كتبت صحيفة النهار تقول: يتّخذ العد العكسي للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة بعداً دقيقاً للغاية، اذ ستشكل الساعات الأربع والعشرون المقبلة الفاصلة عن موعد بدء الاستشارات في قصر بعبدا قبل ظهر غد الاثنين طابع حبس الأنفاس في انتظار ما ستحمله من تطورات مفصلية من شأنها أن تقرر مصير الاستحقاق الحكومي.
ومع أنّ الساعات الأخيرة لم تتسم ظاهريا بأي تحركات علنية بارزة بل غلب على المشهد الداخلي جمود كبير فان ذلك لم يعكس حقيقة مجريات حركة الاتصالات والمشاورات المحمومة في الكواليس وبعيداً من الأضواء حيث اتسمت بكثافة، كأنها في سباق مع الوقت القليل المتبقي قبل انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة. ويمكن اختصار الواقع السياسي المتصل بهذه المشاورات والاتصالات الجارية بأنّها تتجه نحو زاوية محددة تقوم على ان يسمي الرئيس سعد الحريري مرشحا لتولي تأليف الحكومة وان يحظى هذا المرشح بتزكية سياسية ونيابية واسعة بدءا بتبني ترشيحه من الثنائي الشيعي “أمل” و”حزب الله”، مرورا بقوى أخرى وازنة. ولكن المعلومات والمعطيات التي سادت مساء امس اتسمت بتضارب واسع حيال هذه النقطة المحورية، اذ أفادت معلومات قريبين من قوى 8 آذار ان الثنائي الشيعي كان ينتظر ان يبلغه الرئيس الحريري امس اسم المرشح الذي اختاره ولكن ذلك لم يحصل . كما تردد على نطاق واسع ان الأسماء الأكثر ترجيحا لتسمية احدهم من الرئيس الحريري هم ريا الحسن وسمير الجسر ورشيد درباس مع ان أوساط بيت الوسط لا تتناول اطلاقا موضوع التسميات ولا توحي اطلاقا بعد بان الرئيس الحريري هو في وارد تسمية او عدم تسمية أي مرشح.
في ظل هذه الضبابية المتصاعدة في أجواء المشاورات والاتصالات السياسية، تقول أوساط سياسية واسعة الاطلاع لـ”النهار” أنّ الساعات المقبلة ستتسم بأهمية حاسمة فعلاً، لأنّ مجريات الاستحقاق الحكومي باتت الان اشبه باستحقاقين: الوجه الأول منه يمثله الالحاح القوي لأحداث ثغرة كبيرة في الواقع الداخلي الآخذ في التفاقم والتأزم من خلال تفعيل سريع للتكليف والتأليف الحكومين وتشكيل حكومة تحظى بصدقية داخلية وخارجية وتكفل بداية انتشال لبنان من الهوة المخيفة التي سقط فيها. أما الوجه الثاني فيتصل بصدقية الرعاية الفرنسية للواقع اللبناني في ظل اندفاع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الانخراط بقوة تذكر باندفاعات سلفه جاك شيراك حيال لبنان، وهو أمر بات من الأهمية الكبيرة بمكان بحيث يصعب أي انتكاسة او تراجع لهذه الرعاية، خصوصا ان ثمة معلومات مؤكدة عن تنسيق واسع أجرته وتجريه باريس مع الولايات المتحدة ودول أخرى في شأن ما تتولاه في لبنان. ولذا تنظر الأوساط الى مناخ الاتصالات الداخلية الجارية حاليا من زاوية المحاولات المتقدمة جدا لتمهيد الأجواء أمام اختراق يفترض ان يحصل في الساعات المقبلة ويكون الفاتحة لانجاز الاستشارات النيابية بإعلان اسم رئيس مكلف لتأليف الحكومة الجديدة قبل ساعات قليلة جداً من وصول الرئيس الفرنسي الى بيروت، وليس فتح ازمة كبيرة وشديدة الخطورة في حال عدم التوصل الى تسمية أي مرشح او اطاحة الاستشارات من خلال تأجيلها.