أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) اليوم، “مبادرة مشتركة جديدة ونداء للعمل يهدفان لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة والتخفيف من حدة تعرضهم للمخاطر المتزايدة بسبب الأزمات المتعددة في لبنان: الاقتصاد المتراجع وتفشي كوفيد-19 والانفجار الهائل الذي هز مؤخرا مرفأ بيروت، بل ولبنان كله”، في لقاء أقيم في حديقة جبران خليل جبران في دار “الإسكوا”، في حضور سفراء وديبلوماسيين من الجزائر، مصر، رومانيا، الأردن، المغرب، قطر، العراق، سري لانكا، الأرجنتين، فنلدا، ألمانيا، الهند، إيران وفلسطين.
بداية، فيديو يتضمن شهادة حياة لغابرييلا من ذوي الحاجات الخاصة.
دشتي
وتحدثت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي، فقالت: “يسعدنا أن نستقبل اليوم هذه المجموعة الواسعة من الشركاء بما في ذلك المانحين الدوليين ووكالات الأمم المتحدة والسلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات المهنية، لإعلان التزامنا بجعل بيروت شاملة ومتاحة للجميع”.
أضافت: “إن النداء الذي وقعناه اليوم ليس مجرد تعبير رمزي عن مشاعر التضامن، بل هو التزام قوي بتحويل مبادرتنا إلى حقيقة على أرض الواقع، وبأن تضمن جهود إعادة بناء بيروت حرية الحركة والوصول للخدمات اللازمة للأشخاص ذوي الإعاقة”.
وأوضح بيان للإسكوا أن “المبادرة الجديدة من أجل دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان ستلبي الاحتياجات الفورية الملحة من التقنيات المساعدة اللازمة للحفاظ على صحة ورفاه الأشخاص ذوي الإعاقة. وسيدفع نداء بيروت الذي تم إطلاقه كجزء من المبادرة إلى تكوين شراكة واسعة لضمان إعادة بناء المناطق المتضررة من انفجار الميناء بطريقة تسهل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الشوارع والمرافق العامة والخاصة. وعلى المديين المتوسط والبعيد، تدعو المبادرة لتبني سياسات وتدابير لضمان إتاحة مرافق رعاية عالية الجودة للأشخاص ذوي الإعاقة، وإدماجهم في كافة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية من دون حواجز”.
شتاينر
ثم كانت كلمة مسجلة عبر تقنية الفيديو لمدير برنامج الأمم المتحدة الانمائي أخيم شتاينر جاء فيها: “إنه لمن دواعي سروري أن أشارككم اليوم في إطلاق هذه المبادرة لبناء لبنان شامل ومتاح للجميع من أجل دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان اذ تجمع هذه المبادرة الاستراتيجية الطموحة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، وستساعد المبادرة على توفير الأجهزة والتقنيات المساعدة اللازمة للحفاظ على صحة ورفاه الأشخاص ذوي الإعاقة، كما ستؤلف شراكة واسعة لضمان إعادة بناء المناطق المتضررة من انفجار ميناء بيروت- بما في ذلك المؤسسات العامة والشوارع والمباني الخاصة- على نحو يسهل حركة الجميع وهي تضرب مثلا واضحا لمبدأ الأمم المتحدة للبناء قدما على نحو أفضل ومثل تلك الجهود لها أهمية حاسمة في لبنان”.
أضاف: “إن جائحة كوفيد-19 والانفجار المدمر في ميناء بيروت قد فاقما بشدة من تزايد أوجه عدم المساواة والفقر- إذ تعيش اليوم86 في المئة من العائلات في بيروت الكبرى على أقل من200 دولار شهريا ونجد بين الأكثر تضررا بتلك الأزمات النساء والأطفال وكبار السن واللاجئين والعمال المهاجرين والأشخاص ذوي الإعاقة.
ولكننا في الوقت ذاته شهدنا كيف اجتمع الكل لمساعدة لبنان في ساعة احتياجه، إذ جاء المتطوعون من كل مناحي الحياة لإزالة الأنقاض-وللدفع سريعا بتدابير التعافي الحيوية وشرعوا بالفعل في بناء لبنان قدما”.
