طرحت مسألة رفض رئيس الجمهورية ميشال عون التوقيع على التشكيلات القضائية وردها الى مجلس القضاء الأعلى أكثر من علامة استفهام حول كيفية تعاطي مجلس القضاء مع هذا الرفض، وما اذا كان سيعيد النظر في هذه التشكيلات وفق ملاحظات عون عليها أم سيتمسك بها، ما يعني تجميدها الى أجل غير مسمى في سابقة لم يحصل مثيل لها منذ عقود، ما خلى الوضع المشابه في عهد إميل لحود.
وقد أكدت مصادر قضائية عبر “الأنباء” أن عدم توقيع رئيس الجمهورية على التشكيلات يزيد الأوضاع في لبنان تعقيدا، ودعت إلى “عدم المراهنة على قهر القضاة، او دفع رئيس مجلس القضاء القاضي سهيل عبود الى الاستقالة، لأنه أكد أن استقالته من رئاسة مجلس القضاء الأعلى ليست واردة على الإطلاق، وأنه لن يقبل على نفسه هذا التصرف لأن ذلك يعني تحويل القضاء الى مطية في يد السياسيين، وهو مصمم على المواجهة مهما كانت النتائج، ويرفض ان يسلّم رقبة القضاء الى تيارات وأحزاب من أجل الابقاء على سياسة الفساد والسمسرات الى ما لا نهاية”.
المصادر القضائية لفتت الى انها “المرة الأولى بتاريخ القضاء اللبناني التي يصرّ مجلس القضاء الاعلى فيها على التشكيلات التي وضعها كما هي، وفي حال لم تُقر فهذه تعتبر بمثابة نكسة وعرقلة لعمل القضاء”.
وفي سياق متصل، اعتبرت مصادر سياسية في حديث مع “الأنباء” أن ما يجري على الساحة اللبنانية “أبعد بكثير من رفض التوقيع على التشكيلات، لأن الحصار الاقتصادي المفروض على لبنان يتجاوز الخلافات الداخلية، وانهيار الاقتصاد في سوريا يسابق الانهيار في لبنان، والتداعيات باتت للأسف مترابطة في ظل استمرار ربط الاقتصادين ببعضهما البعض، إن عبر عمليات التهريب للسلع المدعوة، أو ارتفاع سعر الدولار ومحاولات امتصاصه من السوق اللبنانية الى السورية، او لناحية العقوبات الأميركية على سوريا وعلى كل المتعاملين معها”.
ورأت المصادر أن “سوء ادارة ملف المفاوضات اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، وبالأخص ما هو مرتبط بموضوع الاصلاحات في ملف الكهرباء والقضاء وإدارة الدولة، لا يوحي بتجديد الثقة بين لبنان والمجتمع الدولي بعد وصول اشارات سلبية تشير الى امتعاض خبراء الصندوق من التباينات لدى الفريق اللبناني المفاوض”، وقد أشادت المصادر في ظل كل ذلك بوجود “ثلاثة قطاعات لم يستطع العهد تطويعها وهي قيادة الجيش ومصرف لبنان والقضاء”.
وفي غضون ذلك يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة استثنائية على جدول أعمالها بند أساس، وهو التعيينات، التي ستخرج نسخة منقحة في المحاصصة، وسط تساؤلات عن قانونية بعضها.
وقد رفضت مصادر عين التينة عبر “الأنباء” ما تناولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الاعلام لناحية أن تقديم موعد جلسة مجلس الوزراء الى الاربعاء انما هو من أجل تمرير تعيين احد المدراء المحسوبين على حركة أمل نظرا لبلوغه سن الأربعين يوم الخميس، وهو من خارج الملاك، ما اضطر المجلس الى تقديم موعد الجلسة. فنفت مصادر عين التينة أي علاقة لها بهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد. وليل أمس صدر بيان عن حركة أمل مجددا نفي اي علاقة لها بتقريب موعد انعقاد الجلسة.
كما شددت مصادر عين التينة على حرص الرئيس نبيه بري على آلية عمل المؤسسات وعلى عدم التدخل في مثل هذه الأمور.
الا ان مصادر مطلعة تحدثت عبر “الأنباء” عن طبخة محاصصة غير مسبوقة تفوح منها رائحة المحسوبيات، وهو الاسلوب نفسه الذي اعتمد في تشكيل الحكومة، والحصة الكبيرة ستكون من نصيب فريق دون سواه، الأمر الذي استنكره المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى الذي انعقد أمس بحضور الرئيس سعد الحريري، رافضا التعيينات من خارج آلية التعيينات التي أقرها مجلس النواب.
على صعيد آخر، انشغلت الأوساط التربوية في اليومين الماضيين بدراسة وتحليل تشكيل لجنة من المستشارين لوزير التربية طارق المجذوب لرسم خطة تربوية للعام 2020 – 2021 دون الوقوف على رأي الهيئات التربوية والروابط التعليمية في الوزارة، او استشارتهم في موضوع يدخل في صلب اختصاصاتهم.
وفي هذا السياق، أعربت مصادر تربوية عبر “الأنباء” عن أسفها لأسلوب تغييب الكوادر العلمية وأصحاب الخبرة، معتبرة ان سياسة تجاهل هؤلاء عن الخطط التي يتم الاعداد لها امر يثير الريبة. وأشارت الى ان الوزير طارق المجذوب منذ تعيينه، يدير القطاع التربوي بطريقة مغلوطة وغير معتمدة في أي دولة من دول العالم، واصفة قراراته بالخاطئة بحق الطلاب والمعلمين على السواء.
المصادر سألت عن التحضيرات في المدارس الرسمية لاستقبال الطلاب الذين سيعودون اليها من المدارس الخاصة، وأين ورش تأهيل المدارس التي تم اقفالها ضمن سياسة التجميع التي أقرت في عهد الوزير الأسبق حسن منيمنة لأنه ثمة حاجة ماسة اليها في هذا الظرف؟ وماذا عن القدرة الاستيعابية لتلك المدارس التي تتطلب إعادة تأهيل، وهل تدخل هذه المسألة في خطة المجذوب واللجنة التي أمر بتشكيلها؟
ومن وحي هذا التخبّط الحاصل، غرّد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عبر “تويتر”، قائلاً: “ظننت أن القذافي مات لكن يبدو انه تقمص في مجلس الوزراء اللبناني الذي يتأثر بالطرح الجماهيري وشعاره اللجان في كل مكان وخاصة لجنة التربية الجديدة. وفي هذا المجال أنصح بأن نختصر التربية ونلغي جميع المناهج ونعتمد الكتاب الاخضر الذي فيه كل الحلول حتى مع البنك الدولي”.