مفعول الردع المتبادل بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله وجد تعبيراته في المواقف الصادرة أمس عن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه أفيغدور ليبرمان، ورئيس المعارضة الاسرائيلية في الكنيست يتسحاق هرتسوغ. الأبرز في المواقف هو التشديد على ضرورة الابتعاد عن خوض الحرب وتجنّب مغامرات جديدة، والإقرار بأن حزب الله هو التهديد الأكبر في وجه إسرائيل
وهذا الوصف، كما يظهر من ردّ نتنياهو بعد 16 عاماً، لا يزال يتفاعل ويؤثر سلباً في الوعي الاسرائيلي.
وقال نتنياهو، في احتفال في القدس المحتلة إحياءً لذكرى قتلى الحرب، إن أي طرف يعتبر إسرائيل بيت عنكبوت «سيجد جداراً من الفولاذ وقبضة من حديد (…) إذا قاتلونا فسيكون الرد كبيراً». لكنه، في المقابل، أكد أن «ليس من دواعي سرور إسرائيل أن تخوض حرباً. وإذا ساد الهدوء في أراضينا، فسينعم الطرف الآخر بالمثل. أما الجهة التي تتجرّأ وتهاجم إسرائيل، فستلاقي رداً شديد القوة»، وهو ما عُدّ رسالة تهدئة وإعلان موقف بضرورة الابتعاد عن الحرب ومسبّباتها.
وفي كلمة أخرى لنتنياهو من على منبر الكنيست، أقرّ من جديد بإخفاقات الحرب والفشل في تحقيق أهدافها، لكنه شدد على أن الجيش الاسرائيلي «استخلص العبر». وأوضح: «كان في حرب لبنان الثانية تقصير وإخفاقات، وخيضت بشكل متردد مع كثير من الاخطاء، على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي. خضنا الحرب بلا جاهزية، ولا يمكن فصل الاخطاء التي سبقت الحرب عن التطورات بعدها، إذ إن حزب الله رأى في إسرائيل دولة ضعيفة ومتعبة من خوض المواجهات ومن الدفاع عن نفسها». وأكد أن الجيش الاسرائيلي «بات الآن على قدر من الجاهزية والاستعداد لتوجيه ضربة قاصمة الى أعدائنا إذا أُجبرت إسرائيل على خوض معركة قتالية».
وأشار رئيس الحكومة الاسرائيلية الى أن «حزب الله هو ذراع إيرانية. وبدعم من إيران حوّل لبنان الى مستودع هائل للسلاح». نتنياهو أغفل الحديث عن إمكانات إسرائيل لمواجهة هذا «المستودع الهائل من السلاح»، الذي ينمو ويزداد حجماً وقدرة تهديد بصورة متواصلة، وانتقل الى الموقف من طرق إمداده، لافتاً الى أن الخطوط الحمراء الاسرائيلية واضحة، و»عملنا وسنعمل على منع نقل السلاح المتطور من إيران ومن سوريا الى حزب الله. ومن يعتقد أنه قادرعلى استهدافنا من دون أن يتلقى رداً، يكن مخطئاً كثيراً. هذا ليس مجرد كلام بل عمليات متكررة منطلقة من خطوطنا الحمراء».
ووضع نتنياهو إسرائيل الى جانب الغرب ودول «الاعتدال العربي» كـ»ضحية للإرهاب» وفي محور واحد، في مقابل وضع حزب الله الى جانب المنظمات التكفيرية. وقال: «إذا نظرنا إلى الوراء، كانت حرب لبنان الثانية نقطة تحول في العلاقات بين المتطرفين والمعتدلين في الشرق الاوسط. وهي الشرارة الأولى للتصادم بين الأصولية الإسلامية ضد العالم الحر والعالم المعتدل». وأضاف: حزب الله وحماس موقعان أماميان لإيران قرب حدودنا، وكل ما يحدث في السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط يعتبر استمراراً لهذا التحرك: إرهاب إسلامي متطرف يسعى إلى ضرب الحرية والحضارة ليس في إسرائيل فحسب، بل أيضاً في باريس ونيس وبروكسل وأورلاندو. إننا موجودون في معركة تنطوي على العالم أجمع. ولأننا نعي تماماً طبيعة التهديدات التي تواجهنا، نعدّ العدة لجميع السيناريوات».
ومن على منبر الكنيست أيضاً، وعد وزير الأمن الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأن الحرب المقبلة ستكون مغايرة، لافتاً الى أن «مرور عشر سنوات على حرب لبنان الثانية لم يمح ذكراها وما زالت جرحاً مفتوحاً لدى المجتمع الاسرائيلي». وأضاف: «الهدوء السائد على الحدود الشمالية (مع لبنان) يحتّم على وحدات الجيش أن تكون يقظة ومستعدة في حال قرر الشر أن يفتح أبوابه من هناك». وبحسب ليبرمان، «الواقع هناك (على الحدود مع لبنان) معقد، وعلينا أن ننظر اليه بحكمة وإعادة النظر في خياراتنا دائماً، مع تنمية قدراتنا وكفاءة الجيش الاسرائيلي».
واللافت في كلام ليبرمان، اليميني المتطرف صاحب الدعوات السابقة إلى الحروب والمعارك، تأكيده أن «إسرائيل لا تبحث عن مغامرات رغم أنها جاهزة في كل جبهة أمام أعدائها». وقال: «انطلاقاً من مسؤوليتي على رأس المؤسسة الامنية، ومن واجبات الجيش، أن نتذكر العبر الاليمة لحرب لبنان الثانية، وأن نتأكد من أننا سنكون جاهزين ومدربين للحرب المقبلة، ومصممين على منع نشوبها أيضاً».
رئيس المعارضة الاسرائيلية في الكنيست، يتسحاق هرتسوغ، أقرّ بدوره بإخفاقات حرب عام 2006، ورأى أن فيها «إخفاقات قديمة – جديدة»، لافتاً الى أن «حزب الله يشكل أكبر تهديد يمكن أن تواجهه إسرائيل، وهو يزداد قوة وخبرة قتالية جراء تدخله العسكري في الحرب السورية»، وطالب بـ»ضرورة أن تعمد إسرائيل الى وضع تصورات جديدة للحروب، ما يمكنها من الحسم السريع في وجه أعدائها».
ريفلين: إن لم ننتصر على حزب الله… فلا فرصة ثانية
أكد الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، في الكلمة التي ألقاها في ذكرى قتلى الحرب، على ضرورة «رصّ الصفوف» في الجبهة الإسرائيلية والاستعداد المبكر لخوض الحرب المقبلة «في حال اضطرار إسرائيل إلى خوضها»، لافتاً إلى أنها ستكون صعبة، لكن لا يمكن إسرائيل أن تسمح بأن لا تحسم فيها.
وحثّ ريفلين القادة الإسرائيليين على النجاح في الحرب المقبلة، و»السبب يا أصدقائي أنه لن تكون لدينا فرصة ثانية، فليس لدينا امتياز كي لا نكون جاهزين ولا مبرر كي لا نرى الأخطار المقبلة علينا. فحزب الله لم يوقف جهوده لإزالة إسرائيل».
صحيفة الاخبار