وتابع: “نحن في الأمم المتحدة ندرك كذلك أن جهود التعافي يجب أن تتجاوز مجرد إعادة إعمار المباني، فيتعين علينا أن نساعد الناس على استعادة حياتهم وسبل عيشهم- بل وإدراك آفاق جديدة من الفرص، وكما تضرب لنا هذه المبادرة لبناء لبنان شامل ومتاح للجميع المثل. علينا أن نضمن إشراك الجميع في جهود التعافي الاجتماعي والاقتصادي.
بعد دقائق سيشرع مايكل في مسيرة اندماج سيرا على الأقدام لمسافة 4 كيلومترات من أجل التوعية بمبادرتنا المشتركة وللمساعدة في تعبئة الموارد لها وسينهي مسيرته في مستشفى الكرنتينا العام الذي كان يقدم الرعاية الأساسية للفئات الأكثر ضعفا- بما في ذلك الفقراء واللاجئين والعمال المهاجرين.
وسيشرع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتو في مشروع كبير بقيمة 1.5 مليون دولار لإعادة تأهيل هذا المستشفى. وفي العام المقبل سيحاول مايكل القيام بعمل غير عادي آخر إذ ينوي السير لمسافة 100 كيلومتر عبرالقطب الشمالي لتوجيه الانتباه للتأثيرات المدمرة لتغير المناخ. ولقد شجع أداء مايكل كمحترف لرياضات التحمل في لبنان على إجراء أبحاث طبية وهندسية رائدة قد تساعد عددا لا يحصى من الآخرين من ذوي الاعاقة. ونحن نرى في مايكل مصدر إلهام لنا جميعا في هذه الأوقات العصيبة فهو يضرب لنا المثل على كيفية التغلب على التحديات الهائلة إذا ما وحدنا جهودنا للعمل معا”.
وختم: “إن الأمم المتحدة تقف مع شعب لبنان في كل خطوة على الطريق اذ يتقدم ليبني بلده قدما على نحو أفضل”.
مويرو
وأكدت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان سيلين مويرو أن “الأشخاص ذوي الإعاقة كانوا من بين الفئات الأكثر تضررا جراء الأزمات في لبنان”. وقالت: “علينا الالتزام بأن نضمن تمحور الجهود الفورية للاستجابة حول احتياجات الناس وأن تنتج عمليات التعافي لبنان أفضل للجميع.
لدينا الفرصة للتأكد من عمل جهود إعادة الإعمار على إزالة الحواجز كافة التي تعيق سهولة الحركة للجميع ومن توفير عمليات التعافي فرصا حقيقية لمشاركة جميع الفئات الضعيفة، حيث يتم الاستماع إلى آرائهم والأخذ بها، والتركيز على تحسين حياتهم وسبل عيشهم”.
وبعد ختام حفل إطلاق المبادرة، أكمل سفير النوايا الحسنة الإقليمي للعمل المناخي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مايكل حداد مسيرة بيروت لإدماج ذوي الإعاقة سيرا على الأقدام لمسافة 4 كيلومترات للتوعية بأهداف المبادرة وتدشين جهود تعبئة الموارد لدعمها. بدأ حداد مسيرته من بيت الأمم المتحدة في بيروت (مقر الإسكوا) وأنهاها عند مستشفى الكرنتينا العام، وهي منشأة رائدة تقدم الرعاية الصحية الأولية للفئات الأكثر ضعفا في بيروت، بما في ذلك اللاجئين والعمال المهاجرين والأشخاص ذوي الإعاقة.
وقال مايكل حداد “يعاني واحد من كل 7 إلى 10 أشخاص في لبنان اليوم من أحد أشكال الإعاقة. هذه المبادرة الجديدة لن تخدم احتياجات هؤلاء فحسب، بل ستفيد فئات أخرى كثيرة تعاني من ظروف مماثلة تستضعفها”.
