كتبت صحيفة الديار تقول: هل صدر القرار الاميركي بعدم الاسترسال في التصعيد والضغط على لبنان؟ وهل صحيح ان الادارة الاميركية في صدد الفصل بين لبنان وسوريا بشأن قانون قيصر؟ وما هي المؤشرات على تليين الموقف الاميركي المتشدد؟
بعد التصعيد العنيف الذي تمثل بالحديث الصحافي للسفيرة الاميركية دوروثي شيا للفضائية السعودية “العربية” وما تبعه من تداعيات اكان في الشارع او على صعيد الرد الرسمي اللبناني والقرار القضائي للقاضي المستقيل محمد مازح. بعد كل ذلك وما رافقه من تسريبات ومحاولات لاسقاط حكومة دياب برزت مواقف وتحركات تؤشر الى ان التصعيد وصل الى الذروة وان ثمة نتائج محتملة قد تؤدي الى توتر وانفجار الموقف.
ووفقاً للمعلومات التي توافرت في الايام القليلة الماضية، فان المواقف والاشارات التي رافقت تحركات السفيرة الاميركية لا سيما اللقاءين اللذين اجرتهما مع رئيسي مجلس النواب والحكومة اوحت بان هناك مرونة نسبية طرأت على موقف واشنطن تختلف الاراء حول توصيفها وتقييمها.
واذا كان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قد وصف الموقف الاميركي المستجد بانه تكتيكي، فان اكثر من مصدر مطلع يرى بان الادارة الاميركية فرملت الهجمة الشديدة التي بدأتها منذ اسبوعين، وفضلت ان تفتح اذنيها للاستماع الى المسؤولين والحكومة اللبنانية.
وتقول المعلومات ان ما عزز الاعتقاد بان الادارة الاميركية اظهرت بعض المرونة في تليين موقفها المتشدد من دون التخلي عن نهج الضغط الذي تمارسه منذ اشهر على لبنان، هو بروز بعض الاشارات التي توحي بالتراجع عن اندفاعها التصعيدي الاخير وفي مقدمها التسليم بعدم جدوى من الضغط على الحكومة للاستقالة في الوقت الحاضر بدليل لقاء الخبز والملح المطول الذي جمع السفيرة شيا مع الرئيس دياب في السراي، هذا عدا عن اللهجة المرنة التي عبرت فيها عن استعدادها لدرس مطالب لبنان عندما زارت عين التينة والتقت الرئيس بري في اجواء وصفت بانها كانت بعيدة عن التشنج او التوتر.
وفي هذا المجال قال مصدر مطلع في 8 اذار لـ “الديار” امس ان مصدر هذا التراجع الاميركي النسبي حتى الآن هو “انهم احسّوا بالسخن عندما تأكدوا ان رغبة لبنان بالتوجه نحو الشرق وتوسيع خياراته باتجاه الصين والعراق وايران ليست مجرد مناورة او عملية جسّ نبض، وان هناك توجها جدياً لتسريع التحرك اللبناني في هذا الاتجاه. لذلك اراد الاميركيون ان يتخذوا خطوة استيعابية في اطار اظهار ليونة في مكان ما. وترجمت السفيرة شيا هذا الامر باعرابها للرئيس بري عن الاستعداد لدرس مطالب لبنان ومنها الاستثناءات المتعلقة بلبنان في شأن تنفيذ “قانون قيصر”.
واضاف المصدر “ان الادارة الاميركية تفضل المرونة في تعاون لبنان نفطياً مع العراق بدلا من الخيار الايراني”، مشيرا الى ان زيارة الوفد الوزاري العراقي الاخيرة للبنان كانت ايجابية وستتابع في المرحلة القريبة من خلال رفع وتيرة اللقاءات المتبادلة. ولم يستبعد ان يحصل لقاء على مستوى رئيسي حكومة البلدين او استكمال هذا المنحى من خلال وفد وزاري لبناني قريباً للعراق.
وكشف المصدر استناداً لمعلومات موثوقة بان البحث سيتركز على تعزيز هذا التعاون مع العراق ليشمل المجالات النفطية والزراعية وتبادل الاستثمارات.
