كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: بين حركة 6 شباط 1984 وتفاهم مار مخايل 6 شباط 2006 تزامن في التاريخ، واختلاف تام في الهدف والرؤية والمقاربة السياسية.
وبينما كانت انتفاضة 6 شباط ضد مشروع الهيمنة وإدخال لبنان في النفق الاسرائيلي ولإسقاط اتفاق 17 أيار، وقد تصدى لهذا المشروع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حركة أمل نبيه بري وتمكّنا معاً من إعادة وصل ما انقطع وفتح طريق بيروت دمشق وطريق المقاومة الوطنية الى الجنوب، وذلك تحت عنوان إعادة إحياء المشروع الوطني وتثبيت عروبة لبنان، فإن تفاهم مار مخايل كما هو معروف جمع فريقين سياسيين على مصالح مشتركة رغم الخلاف في العقيدة وفي النهج والرؤية.
وقد وجد التيار الوطني الحر نفسه بعد 15 سنة على تفاهم مار مخايل، مرغماً على الإقرار بأنه لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، حيث اعتبر المجلس السياسي للتيار في بيانه أمس ان تطوير هذا التفاهم باتجاه فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين “هو شرط لبقاء جدواه، اذ تنتفي الحاجة اليه اذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة”. فيما من المؤكد أن حزب الله أيضا حمل، إلى عبئه الثقيل، أعباء إضافية شكّلها أداء التيار الوطني الحر طوال السنوات الخمسة عشرة الماضية. ورغم ذلك فإن هذا الواقع لا يعني إطلاقاً انفكاك طرفي التفاهم حتى لو انتهت كل بنوده، وذلك لأن المصلحة الظرفية لا تزال قائمة.
وقد حاول عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ماريو عون، في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية التقليل من أهمية ما ورد في بيان تياره عن العلاقة مع حزب الله، بقوله انه “اذا لم نستطع بناء الدولة، فليس معناه اننا نتهم حليفنا حزب الله بمنعنا من ذلك، وكل ما أردناه ان نبعث بنوع من الفكرة لحزب الله بالتحديد وللبنانيين أنه بمرحلة معينة كانت تتطلب تفاهمات بين قوى سياسية قرّبت ما بين التيار والحزب وخلقت نوعاً من الاستقرار، ولكن هناك ضرورة لتطوير كل اتفاق وكل تفاهم نحو الأفضل وبحسب تطور الأوضاع، فما كان يسري بالماضي لا يسري في المرحلة التي نحن فيها الآن”.
وأضاف عون: “اليوم هناك تدهور مالي واقتصادي ومعيشي، ولذلك أصدرنا هذا البيان لنقول لحليفنا فلنستكمل عملية هذا التفاهم ليكون أكثر ملائمة للواقع الذي نعيشه، فإذا لم نتكلم نحن مع حليفنا بهذه الصراحة فمن سيتكلم غيرنا، لقد شكلنا لجنة من التيار، وعلى حزب الله ان يسمي لجنة، لدراسة كيفية العمل لبناء الدولة الفاعلة والنظيفة التي يتوق لها الشعب اللبناني”.
وعما اذا كان التيار يضع السبب في تحالف أمل مع حزب الله، أجاب عون: “نحن نبحث عن حلول وليس خلافات، وكل ما قصدنا قوله ان هذا التفاهم لم يعد يصلح للزمن الحالي. نحن بحاجة لتطوير الفجوات التي ظهرت”، وقال إن التيار “من قبل الانتخابات النيابية عبّر عن هذا الموضوع بلقاءات مغلقة، اذا المقاومة تريد ان تبقى قوية فهي بحاجة لدولة قوية ودولة قانون”.
مصادر حزب الله علقت في اتصال مع جريدة “الانباء” الالكترونية على بيان التيار الوطني الحر بالقول ان “التيار يعرف موقف حزب الله من بناء الدولة، ولسنا ضد هذا التوجه فنحن ايضا مع الدولة القوية”، معتبرة في الوقت نفسه أن “التباينات في وجهات النظر بين الحزب والتيار لا تعني ان هناك خلافاً او قطيعة، فنحن أيضا مع تطوير تفاهم مار مخايل ولكن على أسس واضحة”.
وفيما طرفا الحكم يبحثان في ترف من الوقت عن “تطوير” صيغ تفاهمها، فإنهما يتناسيان أن الدولة تعاني شغوراً في السلطة التنفيذية التي لا تؤدي دورها فيها الحكومة المستقيلة، فيما الحكومة العتيدة تنتظر في صقيع من التعطيل. وفي هذا الشأن رأى عضو كتلة المستقبل النائب عاصم عراجي في حديث لجريدة “الانباء” الالكترونية انه “بعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة برز تحركٌ ما في الملف اللبناني، وبالأخص بعد الإتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الأميركي جو بايدن، وهو ما عبّر عنه ماكرون باستعداده لزيارة لبنان للمرة الثالثة، هذه التطورات دفعت بالرئيس سعد الحريري للقيام بزيارات الى الدول الشقيقة والصديقة لتوفير المساعدات اللازمة للبنان لإنقاذه من الانهيار أولا، وإعادته الى الحاضنة العربية والدولية ثانياً”.
واعتبر عراجي ان “تشكيل الحكومة أصبح يأخذ طابعاً دولياً واقليمياً، وعندما تنضج المساعي فإن عملية التشكيل لن تستغرق وقتاً”.
وعلى خط كورونا وبوصفه رئيساً للجنة الصحة النيابية، كشف عراجي لجريدة “الانباء” انه كان يأمل بأن “تمدد خطة الطوارئ أسبوعاً أو عشرة أيام مشروطة بتقديم مساعدات مالية للمواطنين لتأمين احتياجاتهم لأن الناس بحاجة للمال وللغذاء”، متخوفاً من السلالة الإنكليزية الموجودة وهي سريعة الانتشار.
وقال عراجي ان “عدد الاصابات الإجمالي تراجع بنسبة مقبولة، لكن نسبة الاصابات الإيجابية ونسبة الوفيات ما زالت مرتفعة، ففي الفترة الماضية ما كانت التدابير الوقائية تطبق بالشكل المطلوب الى ان حصلت الكارثة وقامت الحكومة بإلهاء الناس بدعم بعض المواد الغذائية فلم يصل للناس منه شيئاً، وغالبيتهم جرى تهريبهم الى خارج الحدود”. وأضاف: “ابتداء من الثلاثاء سنرى إلتزام الناس بالتدابير الوقائية أو الفوضى كما حصل في السابق”.
وعن قرض البنك الدولي، رأى عراجي ان توزيعه سيتطلب وقتاً لأنه بحاجة لإقرار في مجلس النواب فيما الناس بحاجة ماسة للمساعدات.
وكما عراجي، تمنى النائب ماريو عون إبقاء البلد مقفلاً مدة أسبوع أو عشرة أيام لأن نسبة الإصابات ما زالت مرتفعة ولم تتراجع عن 22%، والوفيات كذلك. لكن قسماً كبيراً من الشعب لم يعد يحتمل الاقفال فالوضع الاقتصادي والمعيشي ألزم لجنة كورونا بالرفع التدريجي لخطة الطوارئ على أمل وصول اللقاح وتحسن الأمور.