فيما بدا القصر الجمهوري منشغلاً بإحتساب عدد الشخصيات السياسية التي أكدت حضور اللقاء الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون الخميس المقبل، وذلك بعد إعلان العديد من المدعوين مقاطعة اللقاء “لأن لا فائدة منه” على حد تعبيرهم، متذرّعين بأن اللقاءات السابقة “لم تفضِ إلى شيء وبقيت مقرراتها حبراً على ورق”، و”كذلك سيكون مصير القرارات التي قد تتمخض عن هذا اللقاء”، فقد أبلغت مصادر متابعة لـ “الأنباء” أن بعبدا باتت أمام أزمة في كلا الخيارين: اذا حصل التأجيل فإن رئاسة الجمهورية ستظهر عاجزة عن اقامة لقاء حواري بفعل ضغط قوى سياسية معارضة، وإذا ما انعقد اللقاء فسيكون مبتوراً ناقصاً في التمثيل الوطني الواسع، وستُعيّب أي قرارات قد تصدر عنه بعدم الميثاقية.
وفيما أكد الرئيس عون أن “الدعوة لهذا اللقاء هي لتحصين السلم الأهلي على خلفية الحوادث التي شهدتها بيروت وطرابلس في التظاهرات الأخيرة، ووضع الأطراف السياسية أمام مسؤولياتهم”، اعتبر رؤساء الحكومات السابقون أن “إعتذارهم عن المشاركة هو إعتراض صريح على عدم قدرة السلطة على إبتكار الحلول التي تنقذ لبنان من أزمته الخانقة”، وبالتالي فإنهم يعتذرون عن حضور “إجتماع بلا أفق”.
وفي المواقف من اللقاء الوطني، أعربت مصادر عين التينة عن أسفها لقرار رؤساء الحكومات السابقين، وكشفت لـ”الأنباء” أن “رئيس مجلس النواب نبيه بري يبذل قصارى جهده لإنجاح هذا اللقاء نظرًا لأهميته في هذه الأوقات المفصلية من تاريخ لبنان، الذي هو أحوج ما يكون في هذه الأيام للمّ الشمل والعمل سويا لإنقاذه من هذه المحنة التي يتخبّط بها”. وإذا كان للذين لن يشاركوا في هذا اللقاء أسبابهم المشروعة، فإن الواجب الوطني بحسب مصادر عين التينة “يفرض على الجميع تحمل مسؤولياتهم في هذه الظروف الصعبة”. المصادر رأت أنه “حتى الساعة لا مؤشرات توحي بتأجيل اللقاء، اللهم إذا كانت رغبة الرئيس عون إجراء المزيد من المشاورات، عندها يكون التأجيل مبرراً”.
عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أنيس نصّار، الذي ترك قرار مشاركة القوات اللبنانية الى يوم الاربعاء، اعتبر في حديث لـ “الأنباء” أن “الكلام الإستفزازي الذي أطلقه قبل أيام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير نسف اللقاء، بدليل عدم مشاركة رؤساء الحكومات السابقين”، سائلاً عن مصير اللقاءين اللذين عقدا في القصر الجمهوري، الأول في الثاني من ايلول 2019 والثاني في السادس من أيار 2020، “فأين التوصيات والقرارات التي صدرت عنهما، ثم جاء الرئيس حسان دياب ليقول أنه نفد 97% من الإصلاحات التي وعد بها، فأين هي تلك الإصلاحات فيما أسعار الدولار تجاوزت كل السقوف؟”.
القيادي في “تيار المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش وصف موقف رؤساء الحكومات السابقين بعدم المشاركة في لقاء بعبدا “بالمنطقي والمتجاوب مع مطالب الناس، لأن الرئيس عون لم يستطع إقناع القوى السياسية بضرورة المشاركة، فالكل يعرف حجم الكارثة الواقعة، وأن إجتماعات من هذا النوع لن تقدم ولن تؤخر”، مستبعداً رغم ذلك تأجيل اللقاء.
وفي غضون ذلك بقيت مسألة توقيف الناشطين واستدعائهم موضع استنكار واسع، وقد علق النائب نصار على ذلك بالقول: “إذا كان هناك بعض المأجورين يقومون بأعمال تخريبية بهدف شيطنة الثورة، فلماذا لا تقوم السلطة بإعتقالهم ووضعهم في السجون؟ ولماذا يتركون أحراراً وتتم ملاحقة الناشطين المسالمين بسبب إنتقاداتهم للأداء المتبع من قبل السلطة؟”.
الا أن المسألة التي تتوجس منها غالبية الشعب اللبناني والتي ربما تنذر بانتفاضة شعبية جديدة على غرار ما فعلته ضريبة الواتساب الشهيرة التي أطلقت شرارة 17 تشرين، تكمن في خطة تعدها وزارة الإقتصاد تقضي برفع الدعم عن المواد الأساسية واستبدالها بقسائم، وقد حذرت مصادر سياسية من مغبة الإقدام على مثل هذه الخطوة التي تحتاج الى درس دقيق لا تسرع وتهوّر امتازت بهما حكومة دياب.
النائب أنيس نصار، أكد ان ما يطرحه وزير الإقتصاد “خطوة غير مستحبّة في هذه الظروف، وعندما يتخذ مجلس الوزراء قرارا بهذا الأمر هذا يعني أن الثورة ستنطلق من جديد، وأن أكثر من مليوني لبناني سينزلون إلى الشارع. ويؤسفني القول لقد جاع شعب لبنان العظيم”.
من جهة ثانية، وفي موضوع زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا إعتبر الدكتور مصطفى علوش بإعتباره طبيب صحة عامة، أن “لبنان مثله مثل أي بلد في العالم، وطالما أنه لا يوجد اللقاح المطلوب سيبقى تحت خطر كورونا، وإن هذه الحالة قد تستمر حتى يصاب 70% من الناس، وعندها يصبح هناك مناعة القطيع (كل صاحب مناعة لا يصاب بالعدوى)”، مستبعدا عودة الإجراءات الوقائية وتشديد التعبئة العامة “لأن العالم يتجه للتعاطي مع كورونا مثل أي وباء آخر، مع إعتماد الوقاية الذاتية”؟
مصادر طبية شددت في إتصال مع “الأنباء” على الإبقاء على الإجراءات الوقائية والتباعد وعدم الإختلاط لأنها من أفضل العلاجات الوقائية، مؤكدة على جهوزية المستشفيات الحكومية والخاصة لإستقبال المرضى في حال زادت اعداد المصابين.