واشار الى ان هناك بحثاً جدياً في كيفية استيراد مادة الفيول الثقيل بعد انجاز الاتفاق على هذا الموضوع، بحيث ان هناك فكرتين الاولى بنقل هذه المادة عبر البواخر او عبر البر من خلال سوريا، وهذا يقتضي بطبيعة الحال التواصل مع دمشق ايضاً.
ولفت المصدر المطلع في 8 اذار الى ان واشنطن قادرة على لعب دور مهم في تحسين ظروف تفاوض لبنان مع صندوق النقد، آملا في ان يكون استئناف التفاوض اشارة ايجابية للدفع بهذه العملية نحو الامام، دون ان ننسى مسؤولياتنا وواجباتنا في مسألة تحقيق الاصلاحات المطلوبة والتي هي حاجة لبنانية قبل ان تكون حاجة لهذا التفاوض.
وفي الاطار نفسه حرص مصدر ديبلوماسي واسع الاطلاع على عدم المبالغة في تقويم التعديل النسبي الذي طرأ على الموقف الاميركي في الايام القليلة الماضية وقال لـ”الديار” امس: “ان السفيرة الاميركية بتعليمات من ادارتها اعربت عن جهوزية الولايات المتحدة في درس مطالب لبنان، لكنها طالبت اللبنانيين في تحديد وتفعيل هذه المطالب لدرس كل مطلب على حدة”.
واضاف المصدر “ان الايجابية التي يجري الحديث عنها تكمن في اظهار قابلية اميركية بالتجاوب مع التعامل مع مطالب لبنان. لكن هذه المطالب لم تطرح بالتفصيل وهي ستكون معرض بحث في المرحلة القريبة المقبلة”.
وعن قبول الادارة الاميركية او تعاطيها الايجابي مع فكرة التعاون النفطي اللبناني العراقي قال المصدر “ان السفيرة الاميركية لم تتكلم بالوضوح الكافي حول هذه النقطة، لكن الادارة الاميركية تفضل مثل هذا الخيار على خيار التعاون بين لبنان وايران”.
وحول مؤشرات استئناف المفاوضات مع صندوق النقد اوضح المصدر ان ما يمكن الحديث عنه حتى الان هو اننا في مرحلة استكمال الاجتماعات بعد الجمود القصير الذي حصل في الاسابيع القليلة الماضية، واننا ما زلنا في اول الطريق خصوصاً في ما يتعلق ببحث الاصلاحات. واشار الى ان تعيين مجلس ادارة الكهرباء اشارة ايجابية تضاف الى التعيينات المالية التي صدرت سابقاً لكن خطوات كثيرة يفترض ان تحصل لاحقاً منها استكمال حلقات ملف اصلاح الكهرباء، واستقلال القضاء وقانون المشتريات العامة الذي ينكب المجلس النيابي على درسه. هذا اضافة الى توحيد الموقف اللبناني في مقاربة خطة الحكومة والحسابات والارقام.
دياب مرتاح
وفي هذه الاجواء المستجدة بدا رئيس الحكومة حسان دياب مرتاحاً اكثر رغم العبء الكبير الذي ترزح تحته البلاد، وزار امس دار الفتوى يرافقه وزير الداخلية محمد فهمي حيث استقبله المفتي عبد اللطيف دريان بطريقة اوحت بانها تعكس اجواء من التطبيع وترطيب الاجواء بعد التوتر الشديد الذي ظهر في مواقف دار الفتوى الاخيرة تجاه الحكومة ورئيسها.
ولدى سؤاله عن استقالة الحكومة وكان الى جانبه المفتي دريان اكد الرئيس دياب عدم استقالة الحكومة، واصفاً بان هذا الخبر يندرج في اطار الاخبار الكاذبة والملفقة. وقال “اننا نعمل بزخم من اجل تخفيف الاعباء على المواطنين”.
ورداً على سؤال حول لقائه السفيرة الاميركية اول امس قال “تداولنا بعدة مواضيع وابدت الاستعداد لمساعدة لبنان”.
وفي قضية المفاوضات مع صندوق النقد شدد دياب على اننا “بدأنا نتحدث مع الصندوق عن الاصلاحات الاساسية المطلوبة والبرنامج الذي يجب ان يتم التوافق عليه بيننا وبينهم”.