أضاف: “إن إتاحة الخدمات الأساسية وضمان سهولة الوصول إليها يعودان بالفائدة على الجميع. فضمان خلو البيئة المبنية من الحواجز التي قد تعيق الحركة بحرية ويسر يعود بالفائدة على كبار السن والأطفال وغيرهم. لذلك فإن تطوير لبنان ليكون صديقا للأشخاص ذوي الإعاقة سيجعل منه بالتأكيد لبنانا شاملا للجميع”.
وكان محترف رياضات التحمل اللبناني مايكل حداد، الذي أصيب بالشلل من الصدر إلى الأسفل، قد ابتكر نمطه الخاص في الحركة “بالمشي بنقل الخطوات”، مستخدما هيكلا خارجيا عالي التقنية لتثبيت صدره وساقيه لحفظ التوازن. وتعد مسيرة بيروت لإدماج ذوي الإعاقة هي الأولى في سلسلة من المسيرات التي يخطط لها في عدة بلدان في إطار مبادرته “خطوات لتخطي كوفيد”، والتي تهدف إلى زيادة الوعي وتعبئة الموارد للمساعدة في التخفيف من الآثار السلبية للجائحة على الفئات الأكثر ضعفا، والدعوة إلى التعافي الأخضر والشامل للجميع ما بعد الجائحة.
هذا ووزع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نداء بيروت وجاء فيه:
“1.نحن، الموقعين أدناه، المجتمعين اليوم أمام بيت الأمم المتحدة في بيروت في إطار حملة دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان، وتماشيا مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، ومبادئ “اسفير” لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في الاستجابات الإنسانية (SPHERE)،نؤكد على ضرورة إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في خطط التنمية والاستجابة لحالات الطوارئ.
2.وإذ نعي أن الأشخاص ذوي الإعاقة يحتاجون كغيرهم إلى المساعدة الفورية، ويجب أن يدرجوا ضمن المستفيدين من الاستجابات الشاملة لحالات الطوارئ وجهود التعافي، ننبه إلى أن احتياجاتهم يجب أن تكون في مقدمة عمليات التخطيط والتنفيذ. أما عدم القيام بذلك فقد يؤدي إلى استبعاد ما لا يقل عن خمس السكان المتضررين.
3.وإذ ندرك أهمية إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في كافة مسارات الحياة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، نؤكد على أن الفشل في تلبية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يحدث ضررا لا يقتصر عليهم فحسب، بل يؤثر سلبا على المجتمع بأكمله ويزعزع قدرته على التعايش وقبول الآخر ويعيق مسيرته الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
4.ونؤكد أيضا على ضرورة إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات المعنية بهم في جميع مراحل الاستجابة والتعافي وإعادة بناء مدينة بيروت بعد الانفجار، والاستفادة من خبراتهم ومعارفهم لتحديد احتياجاتهم وأولوياتهم.
5.ونؤكد كذلك ضرورة إعطاء الأولوية لتأهيل المرافق العامةالمتضررة بما فيها المدارس والمستشفيات والطرق وممرات المشاة لتكون متاحة وآمنة للاستخدام من قبل الاشخاص ذوي الإعاقة.
6.ونعلن التزامنا بالعمل على ضمان اتباع مبدأ “التصميم الشامل” المتضمن في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في عمليات إعادة بناء المنازل ومباني الخدمات العامة، ومرافق الأنشطة المجتمعية، والمساحات العامة، وممرات المشاة.
7.كما نلتزم بعدم مساندة المبادرات التي لا تستوفي معايير سهولة الوصول والاستخدام للأشخاص ذوي الإعاقة، وإعطاء الأولوية لكافة الفئات التي ستستفيد من التصميمات الهندسية الميسرة.
8.وإذ نثني على جهود التعافي الجارية حاليا، بما فيها جهود المجتمع المدني، مشددين على ضرورة التضامن المجتمعي لمواجهة الأزمات، نعيد التأكيد على التزامنا إعادة بناء بيروت بشكل أكثر شمولية وعدالة وإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، ونتعهد بتشجيع كافة الجهات وأصحاب المصلحة والشركاء الدوليين على التزام ذلك أيضا”.