول في الجلسة الحوارية الاخيرة استنباط صيغة قانون انتخاب وطني ومجلس الشيوخ لتسهيل الاتفاق على الحل المتكامل الذي يبدأ بانتخاب الرئيس. وكان على جميع الاطراف خصوصا المسيحيين ان يتحمسوا لها بدلاً من ان يتبادل بعضهم الادوار في معارضتها ومحاولة اجهاضها.
وباعتقاد المصادر ان الاسابيع القليلة الاخيرة اكدت تعذر بل استحالة ترجيح فرصة احد المرشحين المطروحين: العماد ميشال عون، والنائب سليمان فرنجية. وان التفاؤل الذي ظهر في الرابية بانتقال الجنرال الى بعبدا في آب تبدد تدريجياً، بعد ان تبين ان الايحاءات بتغيير موقف الرئيس سعد الحريري هي مجرد اجتهادات لدى بعض اعضاء «كتلة تيار المستقبل» او ربما هي محاولة من قيادة «التيار» ولدت ميتة بسبب استمرار «الفيتو» السعودي على عون حتى اشعار آخر.
ويبدو أن ما جرى في اجتماع «كتلة المستقبل» هو ترجمة عملية لتلاشي فكرة الانتقال من ترشيح فرنجية الى ترشيح عون، وشهادة حسن سلوك لدى قيادة المملكة العربية السعودية.
ووفقاً للمعلومات فان اتساع رقعة الكلام في الاسابيع الماضية عن رغبة الحريري بالموافقة على ترشيح عون وما احدثته من انزعاج واستياء خصوصاً في بنشعي، جعلت رئىس تيار المستقبل يطلب من النائب عمار حوري ان يؤكد اكثر من مرة الاستمرار على ترشيح فرنجية.
ولا تستبعد المصادر ان يكون شبه الاجماع داخل الكتلة على هذا الموقف هو اولا لتبديد الاجواء المعاكسة التي سادت سابقاً، وثانياً ربما لتصحيح ما نقلته بعض وسائل الاعلام عن السنيورة داخل جلسة الحوار عن القبول بمرشح توافقي ثالث، قبل ان يستدرك هذا الموقف بعبارة تشير الى استمرار ترشيح رئىس «المردة».
ووفقاً للمصادر السياسية ايضاً فان مغادرة الحريري لبنان لاكثر من شهر، حسب ما نقلت بعض الاوساط، تشير بوضوح الى ان الاسابيع المقبلة لن تحمل جديداً خصوصاً في الاستحقاق الرئاسي، وان جلسة الحوار في 5 ايلول لن تشهد تطوراً ايجابياً في هذا الخصوص الا اذا حصل حدث اقليمي كبير يغير سياسة ادارة الظهر للبنان السائدة اليوم من قبل الدول الكبرى او الفاعلة. وبطبيعة الحال فان جلسة انتخاب الرئىس التي تلي جلسة الحوار بيومين مرشحة ايضا لتنضم الى مسلسل الجلسات الاخرى، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول ما ينتظر اللبنانيين في المستقبل.