الرئيسية / نشاطات / قمة موريتانيا اليوم: ابتزاز لبنان بمقاومته!
flag-big

قمة موريتانيا اليوم: ابتزاز لبنان بمقاومته!

تنعقد القمة العربية السابعة والعشرون في موريتانيا، اليوم، من دون أن تساور أحد من الخليج الى المحيط أي أوهام في شأن ما ستؤول اليه قمة تلتئم في خيمة، تبدو إشارة كافية من أجل تظهير الصورة الباهتة والبائسة للأنظمة العربية وللبيان الختامي الذي غالبا ما يساهم في تعميق الجراح، لا مداواتها.
وبدل أن يشكل خطر الإرهاب العابر للحدود دافعا لوحدة الموقف، فإن الاصطفافات الحادة ستبقى هي السمة الغالبة للقمة المغلوبة على أمرها، بل إنَّ الأخطر هو أنَّ هناك أنظمة عربية تتبادل الاتهامات بدعم المجموعات الإرهابية وتوظيفها في الصراعات الإقليمية.
ووسط المخاطر الداهمة، تزدحم قمة نواكشوط بالمفارقات:
لا حجم الحضور المتوقع للرؤساء والملوك هو على قدر التحديات المصيرية، بعدما قرر أغلبهم أن يغيب لانتفاء «الحوافز»، ولا معظم الدول المشاركة مؤهلة لإطلاق مبادرات أو صناعة مفاجآت بفعل استغراقها في أزماتها التي يكاد يكون بعضها وجوديا، ولا العلاقات سوية وطبيعية بالحد الأدنى بين الأشقاء المفترضين بل أحقاد وصراعات ومحاور ورهانات مزقت روابط التاريخ والجغرافيا، ولا طريقة المقاربة للقضايا الخلافية تشجع على حد أدنى من التفاؤل في ظل تعدد «الأجندات» والولاءات، ولا الأطراف الناظمة في العادة للتسويات قادرة على إعادة إنتاج الدور القديم مع تراجع موقعها وتقدم أطراف خليجية، خصوصا السعودية، الى واجهة التأثير في محاولة لوراثة عواصم إقليمية كانت تشكل في السابق عَصَب القمم ونقاط ارتكازها.
وليس خافيا أن أزمة سوريا وتداعياتها ستكون الأشد تأثيرا والأقوى حضورا برغم غياب النظام والمعارضة عن القمة. وتجدر الإشارة الى أن موريتانيا تستمر في المحافظة على علاقة جيدة مع دمشق، ولا يزال التمثيل القنصلي قائما في السفارة السورية في نواكشوط.
كما أن رئيس الوزراء الموريتاني مولاي ولد محمد الأغظف كان قد زار دمشق والتقى الرئيس بشار الأسد حتى بعد إخراج سوريا من الجامعة العربية بدفع خليجي وتحديدا سعودي قطري.
ومن الواضح أن هذه العوامل أدت دوراً، مع مواقف دول عربية أخرى، في عدم فرض حضور المعارضة السورية في قمة موريتانيا ولإبقاء مقعد سوريا فارغاً، بشكل أوحى بأن الدولة السورية هي الحاضرة ـ الغائبة.
هموم لبنان
أما لبنان المتخبط في أزمته السياسية المستفحلة، فقد لاحقه سوء الطالع أو سوء التقدير الى نواكشوط، إذ تناقص أعضاء الوفد الرسمي مع مرور الوقت، بحيث لم يصل منهم برفقة الرئيس تمام سلام الى المغرب للمبيت فيها ومن ثم الانتقال الى موريتانيا اليوم، سوى الوزير «المغوار» رشيد درباس بعدما اعتذر عن المشاركة تباعا كل من الوزراء علي حسن خليل ووائل أبو فاعور وجبران باسيل!
وستكون في استقبال «اللي بقيوا» من الوفد لدى وصوله الى نواكشوط عاصفة غضب موريتانية، احتجاجا على ما نُسب الى وزير الصحة وائل أبو فاعور حول «انتشار الجراذين في الفنادق المضيفة وعدم رغبة سلام في المبيت فيها».
وبرغم نفي أبو فاعور أن يكون قد تعمد توجيه أي إساءة من هذا النوع، إلا أن الأوساط الإعلامية ومواقع التواصل في موريتانيا شنت حملة عنيفة عليه، أصابت شظاياها العلاقات مع لبنان، ووصلت الى حد «معايرة» المسؤولين اللبنانيين بأزمة النفايات والتلوث والمطالبة باعتذار رسمي لبناني.
لكن سلام أكد لـ «السفير» تجاوز الإشكالات التي أحاطت بعدم إقامته في نواكشوط، وقال: نحن تلقينا عبر المندوب اللبناني هناك تأكيدات من السلطات الموريتانية بعدم وجود أي مشكلة حول هذا الموضوع، بل العكس، تلقينا ترحيبا وإشادة بلبنان ومواقفه، لكن البعض مصر على افتعال مشكلة من لا شيء.