ووصفت مصادر رئيس الحكومة بان الاجواء في الايام القليلة الماضية بدت افضل، وان هناك مؤشرات ظهرت تدل عن بروز رغبة في مساعدة لبنان من دول عربية عديدة ومنها الكويت وقطر. وكان الرئيس بري قد تحدث في وقت سابق عن مثل هذه الاجواء بعد لقائه الاخير مع سفير الكويت في بيروت.
وذكرت معلومات ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم سيزور اليوم الكويت حاملاً رسالة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يكشف النقاب عن مضمونها.
الدولار يتراجع
على صعيد آخر استمر الدولار الاميركي بالهبوط امس بعد ان كان وصل سعره في نهاية الاسبوع المنصرم الى 9500، وسجل امس هبوطاً جديداً حيث تراوح سعره في السوق السوداء بين 6800 و7200 ليرة.
وقال مصدر مطلع لـ”الديار” ان هذا الهبوط يؤكد ان حركة الدولار ناجمة عن عوامل عديدة ومنها اللعب السياسي بسعره، مشيراً ايضاً الى ان الاجواء التي سادت في اليومين الماضيين ساهمت ايضاً في هذا الهبوط بالاضافة الى تزايد حركة عرض الدولار عن السابق.
كنعان لـ”الديار”
وفي اطار متابعة عناوين الملفات المطروحة قال رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان عن مصير تقرير لجنة المال حول خطة الحكومة والارقام والحسابات ومفاعيله ان : “التقرير يحظى بدعم واسع من مختلف الكتل النيابية، وهو كناية عن اقتراحات عملية لردم الهوة بين اركان الوفد الحكومي المفاوض، وهو بعهدة رئيس المجلس النيابي. وقد اعطت اللجنة الحكومة فرصة لتصحيح الخلل، في خطتها بالمقاربات والارقام والمعالجات بشكل يؤدي الى الحفاظ على حقوق المودعين. فالحكومة ستأتي عاجلاً ام آجلاً الى المجلس النيابي لترجمة خطتها من خلال مشروع القرض وغيره من مشاريع القوانين المطلوبة لتنفيذ الخطة، واذا تجاهلت موقف الجلس لن تستفيد شيئاً وستتحمل مسؤولية هدر الوقت وضياع فرصة التمويل من صندوق النقد”.
وعما يحكى عن السعي الى الى تكليف شركة جديدة في التدقيق المالي مع مصرف لبنان قال : “التدقيق مطلوب في كل حسابات الدولة ومؤسساتها العامة، ولا علم لي بشركة جديدة او قديمة فهذا الموضوع يبحث في الحكومة، وعلينا التعاطي معه من موقع المسؤول والمؤتمن على اموال الشعب. وفي هذا الاطار، اسأل عن قطوعات حسابات الدولة من العالم 1993 حتى اليوم بعد ان اكتشفت لجنة المال والموازنة عدم صحتها في العام 2010 ودفعت باتجاه اعادة تكوينها طيلة السنوات الماضية فاين اصبح التدقيق بها وهل انجزت فعلا؟ ولماذا التأخير في الانتهاء من تدقيقها واحالتها الى المجلس النيابي”.
وماذا بعد استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟ يقول كنعان: “اي مفاوضات من دون الاتفاق على المقاربات والمباشرة بالاصلاح هي هدر للوقت ولن تؤدي الى نتيجة، وهذا موقف صندوق النقد ايضاً. يكفينا وعود وهروب الى الامام”.
وعما اذا كان هناك مرونة في الموقف الاميركي اليوم قال: “لنقم بواجبنا اولاً قبل ان نطلب من الآخرين المساعدة، ولنباشر بالاصلاحات المطلوبة التي تفتح للبنان الابواب المقفلة وتليين التشدد في التعامل معه اليوم”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: تعليمات أميركية جديدة للسفيرة شيا : جاهزون لفتح آذاننا لمطالب لبنان دياب يتحرك بثقة ويزور المفتي: الحكومة باقية واستقالتها اخبار مُلفقة التعاون النفطي مع العراق على النار ومعلومات عن فتح أبواب الكويت وقطر