أما الاختبار الأصعب الذي سيواجه الوفد في القمة العربية، فهو المتعلق بالموقف من «حزب الله»، وسط محاولة ابتزاز مكشوفة تتعرض لها الدولة اللبنانية، إذ إن بعض دول الخليج تحفظت على بند «التضامن مع لبنان»، الذي صاغه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم السبت الماضي، من ضمن مشروع البيان الختامي للقمة و «إعلان نواكشوط»، وذلك ردا على تحفظ بيروت على وسم «حزب الله» بالإرهاب وفق ما ورد في مشروع البيان في سياق الفقرة التي تدين «التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، وتدخل القوى الحليفة لها ومنها حزب الله الإرهابي».
وسألت «السفير» سلام عن كيفية معالجة التحفظ على بند التضامن؟ فأجاب: إنهم قرروا «النأي بالنفس» عن بند التضامن مع لبنان، وهناك اتصالات تُجرى مع الدول الشقيقة لمعالجة هذا الموقف، وعندما نصل الى القمة سنرى الى أين ستصل الأمور.
وأكد سلام أن الوفد الرسمي سيتعامل مع تصنيف حزب الله «بالإرهابي» كما تعامل معه في المرات السابقة، وقال: نحن موقفنا واضح، «حزب الله» حزب لبناني ومكون أساسي في التركيبة السياسية، ولكننا حريصون على تحقيق كل ما يعزز الجبهة الداخلية وصمود لبنان في هذه الظروف الصعبة.
جدول الأعمال
وتبدأ القمة أعمالها عند الحادية عشرة قبل الظهر بجلسة افتتاحية علنية، تليها الجلسة الأولى وهي علنية أيضا، تتخللها كلمات الوفود وكلمة سلام ظهرا، ثم تعقد جلسة عمل مقفلة، تليها جلسة عمل ثالثة مغلقة والجلسة الختامية، ثم يُعقَد مؤتمر صحافي في السادسة مساء بتوقيت نواكشوط (9 بتوقيت بيروت) حيث سيصدر إعلان نواكشوط.
وتناقش القمة العربية 16 بندا على جدول الأعمال، بينها: قضية فلسطين، العلاقات بين الدول العربية والعلاقات مع دول الجوار لا سيما إيران في ظل الخلاف حول الجزر المتنازع عليها مع الإمارات، الأوضاع في اليمن والعراق (انتهاك الجيش التركي لسيادة الأراضي العراقية) وسوريا وليبيا والصومال ودارفور في السودان.
وفي المجال الأمني تناقش القمة محاربة الإرهاب والتجارب المستقاة من أجل تجفيف منابعه.
وستتم مناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، ومقترحات بدمج القمة العادية بالقمة الاقتصادية لاستحداث آليات عمل جديدة لمواكبة التطورات والمتغيرات الاقتصادية.
وسيصدر عن القمة إعلانُ نواكشوط، وهو إعلان سياسي – اقتصادي – اجتماعي.
وزراء الخارجية
وكان وزراء الخارجية العرب قد تعهدوا أمس الأول بـ «هزم الإرهاب»، وذلك خلال مشاركتهم في الاجتماعات التمهيدية للقمة العربية، داعين إلى «حل نهائي» للقضية الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري: «يجب هزم الإرهاب، هذه أولوية»، فيما دعا نظيره الموريتاني اسلكو ولد أحمد ايزيد بيه الدول العربية «الى تنسيق أكبر مع الدول الأفريقية لتحقيق هذا الهدف».
وجاء في البيان الصادر عن المجتمعين أن الوزراء أكدوا دعمهم «لكل المبادرات التي يمكن أن تساعد على إنهاء الأزمات في العالم العربي، خصوصاً الأزمات السورية والليبية واليمنية»، مرحبين بالمبادرتَين الفرنسية والمصرية للمساعدة في إحياء محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة.
وقال موفد باريس الخاص المكلف متابعة المبادرة الفرنسية لإعادة إطلاق عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية بيار فيمون من العاصمة الموريتانية، إن المبادرة الفرنسية «مكملة» للمبادرة المصرية وقد تلقت «دعما قويا من الوزراء العرب في نواكشوط».
وأشار الى أن إسرائيل لا تظهر تجاوباً مع هذه المبادرة، لكنه قال إن فرنسا تسعى الى «إعادة حشد المجتمع الدولي» بهدف تنظيم «مؤتمر يجلس (خلاله) الطرفان الى طاولة المفاوضات» قبل نهاية العام الحالي.
كذلك، تبنى الوزراء قراراً «يدين تدخلات إيران في العالم العربي».
وكان الأمين العام المساعد للجامعة العربية أحمد بن حلي قد أكد أن القادة العرب سيستعرضون «كل الأزمات التي تعيشها الأمة العربية وجوانبها الأمنية»، مضيفاً أن «تحقيق الأمن داخل الأمة (العربية) يتم بعمل مشترك ضد الإرهاب، خصوصا عبر إنشاء قوة عربية مشتركة».

صحيفة السفير

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *